رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمرو الحلبي يكتب: في رثاء الخالة

عمرو الحلبي
عمرو الحلبي

إلى صاحبة القلب الحنون.. إلى صاحبة القلب الطيب الأبيض الذي لم تدنسه بشاعة وقساوة الأيام.. إلى رفيقة الصغير قبل الكبير.. إلى صاحبة الوجه الضاحك.. إليكِ أيتها الحبيبة الغالية يا خالتي ألف تحية وسلام.

للمرة الأولى أكتب رثاء، فلا أصابعي تجود ولا رثائي يتألق، لأنك إنسانة عظيمة لا تجرؤ الكلمات على وصفها مهما امتدت ورحّبت؛ أحاول التقاط العبارات، تحرقني الكلمات وتؤلمني الذكريات.

خالتي الحبيبة؛ ها قد مضت أربعون يومًا على فراقك، تنتابني ذكريات جميلة كانت تجمعنا، ولكن إنها الحياة يا حبيبتي.. وإنه الموت.. وها هو القدر.. فإلى الله نبتهل وبقضائه وقدره نرضى ونُسلم! .

لن أنسى توجعك وأنتي على فراش الموت، وكنت لا أملك إلا الدعاء لكِ بالشفاء والرحمة، أعلم جيدًا أنكِ عانيتي طوال فترة مرضك وتألمتِ كثيرًا، ولكني على يقين أنكِ الآن في مكان أفضل وأنقى وأطهر.. في جنات الخُلد والنعيم، لأنكِ لم تقدمي طوال حياتك إلا الخير والمودة والمحبة.

منذ نعومة أظافري، ولم أرى منكِ إلا كل خير وحُب، كنتِ تحبينني وأنا كنت أحبك جدًا، كنتِ دائمة الاطمئنان عليّ ومعرفة أخباري وأخبار شغلي عند سفري.. ولا أبالغ عندما أقول أن خالتي (رحمها الله) كانت بمثابة «أمي الثانية».. أمي التي لم تلدني.

لن أنسى جملتك المعتادة عند كل إجازة: «نفسي أشوفك عريس قبل ما أموت يا حبيبي».. وأرد قائلا: «بعد الشر عليكي يا خالتي.. كل شيء بأوان.. لسه النصيب مجاش.. ربك كريم»، لترد بسيل من الدعاء لي.

ـ المشهد الأخير:
في صباح يوم الإثنين الموافق 11ـ 12 ـ 2107، جاء «محمد طه»، وصعد إلى شقتي، وقام بوخزي بيده قائلا: «اصحى يا جدو.. اصحى عشان خلاص»، وتركني وذهب مسرعًا، حينها أدركت أن الروح الطيبة صعدت إلى بارئها، ظللت لمدة دقائق لكي استوعب ما أنا فيه: (هو أنا بحلم ولا دي حقيقة)، قمت بارتداء ملابسي وذهبت بخطوات بطيئة خائفًا من فجع الواقعة والألم الذي يلحق بنا، صعدت إليها ولكن تلك المرة لم تستقبلني كالعادة، بل كانت تستلقي على فراش الموت، ظللت أحدق النظر إليها والدموع تذرف من عيني واحتضنها ولكن دون إجابة منها.

حزنت.. نعم حزنت، تألمت.. نعم تألمت، والقلب موجوع على فراقك، نعم كنتِ إنسانة جميلة وعظيمة، إنسانة على الفطرة، إنسانة كريمة تجود بما لديها دون تفكير.

خالتي الحبيبة.. لا نملك إلا أن نقول لك إننا لن ننساكِ ولا نملك إلا الدعاء لكِ: فـ يارب اغفر لها وارحمها واعفُ عنها وأبدلها أهلًا خيراً من أهلها وداراً خيراً من دارها.. وأسكنها فسيح جناتك يارب العالمين.. وإنّا لله وإنّا اليه راجعون.

وداعًا يا حبيبة على أن ألقاكِ في الدار الآخرة على خير إن شاء الله.