رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من قتل محمد عيداروس ؟!


قتلناك يا أنبل الزملاء

وسرنا جميعا نشيعك الى مثواك الآخير

نذرف الدمع لكنه كدمع التماسيح

والحكاية ببساطة اننا كالعادة نقف نتفرج ، وبدون حتى كلمة دعم او طبطبة لاى واحد منا يعانى فى بلاط صاحبة الجلالة

نقف نتفرج والسهام يتلقاها البعض منا فى ظهره او فى قلبه

دون ان نتحرك ونصرخ ونقول كفى

يشارك بعضنا فى القتل بدم بارد

من اجل منصب زائل

او من اجل مكسب مادى رخيص

يفنى البعض عمره فى الجريدة متفانيا فى عمله ومع ذلك يجد نفسه يزاح من المشهد

او يغتال بكافة اشكال الاغتيال المعنوى او الجسدى

والزميل محمد عيداروس واحد من الزملاء الذين عاشوا فى صمت ،

وعانوا فى صمت ،

وماتوا كالاشجار واقفة فى شموخ

اصرخ فيكم وفى نفسى قبلكم ايها الزملاء

لاتقفوا فى صمت امام مقتل الكثير منا

اليوم او غدا بعد ان فقدنا العشرات

فلم يعد هناك شيئا يستحق من اجل فقدان واحد منا

كنت اعرف ان الصراع يكون من اجل بقعة الضوء ،

من اجل الشهرة

من جل الانتشار الاعلامى

من اجل المكسب المادى

وكنت احيانا اجد المبرر لمن يقاتل من اجل هذه الاهداف

لكن الآن نعيش زمنا لم تعد هذه المغريات موجودة فقط فى بلاط صاحبة الجلالة

لم تعد الشهرة هنا فى منصب او مقال ،

فالظهور فى اى برنامج تليفزيونى لمدة 5 دقائق يمنح الشخص شهرة تفوق كتابة مئات المقالات

واى منصب يجعل صاحبه الآن فى مرمى النيران ، الصديقة قبل العدوة

لم يعد هناك فرح فى الحصول على منصب او حزن على فقدانه

هيبة وقداسة ومكانه المناصب ....... تهاوت

لذلك استغرب كثيرا من هذا الصراع الذى تكون هايته مترجمة فى :-

ذبحة صدرية او سكتة قلبية او انفجار فى المخ

لم تعد هذه المهنة هى مهنة البحث عن المتاعب

لكنها

مهنة البحث عن الموت

الكل فى مهنة الصحافة والاعلام يقف فى طابور الموت

الكل سيموت لكن المفاضلة فى نوع الموت

بالسكته القلبية ام بالانفجار فى المخ او بالسرطان او الكبد

نعم الموت واحد وتتعدد الاسباب

نعم الكل سيموت

لكن هذه المهنة لم تعد لذتها تعادل الخطر

كنا نتسابق على ان نكون مثل ذكورالنحل

نتسابق جميعا ونحلق و الشاطر فينا من يطول الملكة نعرف جميعا ان الذى يقترب من الملكة ويدخلها ستخرج روحه مع احشائه

لكنها اللذة ، ولو كانت اللذة الاخيرة

كثير من الزملاء ينزلون الاحداث وفى قرارة انفسهم انهم قد لايعودون

زملاء سافروا لتغطية الاحداث الساخنة والمعارك وقد تركوا وصيتهم

لكنها اللذة

الآن لم تعد للذة طعم

النجاح يمكن الطعن فيه

والموهبة الفذة يمكن قتلها بالاحباط

مثلا زميلى محمد عيداروس

كان سكرتيرا للتحرير فى الجمهورية ، ولمن لا يعرف طبيعه هذه الوظيفة اقول هو صحفى بدرجة فنان ، مهمته وضع المادة الصحفية فى شكل جمالى على صفحات الجريدة

يعنى باختصار اما ان يجعل اى تحقيق جذابا او يدفنه الى مثواه الاخير

ولان عيداروس كان لديه من الحس الفنى والنقدى الكثير فقد انضم الى مجلة شاشتى ، وهى مغامرة لايقوم بها الا القلة ،

ان تضحى بوجودك فى الجمهورية من اجل مجلة وليدة .. هو الجنون والمغامرة

لكنه الطموح والرغبة فى اثبات الذات

وذهب ونجح ان يخطط لتكون شاشاتى منافسه لاعرق المجلات الفنية ، وفى وقت قياسى عرفنا جميعا ان عيداروس

