رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوار مع صديقى السلفي (2ـ3)


لازلت معك أيها الصديق العزيز .. ولازلت أمامى بصورتك القديمه المحببه إلى نفسى التى كنت تطالعنا بها قبل الثوره والتى كانت بجانب ما فيها من الإشراق الروحانى كانت بتعبيرنا الدارج توحى بأنه لازال فى الدنيا خير ، فهذه النماذج الملتزمه

بتعاليم الدين شكلا وسلوكا مع ما فى تفاصيل الحياه من تشابك وتعقيد تجسد نوع من المجاهده تحفز الآخرين على السير فى ذات الطريق وتخلق أهداف ساميه لمشوار الحياه يدعو للإحترام وهذا من وجهة نظرى ما جعل هذا التوجه يلقى الرواج السريع بين مختلف الأوساط والأعمار فما أجمل أن تعاش الحياه وفق طموحات روحانيه وإلتزام يبغي رضاء الله تعالى .

صديقى العزيز .. أظننى لست فى موقع الضد من هذا الفكر ولست أرى حولى من ينتقدون هذا المنهج لذاته ، لكن ما طرح منه على الجمهور أثار موجة عارمه من الدهشه فمع الدخول إلى المعترك السياسى بدأت المشاهد والقضايا تتفجر الواحده تلو الأخرى تشكل نوع من الفزع لست أسير له بدليل حديثى إليك و لمساحة المحبة الخالصه التى تجمعنا ، ولكنى أصدقك قولا أن الأمر بدا وكأنه صفحة جديده قد فتحت أمامى عندما بدأت الممارسات البرلمانيه فى مجلس الشعب تركز على الشكليات فنائب يرفع الآذان فى جلسه تبحث أمور قانونيه و مذاعه على الهواء مباشرة لمجرد لفت الأنظار علما بأن رئيس الجلسه يرفعها للإستراحه وقت أداء الصلاه أو يمكن بطريقه لا تثير أقاويل الرياء أن يستأذن لأداء الصلاة فى مسجد المجلس الذى يبعد خطوات عن مكان الجلسه حتى لا ندخل فى جدل الذى يصح ولا يصح إلا إذا كان المقصود هو الإثاره ولا يصحبها أى طرح جاد لقضايا طالما عانى منها المجتمع و قامت من أجلها الثوره و دفعت الجماهير بنماذج مختلفه من الرجال أنت منهم ليكونوا صوتا صادقا لهم فيما يطلبونه .. و قد ظن الجميع أنك و من شابهك فى المنهج هم رجال الصدق الذى يمكن الإعتماد عليهم فى هذا الطموح الجماهيرى الذى تحطم سريعا مع حوادث أخلاقيه إرتكبها نواب ينتمون صراحة للتيار كمن إدعى قصة هجوم وهمى عليه و هو فى حقيقته يجرى عمليات تجميل و آخر يضع نفسه فى موضع الشبهه بممارسه فعل لا أخلاقى فى الطريق العام .. فما بين من يرفع الآذان أمام الكاميرات و يرفض الوقوف للسلام الجمهورى للوطن بإعتباره من مزامير الشيطان إلى هذه الأفعال التى ضبط النواب بإرتكابها إتسعت مساحة الأخطاء بصورة نقلت موجة الدهشه إلى إنتقاد مباشر و صحيح لمدى جدية دخول هذا التيار للحياة السياسيه وما يملكه من مشروع يسوق له و يدعو لتطبيقه .

