رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جامعة الدول وتشرذم الواقع العربي


مرت بالأمس الذكرى الـ72 لتأسيس «جامعة الدول العربية»، والتى تأسست فى 22 مارس 1945 للم شمل البلدان العربية التى كانت أغلبها تقع فى قبضة الاستعمار «البريطانى» و«الفرنسى»، وكان مؤسسو «الجامعة» يحلمون بأن تكون جامعة حقيقية للعرب ورغم صدمتهم بأن الدول المؤسسة للجامعة رفضت أن تطلق عليها اسم «الجامعة العربية» واكتفت بأن تسميها «جامعة الدول العربية»، وشتان بين الاسمين فالأولى جامعة ينصهر فى بوتقتها جميع الشعوب العربية من «المحيط» إلى «الخليج».. أما الأخرى فهى جامعة تميل لـ«البروتوكول» و«المراسم الدبلوماسية».



ومنذ نشأتها لم تستطع «الجامعة» أن تتخذ موقفًا حقيقيًا تجاه أى قضية تشغل المواطن العربى، واكتفت بـ«بيانات الشجب والإدانة» والتى تستطيع أن تدخل بها الجامعة «موسوعة جينيس» للأرقام القياسية، حيث أصدرت قرارات لا حصر لها، وفى نفس الوقت لا قيمة لها حيث لا تساوى قيمة الحبر الذى كتبت به!!

والمتأمل للواقع العربى الحالى يحزنه ما آلت إليه الدول العربية من تشرذم و«تبعية»، ولو بعث «عبدالرحمن باشا عزام»، صاحب فكرة إنشاء جامعة الدول العربية، لمات كمدًا مما وصلت إليه الدول العربية من «واقع مزر».

ورغم أن الدول العربية كانت تقع تحت «نير الاستعمار» قبل أن تحصل على استقلالها فى أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضى، فإنها كانت عصية على محاولات طمس الهوية التى كانت تسعى لها الدول الاستعمارية، وشهدت البلدان العربية بطولات عظيمة ضد الاستعمار ففى مصر برزت أسماء أحمد عرابى ومصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول ومصطفى النحاس وغيرهم من الزعماء الذين ناضلوا ضد الاستعمار البريطانى.. وفى المغرب برز اسم «عبدالكريم الخطابى»، الذى جاهد ضد الاستعمارين الإسبانى والفرنسى.. وفى تونس كان «الحبيب بورقيبة»، و«بوحريد» فى الجزائر.

وكانت اللحظة الأندر فى تاريخ البلدان العربية اتحادهم لمساعدة مصر وسوريا فى حرب أكتوبر 1973.. ومع مرور الوقت نسى العرب قضيتهم الأساسية «قضية فلسطين» وانكفأ كل بلد عربى على مشكلاته.. فسوريا تواجه مسلسلاً مستمرًا من «الحروب الأهلية».. ولبنان تهدده «الطائفية»، والعراق يعانى مزيداً من التشرذم، وليبيا تهددها الجماعات الإرهابية.. وتونس ترتع فيها «التيارات السلفية»، والقطيعة سمة العلاقات بين «المغرب» و«الجزائر»، وموريتانيا وجيبوتى معزولتان عن العرب، والصومال اكتفت بوجودها على الخريطة وغابت على «أرض الواقع» ... ودول الخليج العربى مشغولة بتهديدات «إيران»، ومصر تحاول جمع «شتات العرب».

الخلاصة.. أن الواقع العربى يعانى من «التشرذم» ويجب إعادة النظر فى آليات العمل العربى المشترك لانتشال الدول العربية من عثرتها.