رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«و لكن لا حياة لمن تنادى»


«ولكن لا حياة لمن تنادى» هذه العبارة تذكرتها لأنها تنطبق على ما يحدث فى مصر الآن، من مطالب لا يستجاب لها، واحتياجات أساسية لا أحد يستمع لها، ومظاهرات مستمرة لا يكترث لها النظام الحاكم، واحتجاجات لحقوق لا يأبه بها مسئول واحد، ورفض لأخونة المؤسسات مستمر رغم أنف الجميع، وممارسات لفصيل يستقوى على غالبية الشعب ولا رادع له.

هذه الجملة إذا بحثنا عن أصلها سنجدها من قصيدة شعر قديمة، ولكنها أصبحت تعبيراً لنوجه نداء لشخص أو لنعبر عن مطلب من شخصية اعتبارية أو معنوية أو سلطة، ولكن لا يعير النداء أو المطلب أى اهتمام، وهذه القصيدة من الشعر الجاهلى تستحق أن أنقلها لكم عزيزى القارئ، وهى عبارة اشتهر بها الشاعر الفارسى عمر بن معد يكرب بن وليعة الزبيدى الذى عاش بين 525م – و642م، واقتبسها عدد من الشعراء، والأبيات عن قوله فى الحكمة وتقول: «لقد سمعتك ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى».. أما تكملة الأبيات فتستحق أن أنقلها لكم أيضاً لأن بها ما ينطبق على حياة المصريين من تجاهل لمطالبهم وعدم الاستماع لمشاكلهم وأزماتهم المتفاقمة:

«و لو نار نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ فى الرماد أريد حياته ويريد قتلى.. يدك من خليلك من مراد».

لقد شاع هذا البيت من الشعر بين الناس، ولكن «لا حياة لمن تنادى»، وتناقلوه وحفظوه عن ظهر قلب، وانتقلت العبارة عبر القرون لتتجاوز الزمان لتصبح منطبقة على النظام الحاكم فى مصر المحروسة الآن.

أما هذه المقولة فقد اقتبسها عدد من الشعراء مثل عبدالرحمن الحاقانى فى القرن الـ 18 ميلادية، وبشار بن برد الذى توفى عام 107هـ ، كما اقتبسها الشاعر رفاعة رافع الطهطاوى الذى عاش بين عامى 1801 و1873م .

و أياً كان من قالها فإنها ذات رنة موسيقية تتطابق مع حياتنا اليوم.

ونأتى إلى أزمة مصر الأخيرة وهى محاولات ذبح القضاة الآن وتشويههم، وإصدار قوانين بهدف تدمير سيادة القانون واحترام القضاء وشيوخه الحكماء، وقد خلق هذا أزمة جديدة تضاف إلى أزماتنا اليومية، ولا يستمع النظام الحاكم إلى مطالب قضاة مصر، ولا إلى مطالب الشعب الذى ينزل إلى الميادين لتكون مصر لكل المصريين، وعدم أخونة المؤسسات وتدميرها الواحدة تلو الأخرى، إن هناك أزمات فى كل بيت مصرى الآن، والأسعار تتصاعد وتتضاعف والأدوية تختفى من الأسواق، وهناك مشاكل فى رغيف الخبز وفى قوت يوم الفقير، والبطالة قد وصلت إلى 15%، والسياحة قد هربت، والمنشآت الصناعية تتوقف، والاستثمارات هربت، والتعليم يتهاوى وينهار والجامعات غاضبة، والقمامة تملأ الشوارع، والإعلام يتم تهديده، والعمال غاضبون، والنشطاء السياسيون مضطهدون، والميليشيات تتدرب لتوجه ضد الشعب المصرى، كل هذا يحدث بعد ثورة لها مطالب محددة لا يعبأ بها النظام الحاكم، ولهذا أعود فأقول إن الشعب المصرى يئن ويصرخ ويطالب ولكن « لا حياة لمن تنادى