الصديق السلفي العزيز .. غاب عن فطنتكم التى كنت أراها حاضرة دائما فى مواقف مختلفه أن لافتة التيار السلفى كانت تحتاج إلى ضبط تنظيمى محكم قبل الدخول المتعجل إلى ميدان العمل السياسى ، فقد كان غياب هذا الضبط سببا فى خروج العديد من المشايخ على الرأى العام بالمظهر السلفى المعتمد من ( ملبس و لحية ) ليتحدثوا و يثيروا من القضايا ما قلب الصوره إلى دعوة للإستغراق فى الشكليه و تبارى هؤلاء المشايخ حبا للظهور فى إنتقاء القضايا الأغرب و الأعلى إثارة فمن إشتبك مع ممثلات فى معارك لفظيه وصلت إلى ساحات القضاء و صحبها مجموعه من اللقطات المخزيه لأنصار بذات الهيئة التى كانت تستدعى الإحترام فيما سبق يتحلقون أمام المحكمه فى سلوك غوغائى من الهتاف و الصراخ و الأدهى توزيع لصور مفبركة فاضحه لممثلة لإثبات إدعائتهم و كان المشهد برمته خصما عميقا من رصيد مستحق كنتم تحظون به من قبل .. و يخرج آخر بحثا عن قضيه تحقق نسبة أعلى فى المشاهده فيتجه إلى الآثار و يصرح بضرورة هدم الأهرامات و أبو الهول لكونهم أصنام و أوثان يروج لهم داخليا و سياحيا و هذا يحمل الدولة و المجتمع إثما عظيما ، و بالفعل يحقق هذا الشخص نسبة مشاهدة أعلى فالإعلام يشتهى تلك الدعوات بقوة لينفخ فى نيران الفزع مرة و يقلب الأمر مابين السخريه المبطنه و بين الإستهلاك الردئ مرات عديده فالبرامج تنصب و الضيوف حاضرون و طوال الحلقات يدور الحوار و تطلق ألقاب مثل فضيلة الشيخ و ما رأى الدين و ماهى المرجعيات الفقهيه و الأمر كما ذكرنا لا يعدو حوار جهلاء فلا هذا الباحث عن الشهره شيخا ولا ينتظر منه شرحا فقهيا لكن الخصم من الرصيد يتجسد بصورة أعمق لمقام المشايخ و علماء الفقه و أصحاب الرأى و يستدرج هذا القادم من غياهب الإعتقال الطويل ليصير مضغة فى نظر المروجين لخطورة الفكر الظلامى بدلا من أن يطرح قضايا الحريات التى عانى هو شخصيا منها و يقدمها كفكر إسلامى مستنير و أصيل طوره عنا الغرب اليوم و يروج له تحت لافتة حقوق الإنسان و المفترض لهذا الباحث عن الشهره أن يتسق مع عصره و يعرض كفالة جميع أنواع الحريات و الحقوق للمسلم و غير المسلم كقاعده دينيه إسلاميه صريحه خرجت لتتوج ديننا كدرة للأديان و دعى لها نبينا محمد عليه الصلاة و السلام بوضوح و حسم لتصير تلك الحريات و الحقوق باقية لن تنسخ و لن تبدل فهى ملك للبشريه جميعا حتى نهاية الزمان فهو النبى الخاتم ولا نبى بعده .

صديقى السلفى .. تلك نماذج وأمثلة من كثير إنطلقت فى الساحه دون رقيب وأظننى قبل أن تتبرأ أنت منها أقول بأنى قصدت ذكرها للتدليل على أن مقدمة دخولكم إلى العمل السياسى أستهلك منه وقت وجهد غير قليل فى محاولة حصار هذه الأصوات النشاز وإثبات عكسها وبذل الجهد لمحاولة التخلص من أثرها السلبى الفادح ، ولكن العمل السياسى المفتوح كما يسمح بالنقد المباشر فإنه يطول من يمارسه أدران من هذا النوع رضيتم أم لم ترضوا عنه فيكفيه التمسح بالسلفيه ليصبغ التيار كله بلون قاتم كنتم فى غنى عنه تماما فى لحظة تقدمكم للعمل العام وهو ما كان يحتاج لضبط تنظيمى يحدد بوضوح ماهية السلفيه بدلا من أن تسير الأحداث جميعها كخصم فادح من رصيدكم الذى كان يبدو مستحقا فى نفوس وعقول الجميع .

كاتب و محلل سياسى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.