رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة إلى كل أم مصرية


تستأنف أسرة مسلسل «الدولى» تصوير أحداث العمل غدًا بشوارع وسط القاهرة، وذلك بعد فترة توقف وصلت لـ6 أيام، نظرًا لانشغال الفنان باسم سمرة بتصوير فيلم «عنتر ابن ابن ابن شداد»، مع الفنان الكوميدى محمد هنيدى.

كل سنة وأنت طيبة يا أمى، يا أعز الناس وأغلى الناس.. يا من تعلمت منك حب الخير والجمال والحق والعمل والاجتهاد.. والأهم أنى تعلمت منك حب الوطن حينما كنت فتاة مصرية صغيرة أبدأ أولى صفحات فى كتاب حياتى.. إننى أكتب مقالى اليوم لأبعث برسالة إلى كل أم مصرية فى وطنى الحبيب الغالى، لأنى أدرك مدى تأثير أمى على، وأدرك أيضاً مدى تأثير أى أم فى تربية أبنائها.. ولأن الأم المصرية من حقها أن نحتفل بها.. وأن نمجدها وأن نضعها فى أعلى مكانة فى بلدنا.. لكن فى نفس الوقت فإننى أطالبها من ناحية أخرى - ليس بدور أكبر فقط - وإنما باعتبار ما تقوم به رسالة كبيرة تقع على عاتقها.. لأنها عماد الأسرة وصمام أمان للوطن.



إن رسالة الأم المصرية اليوم.. وفى ظل الأخطار المحدقة التى يواجهها الوطن أسمى من أى وقت مضى.. إذ لابد من يقظتها وتقدمها كل الصفوف لحماية وطنها من كيد المتآمرين والحفاظ على وحدة نسيجه الاجتماعى وسلامة حاضره وصون مستقبله.. لقد احتفلنا منذ أيام بيوم المرأة المصرية وبعد غد نحتفل بعيد الأم المصرية.. ومن الضرورى ألا ننسى دورها كملكة فى مصر الفرعونية.. الدولة الأقدم فى التاريخ.. فالملكة «تى» أم الملك الفرعونى «إخناتون» فى مصر القديمة.. هى التى جمعته ووقفت خلفه تناصر موقفه من عبادة إله واحد هو «آمون».. والملكة «تى» كانت أيضا راعية للفنون المصرية القديمة.

وفى السنوات الأخيرة.. أى فى ثوره ٣٠ يونيو ٢٠١٣.. تقدمت الصفوف الأولى للنضال والوطنية من أجل أمان مصر وإصلاح أحوالها ورحيل الظلاميين.. فكل سنة وكل أم بخير وطيبة.. كل سنة وكل أم تعلم أبناءها حب الوطن الذى نعيش فيه.. إن كل شىء يبدأ من الأم فى هذه الحياة.. فالأم هى أساس القيم التى نتعلمها.. وهى أساس الانتماء الذى يجب أن نتعلمه.. لهذا فإن كل أم هى النواة الأهم فى تشكيل العقل والوجدان والاهتمامات.. الأم هى صانعة الأجيال.. لذا فإننى أطالب كل أم مصرية بأن تمنح أولادها من الصغر الحب والرعاية.. وأن تغرس فيهم القيم التى ننشدها حتى يمكنهم أن يتحلوا بها طوال حياتهم.. ومن الضرورى أيضاً ألا نتركهم للتأثيرات الخارجية التى تحيط بهم وتجعلهم ينزلقون فى طريق الانحراف أو الفساد أو التطرف أو العنف أو الفوضى.

فـ«الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق».. إنها ليست كلمات قالها لنا شاعر النيل، حافظ ابراهيم.. إنما تظل هذه الجملة حقيقة مؤكدة فى كل وقت.. فالمطلوب من الأم المصرية أيضًا بجوار ما سبق أن تقوم بدورها على أكمل وجه فى توعية أبنائها بأهمية الهوية المصرية والحفاظ عليها.. وكذلك بأهمية الانتماء للوطن داخل القلب والوجدان.. على أن يكون الانتماء بالعمل والإنتاج والمشاركة فى حماية الوطن من أعداء الداخل والخارج.