اصبح العقل المدبر لها ، والصانع لنجاحها

حتى تحالف ضده من يريد ازاحته

متصورا ان وجوده خطرا عليه

للاسف لم يدرك البعض ان سلم النجاح واسع ودرجاته تتسع للجميع

لم يدرك البعض ان ازاحة موهبة من مكانها لايعنى ابدا ان تزول عنه الموهبة او يمكن اقتناصها منه بالقوة

حرب ضروس كانت ضد زميلنا

ولم يتحرك احد لنجدته او دعمه او حتى تخليصه ممن يكيدون له

ترك الجمل بما حمل وقد اصاب الالم القلب مثل الكثير منا ، يعنى انضم الى نادى القلوب الموجوعه ، والضغط المرتفع

كان يعالج الضغط بالقهوة التى كان يشربها فى كوب الماء وليس بالفنجان حتى

حتى يقهر صداعه ودماغه الذى يكاد ان يتفرتك من الالم

لكن ابتسامته لم تفارقه فى كل اللحظات

كان يستمد قوته

من ام طيبة ، هو وحيدها

وزوجة مؤمنة بموهبة زوجها

وخمس زهرات ، هن بناته الخمس

لم يقترب من الخامسة والاربعين ، لكن كما يقول عمنا صلاح جاهين

أنا شاب لكن عمري ألف عام

وحيد لكن بين ضلوعي زحام

خايف و لكن خوفي مني أنا

أخرس و لكن قلبي مليان كلام

عجبي !!!!

نعم ذهب وقلبه مليان كلام

ومن شاشاتى الى بوابة دار التحرير اون لاين

انضم لها وبدأ رحلة الجهد والعرق

، يطور مع الزملاء رغم الامكانات المتواضعة

لم تكن البوابة

فى البداية مطمعا للكثير منا حتى نفخ فيها من جهده وعرقه ، فاصبحت مطمعا للكثيرين

ذات مرة اتصلت به مهنئا وقائلا : جهد كبير يااستاذ احيك عليه

جاء صوته رقيقا على الهاتف : اشكرك على مجاملتك ، لكنه جهد الزملاء

قلت اعرف ان الفشل يكون مسؤل عنه القائد والنجاح مسؤل عنه الجميع

المهم داعبته قائلا انا عامل موقع احسن منك

ضحك قائلا اتابعه ،

المهم دعوته على فنجان قهوة حتى نتبادل الافكار ونتجاذب الحديث

لكنه لم يأت وظل فنجان القهوة ينتظره ،

لم اكن ادرك ان هذه المكالمة هى الاخيرة

والا كنت سارعت اليه كى اشرب معه القهوة

كنت اقصد من وراء المكالمة دعمه ولو ببضعة كلمات ، مدركا ان الواحد منا يحتاج احيانا لبضع كلمات يصلبن ظهره او يطببن جرحه

كان المه شديدا فى الفترة الاخيرة حين وجد ان الكثير منا يزاحمونه على شجرته التى اخضرت بعد ان اصابها الوهن فترة كبيرة

ورغم ضعف الامكانيات استطاع ان يجمع حوله كتيبة من ابناء الدار محاولين المنافسة فى عالم الانترنت الذى لايرحم ، والبقاء فيه للجيد ، وكان عيداروس مع كتيبته ينافسون للوصول الى الجيد

شعرت بقهره كثيرا رغم اننى لم اتحدث معه

شعرت بعذابه كثيرا رغم اننى لم ارسل له شعورى

اسف يااستاذ عيداروس

سامحنى ياصديقى شاركت فى قتلك بصمتى مع الكثير

لكن العذر اننا كنا جبناء

كنا منكفئين على ذواتنا ،

نلعق جراحنا ونخفى المنا ووجعنا وراء ابتسامات بلهاء او سخرية سوداء

سامحنى ياصديقى فقد قتلناك بدم بارد مثلمل فعلنا مع الكثير قبلك وكما سنفعل مع الكثير بعدك

سامحنى ياصديقى لانك

لم تعرف مشاعرى تجاهك قبل رحيلك

سامحنى على تقصيرى تجاهك ،

لكنى لن اسامح نفسى على اننى لم اقدم لك مشاعرى ، يمكن كانت تساعدك على المقاومة ولو لبعض الوقت

يارب ارحمه وتولى برعايتك والدته الطيبة وزوجته المؤمنة وبناته الخمس ، فانت الارحم والاعز واغفر لنا اننا قتلناه جميعا وسرنا فى جنازته نتلقى العزاء بدم بارد !!

yousrielsaid@ gmail .com