رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب الراقص


كل ما تراه أمام لجان الانتخابات وعلى الشاشات والمواقع هو رقص وفرح وغناء حقيقى بالصوت والصورة والألوان أيضًا، رقص لبهجة تتجدد كلما خلعنا جذرًا إرهابيًا متعفنًا فى أرضنا، وبقدر غيظك منه سنضاعفه، ذلك لأننا شعب نعشق الرقص والفرح والغناء، ولن نغضب إن وصَفنا إرهابى حقير مثلك بالشعب الراقص، وكلما جاءت الفرصة وحان الوقت سنرقص حتى يخرج الدم من نافوخك غيظًا وكمدًا وكيدًا، أجدادنا المصريون الذين تعتبرهم أصنامًا من حجارة علمونا الرقص وحب الحياة ما استطعنا إليهما سبيلًا، رسموا حياتهم على الجدران ونحتوا أشكالًا للعزف والموسيقى والغناء والرقص، فى أفراح القرى والأفراح الصغيرة والفنادق الكبيرة، فى احتفاليات الحصاد والنجاح وزفة الحج وزيارة أولياء الله الصالحين ونجاح العمليات الجراحية..
نرقص ونبتهل ونتضرع ونبكى وتختلط دموعنا بين هموم نغسلها وجراح قديمة نطهرها وأحزان عتيقة نهدهدها وخيانات حقيرة نتعالى عليها، كل الذين باعونا وهاجمونا وحاولوا التقليل من شأننا وظنوا أنهم كسرونا نهرسهم تحت أقدامنا ونحن نرقص ونغنى «بانوا بانوا».
هل يؤذيك رقصنا أيها المُتاجر بالدين والأخلاق؟ هل يؤذيك رقصنا أيها الهارب إلى قطر وتركيا تبحث عمن يدفع لك كى تهاجم وطنك؟ هل يؤذيك رقصنا عزيزى الانتهازى الذى انتظرت منصبًا فلما أفل قلتْ سأكون من المعارضين؟!، هل يؤذيك رقصنا عزيزى المتثاقف الذى لم تجد لنفسك ثمنًا ولا قيمة هنا فذهبت تبحث عنهما فى صحف الإخوان وأموال سيدك تميم، هل تقشعر مؤخرتك وتتألم من داخلك وتمصمص الشفاه حسرة وأسفًا وأنت ترى العَلم المصرى يلف أجساد النساء والفتيات أثناء الرقص؟!.. إذن سنرقص كل ليلة ومعنا العَلم بفتح العين عن آخرها، كى تصرخ أكثر على الشاشة وتتأوه أكثر وتشد فى شعرك وسنترك لك قائدك ومعلمك الأول «أيمن نور» يكافئك على حسن صراخك وتأثير تأوهاتك.
هل يؤذيك رقصنا عزيزى الإخوانجى المختبئ بين صفوفنا تنتظر لحظات انكسارنا وهزائمنا كى تشمت وتفرح؟ إذن طظ فيكم.. والرحمة على أمهاتكم، فلم تكن إحداهن تعلم أنها تُرضع خسيسًا صغيرًا سيتفاخر حينما يكبر بكراهيته لوطنه مقابل «ثمن بخس» لا يزيد على بدلة وكرافتة وشوية دولارات، يضعها لك الكفيل فى فتحة الصدر الواسعة.
يغيظك رقصنا الآن وقد عشنا عامًا كاملًا نلطم الخدود ونشق الجيوب كفرًا بكم وبمن جاء بكم كى تحكموا بلادنا بجلابيب قصيرة وذقون طويلة وجهل فى الأرض وفى البحر والسماء.
نرقص لأننا فى كل صباح نزف شهيدًا إلى السماء حشدتم أموالكم وإعلامكم لإهدار دمه فلقى الشهادة ومات مبتسمًا قابضًا على سلاحه، نرقص لأننا ندك حصونكم وكهوفكم فى الجبال والوديان، وندهس فئرانكم فى جحورهم.
