رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الصحة.. ومجانية التعليم المفترى عليها


غالباً ما تختلط لدينا المفاهيم.. ويمتزج الضحك بـ«الجد»، ونفتقد التمييز بين «الضار» و«النافع» و«الأبيض» و«الأسود».

ولعل الهجوم غير المبرر من قبل البعض على «مجانية التعليم» يؤكد ما وصلنا إليه من ضعف يجعلنا نعلق أخطاءنا على «مجانية التعليم» التى لولاها ما أصبح الكثيرون فى مناصبهم العالية.. وكانت «مجانية التعليم» حلمًا كبيرِا فى مطلع القرن العشرين وفى وقت كانت تحارب فيه الحكومة المصرية فى أربعينيات القرن الماضى «الحفاء»، كانت مقولة طه حسين الخالدة «التعليم كالماء والهواء» تتردد بقوة ومن خلال مقولة «عميد الأدب العربى» تبلورت فكرة «مجانية التعليم» لتشهد فى عصر الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» ذروة نجاحها.



وأسهمت هذه المنظومة فى القضاء على الجهل، وهو أحد أضلاع المثلث الذى كان يهدد التنمية فى مصر فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى وهى «الجهل والفقر والمرض».. وشهدت المدارس والجامعات نهضة تعليمية غير مسبوقة ساهمت فى نشر التنوير فى ربوع مصر وتخريج الآلاف من المتعلمين.

ومع الوقت بدأ نظام «مجانية التعليم» يتعرض للتهكم والسخرية من قبل البعض لدرجة أن بعض الممثلين فى أعمالهم الفنية اتخذوا من «مجانية التعليم» إفيه للتندر.. وتطور الأمر لدرجة أن وزير الصحة الحالى الدكتور «أحمد عماد الدين» هاجم نظام «مجانية التعليم» بصورة غير مسبوقة وغير مقبولة، ولولا «مجانية التعليم» لما أصبح الدكتور «عمادالدين» طبيبًا أو وزيرًا.

وبدلاً من أن يبحث «الوزير الهمام» عن أسباب تردى المنظومة الطبية- المسئول عنها- حمل الإخفاق فى «قطاع الصحة» لمجانية التعليم وهى «شماعة جاهزة» ومن حسن حظه أنها لن تتكلم وتواجهه بالتردى الحادث فى «منظومة الصحة».

وعلى وزير الصحة أن يبادر فورًا بتقديم اعتذار للشعب المصرى لأن تهكم الوزير على «مجانية التعليم» يرسخ لثقافة «التعليم لمن يستطيع تحمل نفقاته» وهى خطوة تؤدى بنا فى النهاية إلى مزيد من «الطبقية المقيتة».

وفى الوقت ذاته يجب ألا ندفن رءوسنا فى الرمال وعلينا الاعتراف بأن نظامنا التعليمى يعانى من أمراض مزمنة أدت إلى تردى نوعية التعليم، وبالتالى وجود قصور فى مستوى الخريجين.. وهذا الأمر يتطلب وضع حلول منطقية للارتقاء بمستوى النظام التعليمى فى مصر بدلاً من الهجوم غير المبرر على «مجانية التعليم».