رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم الأرض





اثنان وأربعون عامًا تمر على يوم الأرض منذ (٣٠ مارس ١٩٧٦) يوم المقاومة الفلسطينية، يوم صمود عرب ٤٨ الذين قاوموا استيلاء الغاصب الصهيونى على أراضيهم وطردهم منها.. يوم سقط عدد من الشهداء وخضبت دماؤهم الزكية الطاهرة أرض الوطن. الأرض والزرع والشجر، معلنةً الأرض أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا سنحيا فوقها وندفن تحت ثراها، إنها الأرض العِرض والشرف ومازالت مفاتيح بيوتنا معنا نسلّمها من جيل لجيل حتى يعود الحق لأصحابه.
ويمر هذا العام سبعون عامًا على ذكرى نكبة قيام دولة الكيان الصهيونى الغاصب، ذكرى سبعين عامًا من الصمود والكفاح والمقاومة المشروعة ضد بلطجة وعربدة وإرهاب الكيان المحتل وعدوانه المستمر على البشر والحجر والشجر، وضد المستوطنات الصهيونية غير المشروعة وضد تهويد معالم القرى والمدن والمقدسات الفلسطينية العربية.
تمر هذه الذكرى وسط تخاذل وصمت من الأنظمة العربية بل تتردد بقوة بعض تفاصيل (صفقة القرن) والتى جاءت مع مجىء دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، رئيس تجار العالم الذى لا يعرف إلا لغة الهيمنة والتجارة والمكسب، والذى أعلن أن القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، وأنه سينقل سفارة بلاده إلى القدس فى مايو، أى فى ذكرى مرور سبعين عامًا على اغتصاب فلسطين وقيام دولة إسرائيل، مؤكدًا دعمه ودعم بلاده للعدو الصهيونى.
هذا غير ما تسرب وقيل عن صفقة القرن التى يحملها ويفرضها علينا ترامب والتى تتكون من شقين: الشق الأول يقوم على إقامة دولة فلسطينية تشمل قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية المقسمة حاليًا إلى ثلاث مناطق (أ) و(ب) و(ج) تبعًا لدرجة السيادة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، على أن تكون المنطقتان الأوليان ضمن حدود الدولة المرتقبة وتكون عاصمتها بلدة أبوديس أو رام الله وليس القدس الشرقية، على أن يتقرر الاتفاق على تبادل الأراضى والحدود النهائية فى المفاوضات فى ظل الإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية مع إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا الحل من وجهة نظر ترامب يدخل فى إطار حل الدولتين. أما إسرائيل فتجد أن الحل لا يخرج عن حكم ذاتى لفلسطينيى الضفة يربطهم باتحاد كونفيدرالى مع الأردن وتكون غزة تحت حكم إدارى مصرى.
وهذا يعنى، يا سادة يا كرام، تصفية القضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
والشق الثانى من الصفقة يتناول تحت عنوان «السلام الإقليمى» إقامة حلف عربى من الدول «السنيّة» لمواجهة إيران «الشيعيّة» وتكون إسرائيل جزءًا من هذا الحلف. وهذا ما أشار إليه رئيس وزراء العدو الصهيونى بنيامين نتنياهو أثناء زيارته أمريكا منذ ما يقرب من أسبوعين.
وينبغى الإشارة إلى أن ترامب يحاول تعضيد وجهة نظره وسياساته عن طريق إقالة من لا يتفق معه من قيادات مثل إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين بدلًا منه مدير المخابرات المركزية الأمريكية المعروف بتشدده، كما أقال فى الأيام الأخيرة مستشاره للأمن القومى هربرت ماكماستر، وعين بدلًا منه جون بولتون (من المحافظين الجدد) الذين يُطلق عليهم الصقور، والمعروف بمواقفه المتطرفة لمصلحة إسرائيل وضد العرب. وهو من المؤمنين بضرب إيران بالقنابل ولا يرى ما يمنع من استخدام الأسلحة النووية ضد أعداء أمريكا، كما هو معروف عنه أنه دائم الاتصال بمسئولى المخابرات الإسرائيلية الموساد دون الحصول على إذن مسبق من الخارجية الأمريكية، كما تقضى القوانين.
إن السياسات الأمريكية تهدد أمن وسلامة العالم أجمع، فما موقف الأنظمة الحاكمة العربية من هذا التهديد؟ وما موقفها فى اجتماع القمة العربية المقبل فى ١٥ أبريل فى المملكة العربية السعودية؟ هل سيستمر الحكام العرب فى ترديد شعار السلام هو الخيار الاستراتيجى رغم كل هذه التطورات ورغم عدم وجود قوة عربية موحدة لحماية السلام والحق والعدل الذى نريده؟.
إننا فى يوم الأرض نضع الأمل على الشعوب العربية وشعوب العالم المحبة للسلام والعدل والداعمة للحق الفلسطينى والمناهضة لسياسات الغطرسة الأمريكية والصهيونية. ونقدم كل التحية للشعب الفلسطينى الصامد والمقاوم، وكل التحية للمرأة الفلسطينية الشجاعة الصابرة الصامدة ولأمهات الشهداء والأسرى والجرحى. وكل التحية للأسرى القابعين فى ظلمة زنازين العدو الغادر، وكل التحية لزهرة مدائن فلسطين وأيقونة المقاومة عهد التميمى، ونقول لعهد وزميلاتها وزملائها: أنتم الأمل فى استرداد الحق العربى الفلسطينى، فما ضاع حق وراءه مطالب مقاوم صامد.إننا فى يوم الأرض نطالب بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ونطالب الشعوب العربية باستمرار مقاطعتها للعدو الصهيونى اقتصاديًا وسياسيًا وعلميًا وثقافيًا وفنيًا ورياضيًا ومقاطعة البلدان التى تدعم العدو الصهيونى، وعلى رأسها الدولة الأمريكية الاستعمارية المتغطرسة والمتوحشة، ونطالب بحق عودة اللاجئين وتعويضهم.. عاش كفاح الشعب الفلسطينى.