نرقص لأننا فى كل صباح نقطع ذراعًا من أجساد رجالكم المأجورين الذين أرسلتموهم لقتل أولادنا فى سيناء فأذاقوهم سوء العذاب وتركوا لكم الحسرة والندم والندب.
نرقص لأننا انتصرنا للحضارة والتاريخ المصرى، وبالطبع لن يفهم جاهل مثلك معنى التاريخ المصرى، و«تعال وأنا أقولك» كما قال قائدكم فى الإعلام «صلاح عبدالمقصود»، هل تعرف محمود مختار يا جاموسة؟، هو النحات المصرى العظيم الذى وقف العالم أمام عبقريته وهو يصنع تمثال «نهضة مصر»، وتمثال «نهضة مصر» يا جاموسة، كان أول اكتتاب بين المصريين لإقامة هذا الصرح العظيم الذى لطختموه بالحبر الأسود فى عامكم الأسود ومستعمراتكم السوداء التى احتلت هذا الميدان فأحالته إلى خراب ودمار وثكنة إرهابية تثير الرعب فى نفوس المصريين.
نرقص ونحن ندفن بقاياكم العفنة حين خرجتم تحملون المصاحف على أسنة الرماح وتطالبون بالخلافة على أرض مصر الحرة دائمًا وأبدًا والصامدة بإيمانها وعقيدتها، نرقص لأننا نجحنا فى تحجيب عاهراتكم ممن كنتم تظنونهم رجالًا، وجئنا بهم من على الحدود يرتدون الطُرح البلدى، ولكم فى صفوت حجازى عبرة.
نرقص لأننا لن نرى جاهلًا بمصر وتاريخها يدعو المصريين جهارًا نهارًا لقتل الأقباط ومطاردة النصارى فى كنائسهم ودور عبادتهم.
نرقص لأننا هزمنا جهلكم وعزلنا أراجوزكم المضحك محمد مرسى أعجوبة القرن فى التفاهة وقلة الحيلة.
نرقص لأن رهاننا على تاريخنا وعراقة شعبنا ستظل هى الأقوى ولن نخضع لإرهابى يرتدى عباءة الإسلام ويتحدث بلسان العقارب والثعابين.
نرقص ويغيظك رقصنا لأنك تريدنا دائمًا مرعوبين خائفين من أشباحك التى تزرعها فى شوارعنا وعلى حدودنا وبين كنائسنا ومساجدنا.
أنا بشكل خاص أرقص فرحًا كلما تذكرت صديقى «عبدالرحيم أحمد المنشاوى» الذى تربى على كتابات كارل ماركس وتأثر بـ«تروتسكى»، وجاء مع جيل الثمانينيات للثورة على أجيال اليسار القديم الخاضع والخانع للاتحاد السوفييتى، واعتبر نفسه جزءًا من منظمة «الثوريون الاشتراكيون» التى كانت حاضرة بقوة فى ميدان التحرير، فقد كان يناصبنى العداء أيام حكم المعزول وجماعته، وكنت أقول له: هؤلاء رعاع وإن جاءوا للحكم فستكون هزيمة كبرى لمصر التى ظلت تتحصن بهويتها ضد كل محاولات إجبارها على اعتناق أفكار حكامها الدينية فى أسطورة ممتدة لا يليق بمثقف أن يجهلها فلم تعرف بلادنا حكمًا إسلاميًا حتى وهى تخضع للخلافة، لكنه لم يسمعنى واعتبرنى عميلًا وخائنًا للثورة وذهب بصوته وجسده مع عاصرى الليمون على مؤخراتهم وانتخبوا محمد مرسى لنعيش واحدًا من أسوأ أعوامنا عبر التاريخ.. ألا يستحق انتصار الأفكار الذى يتجدد كل يوم.. الرقص!.