أتذكر ونحن صغار.. كنا نبدأ يومنا فى الصباح الباكر فى المدرسة بتحية العلم المصرى.. وكان يتلى علينا فى الإذاعة المدرسية أهم الأخبار.. فكان الخبر الصحيح يأتينا من المدرسة، أو البيت، وكانت المدرسة تعلمنا النظام والسلوكيات الصحيحة.. كما كنا نمارس بداخل ملاعب المدرسة مختلف أنواع الرياضات.. وكان لدينا حصة للموسيقى وأخرى الرسم.. وكان الإعلام المصرى عبارة عن قنوات ثلاث فقط.. الآن تغيرت الدنيا.. فلم تعد مصر كما كانت.. فلقد عشنا ٦ سنوات صعبة.. واجهنا فيها تغيرات ومشاكل وأحداثا كبرى.. ولكن فى كل هذا.. كانت المرأة المصرية تشارك فى حماية الوطن وفى الثورة وفى الاستفتاء.. وفى كل مرحلة من هذه المراحل تظهر وطنيتها وخوفها وحرصها على تراب الوطن وسلامته.

لقد تغيرت المدارس فى السنوات الأخيرة.. كما تغير الإعلام وتغير أيضاً شكل المجتمع المصرى بسبب تأثيرات كثيرة من حولنا.. وأصبحت القنوات تبث ما تشاء.. فلم يعد الخبر الصحيح يأتينا من مكان واحد.. بل أصبحت هناك فوضى إعلامية وقنوات من كل اتجاه ولأغراض سياسية متضاربة.. وأصبح العالم مفتوحاً والأخبار تشوش على بعضها البعض.. والفنون تتدهور والثقافة لم تعد من مكونات الشخصية المصرية.. بل وتاهت على خريطة الإعلام الحالى.. وأصبحت لدينا وسائل اتصال بلا عدد وبلا حدود.. مما يلقى على عاتق الأم والأسرة دوراً أساسياً فى تربية الأبناء وتوعيتهم وبث القيم الصحيحة بداخلهم وعدم تركهم للضياع وللتيارات الخارجية التى تتلقفهم وتملأ عقولهم بالأفكار المضللة لهم.. فدور الأم لم يعد يقتصر على التربية والتوجيه فقط.. بل أصبح دورها- كما سبق أن ذكرت- عبارة عن رسالة متواصلة ومهمة تقوم لتنشئة مواطن يحفظ بلده ويشارك فى حمايتها من الفوضى والمؤامرات الداخلية والخارجية التى تستهدف تشتيت العقل المصرى وهدم الهوية المصرية.. لذا لابد من توعية الأم أولادها الذكور طوال الوقت واحتضانهم والحوار معهم حول كل الأمور المتعلقة بمشاكلهم ومشاكل الوطن.. وتكون حريصة- كل الحرص- أن تغرس فيهم أفكار التنوير حتى لا تتلقفهم أيادى الإرهاب والظلام.. والبنات أيضا ينبغى أن يكن على رأس أولويات الأم المصرية بحيث يتلقين التعليم والتربية الحديثة على أسس من القيم والكرامة والمساواة والمشاركة فى الحياة والعمل والإنتاج والتنمية.. ومن واجب الأم كذلك أن تحمى بناتها من الممارسات الضارة والمتخلفة التى لم تعد مقبولة مثل: الختان والزواج المبكر فى دولة تسعى للتقدم.

إننا أيضا نواجه مصاعب اقتصادية تستلزم علينا أن نتحملها.. ولا يفوتنا الاعتراف بأننا نواجه حرباً إعلامية.. وكلها مستجدات ينبغى أن تتنبه لها المرأة المصرية لتعبر بالوطن هذه المرحلة الانتقالية بسلام.. فيا أيتها الأم المصرية تمسكى بقيمك الأصيلة وتمسكى بملامح هويتك وبثوابت قيمك وشخصيتك التى تنتمى إلى أعرق حضارة عرفها التاريخ.. علمى أولادك أن يحبوا بلدهم واقرأى لهم صفحات من تاريخ مصر العظيم لتعلميهم أن يحبوه.. وعلميهم أيضاً قيم الحق والخير والجمال.. علميهم الرياضة والموسيقى والبهجة والاهتمام بالثقافة والفنون الراقية ليساهموا فى بناء مصر الحديثة.. فمصر لن يبنيها إلا أبناؤها.. ولن يحميها إلا أبناؤها.. ولن يتقدم بها سوى أبنائها.. لهذا فإن دورك أساسى وضرورى ومحورى .. وكل عام وكل أم مصرية بألف خير.