رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القمر حزين على تلويث النيل


فى طريق عودتى للمنزل بعد قضاء سهرة فنية ممتعة لمسرحية «إنت فين يا قمر»، والتى يتم تقديمها أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع على المسرح القومى للأطفال «متروبول».. مسرحية تقدم المعلومة والفكرة والبهجة.

تزاحمت وتداخلت فى رأسى الأفكار والأمنيات، ورجعت للتاريخ القديم وعشق المصريين القدماء لنهر النيل وتقديسه، نبع الحياة.

لقد كان أجدادنا الفراعنة يعتبرون تلويث نهر النيل خطيئة من الخطايا الكبرى، وعندما يموت الإنسان تقوم الآلهة بمحاسبته وتسأله: «هل لوثت نهر النيل؟». إنه النيل مصدر الحياة للبشر والزرع والحيوان والطير ولكل المخلوقات الحية.

وإذا انتقلنا إلى دستورنا المصرى فنجد أنه ينص فى المادة 44 على: «تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها وعدم إهدار مياهه أو تلويثها.

كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال. وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات». هذا هو دستورنا الذى نصت مقدمته على أن «مصر هبة النيل للمصريين وهبة المصريين للإنسانية.

مصر العربية- بعبقرية موقعها وتاريخها- قلب العالم كله، فهى ملتقى حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته، وهى رأس إفريقيا المطل على المتوسط ومصب أعظم أنهارها، النيل».. تتناول المسرحية قضية تلويث النيل الذى يقوم به عدد كبير من المصريين عبر أشكال مختلفة من صرف صناعى وصرف صحى وإلقاء القاذورات، مما يجعل مياه النهر ضارة بالإنسان وبالكائنات الحية داخل النهر. أدعوكم جميعا أنتم وأطفالكم للذهاب لمشاهدة مسرحية «إنت فين يا قمر».

مسرحية تقدم المعلومة والتاريخ بأسلوب فنى رشيق وإيقاع سريع وتقدم الرسالة «اختفاء القمر احتجاجا على تلويث نهر النيل». سهرة فنية غنائية استعراضية كوميدية حرص جميع القائمين عليها من مؤلف «حازم عرب» ومخرج «حسن سعد» وممثلين وممثلات على تقديم عرض يصل إلى قلب وعقل الأطفال والكبار.. وكان الحضور القوى والتلقائى والكوميدى باديا فى أداء جميع الفنانين. وملأ محمد الخولى المسرح تمثيلا وغناءً بصوت معبر جميل لأشعار محمد الشاعر وألحان وتوزيع باسم عبدالعزيز.

تحية لمصممى الإضاءة والملابس والديكور الذين أسهموا فى توصيل رسالة العرض فى صورة فنية رائعة مبهجة. تحية لاستعراضات شريف راضى التى لفتت الأنظار إليها بخفة حركتها وإبداع خطواتها. تحية خاصة للأطفال الذين هم نجوم ونجمات المستقبل. تحكى المسرحية بأسلوب بسيط عن نهر النيل الذى تحتضنه إحدى عشرة دولة إفريقية، حيث يبدأ منبعه ببحيرة فيكتوريا وينتهى فى دولة المصب مصر.. وتستمر المسرحية فى البحث عن سر اختفاء القمر الذى كانت صورته تضىء مياه النيل يوميا.

وعبر البحث يصلون إلى السبب وهو حزن واحتجاج القمر على التلويث المستمر لمياه النيل والتعدى عليه. يقول مدير المسرح القومى للطفل الأستاذ حسن يوسف: «إن بيتا بلا معرفة بمسرح الطفل ومدرسة بلا مسرح ومجتمع بلا مسرح للطفل.. هى جميعا مؤسسات اجتماعية ناقصة فى أداء مهامها البنائية، ليس لشخصية الطفل فحسب بل لشخصية الإنسان البالغ. إن الدور البنائى لمسرح الطفل يكمن فى أهمية الأساس فى أى بناء، فالبناء القوى لابد له من أساس قوى. والطفل هو الأساس لأى مجتمع.

من هنا تكمن أهمية بناء الطفل بناءً قويا عن طريق تنمية مهاراته وقدراته ومعلوماته، وهذا دور مسرح الطفل بشكل عام، ومسرحنا القومى بشكل خاص».

إننى أتفق مع كل كلمة من الكلمات السابقة، وكلمتى الأخيرة هى لابد من التعاون بين المسرح القومى للطفل ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الشباب، من أجل تسويق هذا العرض فى حفلات صباحية يحضرها الأطفال فى رحلات مدرسية ليمتلئ المسرح يوميا وتضاء لياليه بالثقافة والتنوير كى نواجه القبح والظلام والتطرف.