رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المواثيق الدولية والحق فى العمل





تناولنا فى المقال السابق مبادئ الدستور حول الحق فى العمل والأجر العادل، وطالبنا مجلس النواب بمراعاة الدستور والمعايير الدولية عند إصدار قانون العمل الذى تتم مناقشته خلال هذه الدورة، وسنتناول فى هذا المقال ما تنص عليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر وتلتزم بها.
وقبل تناول هذا ينبغى الإشارة إلى أنه فى المقال السابق ذكرنا أن قوة العمل ٢٤ مليون عامل وعاملة، وثبت أن هذا العدد وفقًا لإحصائيات ٢٠١٤، وأن آخر إحصائية لقوة العمل وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وصلت عام ٢٠١٦ إلى ٢٨.٩ مليون عامل وعاملة، نسبة الذكور منهم ٧٥.٨٪ ونسبة الإناث ٢٤.٢٪ وأن عدد المشتغلين من قوة العمل ٢٥.٣ مليون، وعدد المتعطلين ٣.٦ مليون عامل وعاملة بنسبة بطالة ١٢.٥٪ وداخل هذه النسبة نجد أن البطالة فى النساء ثلاثة أضعاف الرجال، وبالتأكيد زادت قوة العمل فى نهاية ٢٠١٧ كما يُقال إلى أكثر من ثلاثين مليونًا.
نؤكد فى السطور التالية على المعايير التى يجب مراعاتها عند وضع ومناقشة قانون العمل، وها هى بعض مواد الحق فى العمل.
تنص مواد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨ على أنه لكل شخص حق العمل والحق فى شروط عمل عادلة ومرضية مع حمايته من البطالة مع الحق فى مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية.
وينص العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والصادر عام ١٩٦٦ فى مادته السادسة فقرة «٢» يجب أن تشمل التدابير التى تتخذها كل من الدول الأطراف فى هذا العهد لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق (المقصود الحق فى العمل) توفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والأخذ فى هذا المجال بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة فى ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية».
كما تنص المادة السابعة الفقرة (أ) على مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى:
■ أجرًا منصفًا ومكافأة تساوى قيمة العمل دون أى تمييز على أن يضمن للمرأة، خصوصًا، تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التى يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرًا يساوى أجر الرجل لدى تساوى العمل.
وتنص اتفاقية منظمة العمل الدولية ١٢٢ لسنة ١٩٦٤ فى المادة رقم ١ فقرة ٢ على «تتوفر الحرية فى اختيار نوع العمل وتتاح لكل عامل أكمل فرصة ممكنة ليصبح أهلًا للعمل الذى يناسبه وليضع فى خدمة هذا العمل مهاراته ومواهبه، أيًا كان عرقه أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسى أو منبته الاجتماعى.
ووفقًا لكل ما سبق نجد أن قانون العمل المقدم لمجلس النواب يخالف الدستور والمواثيق الدولية حين يستبعد من تطبيق القانون عمال وعاملات الخدمة المنزلية ومن فى حكمهم، لأن ذلك يُعتبر تمييزا غير مقبول فكيف يتفق فى زماننا هذا أن نرفض اعتبار علاقة هؤلاء العمال بمن يعملون لديهم علاقة عمل، وأن نصر على اعتبارها علاقة (تبعية شخصية) تطلق عليها المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون (الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم). هل يتفق هذا يا سادة مع حقوق الإنسان فى القرن الواحد والعشرين؟!، هل يتفق مع الدستور المصرى الذى ينص فى المادة ٥١ على أن الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها. كما تنص المادة ٥٣ من الدستور على المساواة بين المواطنين ولا تمييز بينهم لأى سبب (الفكر أو الدين أو الجنس أو اللون أوالوضع الاجتماعى أو الجغرافى)، وعلى أن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون.
لذا طالبت حملة الحريات النقابية والدفاع عن حقوق العمال عند مناقشة هذا القانون بتطبيقه وسريانه على كل العاملين، خاصة العمالة غير المنتظمة والعاملين بالخدمة المنزلية مع كفالة الضمانات الاجتماعية لهم.