رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفي الحرب سبع فوائد.. لأمريكا طبعًا


لم أندهش على الإطلاق من أن تضرب أمريكا سوريا.. لم أندهش أصلًا من فكرة أن يحدث ذلك خارج أى إطار قانونى أو دولى.. فقط أندهش من أولئك الذين يستغربون أن يحدث ذلك.
هل لا يزال لدى البعض شك فى أن الأمم المتحدة ماتت من زمان.. وأن مجلس الأمن ده.. مجلس لأمن من يريده «الأقوى» فى أمان.. مين اللى قال إن المنظمات دى عملت حساب لأى دولة فقيرة أو ضعيفة فى يوم من الأيام؟.
من يراهنون على الضمير الإنسانى فى تحديد مصائر العالم واهمون.. ولم يقرأ أحدهم لا تاريخه ولا «تاريخ الحكم» فى أى وقت.. ومن يتصورون أن استخدام الكيماوى أو حتى النووى أمر جديد فى صراع «القوة» واهمون أيضًا.. ألم يسمع هؤلاء عن هتلر؟.. ألم يتكلم أحدهم عن جنكيز خان؟.
لقد قرأت منذ سنوات أنه حين دخل ابنه على رأس الجيش لإحدى مدن «خراسان» جمع كبارها بعد أن خدعهم بأنه يتفاوض معهم ليجنب مدينتهم الحرب.. وليستعين بهم فى حرب مدينة تليها.. ولما اجتمعوا دمرهم جميعًا.. ثم استولى على أموالهم.. وضاجع نساءهم أمام أهل المدينة.. ولما انفتحت أبواب المدينة التالية لم يترك طفلًا ولا امرأة فى المدينة التى قيل إن من بين أبنائها شمس الدين التبريزى.
وهنروح بعيد ليه.. هيه اليابان دى بعيدة عن أذهاننا؟!.
الحرب هى الحرب يا سادة.. ترامب ولا أوباما.. ولا هتلر ولا مش عارف مين لا فرق بين أحد منهم.. هم يخططون لذلك منذ سنوات بعيدة.. وفكرة تقسيم سوريا موجودة منذ زمن بعيد.. منذ تم زرع ذلك الكيان الصهيونى فى أراضينا وحلم القضاء على جيش «الشام» و«جيش مصر» والاستيلاء على مواردها الطبيعية والجغرافية فى المقدمة مما يبتغون.. طب بنستعبط ليه؟!.
أمريكا هى المستفيد الأول من الحرب فى سوريا.. سواء ضربوها بالصواريخ أو حارب الدواعش بالنيابة عنهم.. سواء صبوا عليها نيرانهم الحديثة أو اكتفوا بدعم «جيش النصرة».. النتيجة واحدة.. إنهاك وتدمير البنية التحتية لسوريا.. «جيشنا الأول لو تعلمون».. ثم وثانيًا.. كسر نفوذ الروس فى هذه المنطقة.. ثم وثالثًا مداعبة أنف إيران الحليف الدائم لسوريا.. ثم ورابعًا قطع ذراع حزب الله العدو الأول لإسرائيل وأمريكا.. ثم وخامسًا «تحنين» أهل الخليج لتدر بقرتهم لبنًا وعسلًا.. ثم وسادسًا تجريب ما تنتجه المصانع الأمريكية من سلاح.. ثم وسابعًا.. إرضاء الغرور الأمريكى فى الداخل وخلق فرص عمل جديدة وإنعاش اقتصادهم.
الحكاية مش لعبة.. أو قل هى لعبة الأمم.. ونحن فى قلبها شئنا أم أبينا.. حكمت علينا قواعد التاريخ والجغرافيا أن نكون فى القلب.. وأى مرض يتعرض له الجسد السورى قطعًا سيؤثر فينا.
هذه الحرب التى بدأت.. ولتكن تلك الصواريخ المائة والعشرون بداية الإعلان عنها بشكل واضح.. لن تنتهى فى يوم وليلة.. ومن سوء حظ العرب أن تبدأ ونحن فى أضعف حالاتنا.. هى الأسوأ منذ سنوات طويلة.. دول عربية لم تعد موجودة على الأرض.. وبعضها يقاوم بأنفاس متقطعة محاولة إفشاله.. وأخرى ليس فى مقدروها سوى أن تنفذ أجندات الآخرين لإرضاء من يظنون أنه قادر على حمايتهم.
وسط هذا كله نجد من بيننا من يعتقد أنهم يحاربون بشار الأسد.. ويفرح لضرب سوريا.. ظنًا منه - أو هكذا أفهموه - أنهم ينتصرون لشعب مقهور فى مواجهة ديكتاتور.. كيف وصل بنا الحال أن نرحب بضرب بلد عربى من محتل تحت أى مسمى؟.. للأسف ما فعلته التيارات المتأسلمة التى زرعوها فى نخاع هذه البلاد، منذ بداية القرن الماضى، بعقول البعض- هو الأكثر تأثيرًا من وجهة نظرى.. هذه هى الكارثة الكبرى أن ينخر السوس فى «ألواح خشب بيوتنا» من داخلنا.. هذا السوس يبدو أن محاربته ستكلفنا الكثير ولسنوات أخرى قادمة.. مهما كانت نتائج ضربات صواريخ ترامب.. المعركة مستمرة وعلى كل الأصعدة فانتبهوا «الله يستركم».