رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«في ملكوت الله».. ثلاث مسيحيات سبقن رابعة العدوية في العشق الإلهي

القديسة مريم المصرية
القديسة مريم المصرية

هناك الكثير من الفتيات ممن ينحرفن عن الطريق الصحيح، ويجدن في الملذات وشهوات الدنيا متعتهن الخاصة، وكثيرًا منهن لا يعدلون عن هذا الطريق، ولكن هناك عدة أساطير تثبت أن منهن من تنتصر نزعة الخير بداخلهن، ولم يقررن العدول عن طريق الرذيلة فحسب، بل الوصول إلى أعلى درجات التدين والإيمان والزهد في الدنيا والرغبة في كرم الآخرة مثلما فعلت رابعة العدوية التي ظهرت كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر والشهوات قبل أن تتجه إلى طاعة الله وعبادته، إلا أن اندهاشك سيزداد حين تعرف بأن هناك من سبقت رابعة العدوية، ويزداد اندهاشك أكثر حين تعرف بأنهن مسيحيات اخترن على طريقتهن الخاصة طريق العشق الإلهي.

• "القديسة مريم المصرية"

تركت والديها وهي في سن الثانية عشرة وعاشت بالإسكندرية، سلمّت نفسها للدّعارة، وعاشت حياة إباحيّة عارمة ولم يكن ذلك ابتغاءً للربح، بل عشقًا للفجور، عاشت على الحسنات، وأحيانًا كانت تعمل في غزل الكتّان، كانت ذات رغبة جامحةٍ وشوقٍ لا يكبح للتمرّغ في الرزيلة.

هاجرت مريم إلى أورشليم، مع مجموعة من الحجّاج الذاهبين إلى أورشليم لرفع الصليب المحيي، وفي أثناء الرحلة، أغوت الكثير من الشباب والرجال، فكانوا ضحيّة لها، ولمّا حلَّ اليوم المقدَّس لرفع الصليب، شعرت بقوّة حالت دون دخولها مدخل الكنيسة، أخذت تبكي وتنتحب وتتنهَّد من أعماق قلبها، وإذ رفعت رأسها قليلًا، وقع نظرها على أيقونة والدة الإله الكليّة القداسة، وخاطبتها نادمة على أفعالها، وتابت مريم، ودخلت الكنيسة، وكانت تحارب طوال حياتها الرغبات والأهواء.

• "ثيودرا"

كانت ثيودرا زوجة جستنيان، في الأصل ممثلة بسيطة وكانت شديدة الجمال، ولدت ثيودورا عام 500م بالقسطنطينية (حاليًا إسطنبول) وهى ابنه أحد القبارصة وكان أبوها يعمل في السيرك وكانت ثيودورا على حد وصف بروكوبيوس المؤرخ المعاصر لهذه الفترة وصاحب كتاب التاريخ السري أنها مصدر التسلية بالقسطنطينية ومصدر العار للقسطنطينية، تزوجها الإمبراطور جستنيان.

كان جوستنيان وقتها عضوا فى مجلس الشيوخ الذى يحرم زواج النبلاء من العامة ورفضت عمته الإمبراطورة تغيير القانون وزواجه من "تلك الفاجرة" على حد وصفها، لكن ما إن ماتت الإمبراطورة حتى ورث جوستنيان عرشها وأزال كل ما يمنع زواجه من ثيودورا بل وتوجها إمبراطورة فى كنيسة القديسة صوفيا أرفع ما فى بلاطه من أوسمه.

وجهت ثيودورا عنايتها في آخر حياتها لدراسة الدين، كما أجبرت زوجها على مقاومة المتمردين فى قصره بعد أن كان على وشك الفرار قائلة: «أهرب أيها الإمبراطور إنك غنى وسفنك مستعدة والبحر هادئ ولكنى سأبقى هنا مؤمنة بالمثل القائل: "إن اللون البنفسجى هو أفضل الأغطية للكفن"، فتراجع مستردا قواه وتمكن من القضاء على المتمردين وسحقهم وسجنهم.

• "القديسة دوروثيا"

كانت من عائلة من الإسكندرية جمعت بين الشرف والغنى، فتربّت تربية مسيحية مليئة بالمحبة ونالت نصيبًا وافرًا من التعليم العالي، ولأنها كانت جميلة جذابة داخلها القلق من أن تمتليء غرورًا أو أن تتسبب في عثرة الرجال، فقررت الهروب من العالم والعيشة في عزلة الصحراء مع ربها.

رفضت دوروثيا الزواج من الإمبراطور مكسيميانوس وحاول اغتصابها، لكنها هربت منه، فسجنها وجلدها وعذبها وأعدمها بعجلات مسننة التروس فدعت ربها فى محنتها فتحطمت العجلات بعد أن قطعت رأسها، وتصر بعض الروايات على أنها نجت وقامت على قدميها فأطاح الإمبراطور رقبتها بالسيف ولم يكن عمرها يزيد عن 19 سنة.

وبعد 500 سنة على وفاتها شاهد راهب فى سيناء ملائكة يحملون جثمانها ويطيرون به إلى قمة جبل الدير فصعد الراهب إلى مكان الرؤية ليجد الجثمان فحمله إلى الدير ودفنه فيه ومن يومها سمى الدير باسمها وهناك يحتفلون بذكرى رحيلها فى يوم 8 ديسمبر من كل عام.