رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدعم والتموين


الدعم أحد أركان العدالة الاجتماعية، التى نادت بها ثورة يناير 2011، كما كان الدعم أحد أفكار ثورة 23 يوليو 1952 منذ أكثر من 65 عامًا، بعد أن تبنت الفكر اليسارى فى الاقتصاد، وقامت بتحويل مصر من دولة رأسمالية إلى دولة اشتراكية، ومع مرور الوقت أصبح الدعم مشكلة تاريخية فى مصر، يصعب الاقتراب منها، وتؤرق كل حكومة جديدة تفكر فى إلغائه والمساس به.



ولعل هاجس ما حدث فى يناير 1977 هو خير دليل على ذلك، عندما قامت حكومة اللواء ممدوح سالم ووزير اقتصاده الفذ، الدكتور عبدالمنعم القيسونى، الاقتصادى الشهير، برفع الدعم جزئيًا بزيادة أسعار بعض السلع بنسبة متفاوتة، عندها قام اليسار المصرى بإشعال الثورة وإثارة البسطاء، انطلقت من شوارع القاهرة، والجيزة، وحطمت المحلات وسرقتها، وحطم الثوار العربات أمام بيوت أصحابها، وهددت الثورة حكم الرئيس السادات، وكان فى زيارة استجمام فى أسوان، فعاد على الفور للقاهرة، وتم إخماد الثوار والقبض على المتآمرين، وظلت القضية متداولة حتى حكم ببراءة كل المتهمين فيها، وأطلق عليها السادات «انتفاضة الحرامية»، كما أطلقت عليها وسائل الإعلام «انتفاضة الخبز».

ظل هذا الهاجس يؤرق الرئيس السادات ثم مبارك من بعده، وفى عهد حكومة الإخوان فى 2012، استحدث نظام منظومة الخبز، وبمقتضاه يعطى لكل مواطن خمسة أرغفة، وظل هذا ساريا، حتى حكومة شريف إسماعيل والتى تبدل عليها 3 وزراء للتموين، مما يدل على خطورة الأمر، وكالعادة كل وزير يحب أن يطبق وجهة نظره هو، فيتم التعامل مع ما سبق وكأنه فساد.

تقوم الحكومة المصرية حاليا، ببيع عدد من السلع بأسعار مدعمة للمستهلك، وفى مقدمتها المشتقات البترولية بأنواعها والكهرباء، والخبز وبعض السلع التموينية، وقد وصلت تكلفة هذا الدعم إلى ١٤٥٫٨ مليار جنيه فى موازنة 2012/2013 بما يوازى 37% من إيرادات الدولة الكلية، فى حين أنه بقليل من التفكير، يمكن أن يصل إلى صيغة أفضل.

وزارة للتموين يعمل بها آلاف الموظفين وينفق عليها ملايين الجنيهات سنويا تكاد تنحصر مهمتها فى جلب المواد التموينية وتخزينها ونقلها وتوزيعها، وتنظيم الرقابة على آلية توزيع الدعم العينى، هذا فضلا عن التكلفة غير المباشرة التى يتحملها الجهاز الشرطى والقضائى لمعاونة الوزارة فى أداء عملها.

فبدلا من قيام الوزراء بعمل مناقصات لتوريد السلع التموينية لكل الجمهورية، من أرز وسكر وعدس وشاى وسكر ومكرونة وجبن وزيت، وهى عملية معقدة، وتحتاج لتكاليف باهظة تضاف إلى ميزانية الدعم، من نقل وبدلات لجان وحفظ ومخازن وغيره، فضلا عما يتخللها من فساد وفقد وتالف.

فما المانع من حساب نصيب الأسرة من الدعم نقدًا، وتسليمه لها، نقد بكروت شهرية تصرف لدى وزارة التموين أو وزارة الشئون الاجتماعية، مع حماية المواطنين من تغول الأسعار، وهو الأمر الذى يؤدى إلى ابتلاع الدعم النقدى، بما يضمن حدا أدنى للحاجات الأساسية للأسرة.. المهم الرقابة وضبط المنظومة.

وفى كل الحالات، أى إجراء تتخذه الحكومة تجاه المواطنين لتخفيف المعاناة عنهم، يصبح جهدًا مهدورًا ومالًا مبعثرًا، ما لم يتم إحكام الرقابة على الأسواق والأسعار، من احتكار التجار للسلع الأساسية، وهى السكر والزيت والأرز.

وزارة للتموين يعمل بها آلاف الموظفين وينفق عليها ملايين الجنيهات سنويا تكاد تنحصر مهمتها فى جلب المواد التموينية وتخزينها ونقلها وتوزيعها