رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النقابات والدفاع عن حقوق العمال


نتناول فى هذا المقال حق العمال فى إنشاء نقاباتهم وفقًا للدستور والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر وأصبحت ملزمة لها وفقًا للمادة 93 من الدستور المصرى. وإذا رجعنا إلى الاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 الخاصة بالحرية النقابية، والاتفاقية رقم 98 لسنة 1949، والمسماة «حماية حق التنظيم والمفاوضة الجماعية» هذا غير العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التى وقعت عليها مصر والتزمت بها، فسنجد أن كل هذه الاتفاقيات تجمع فى نصوصها على «أن للعمال وأصحاب العمل دون تمييز الحق فى إنشاء ما يختارونه من منظمات، ووضع دساتيرها وأنظمتها، مع حماية العمال ضد كل وسائل ضغط أصحاب العمل بسبب نشاطهم النقابى».


وإذا انتقلنا إلى الدستور المصرى فسنجد أنه ينص فى الباب الثالث تحت عنوان الحقوق والحريات والواجبات العامة، فى المادة 76 على «إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم فى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى».

وبالرغم من كل ما تقدم نجد أن المسودة الخاصة لمشروع «قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم» لعام 2017، والذى سيتم تقديمه إلى مجلس النواب، يحتوى على عدد من المواد المخالفة للدستور المصرى والمعايير الدولية، والتى تصل فى بعض المواد إلى تقييد إنشاء النقابات وتقييد العمل النقابى.. مثال ذلك ما تم حذفه للمادة 12 والتى كانت ضمن قوانين إنشاء النقابات السابقة، بل كانت أيضًا ضمن المسودة السابقة لهذا المشروع نفسه، وتنص على: «للمنظمات النقابية العمالية حق التقاضى للدفاع عن مصالحها والمصالح الجماعية لأعضائها والناشئة عن علاقات العمل. ويجوز لهذه المنظمات التدخل مع أعضائها فى جميع الدعاوى المتعلقة بعلاقات العمل».

وإذا كان الدور الرئيسى للنقابات هو الدفاع عن مصالح أعضائها، فهم العنصر الأضعف فى علاقات العمل، فإن حرمانها من حق التقاضى دفاعًا عن أعضائها يعتبر سلبًا لهذا الدور الأساسى ولا يترك لها سوى تنظيم الحفلات والرحلات!.

وإذا انتقلنا فى نفس المسودة إلى المادة 14، حيث تنص على: «للعاملين بالمنشأة التى بها مائة عامل فأكثر تكوين لجنة نقابية لا يقل عدد أعضائها عن مائة عامل. وللعاملين بالمنشآت التى لم تستوفِ النصاب فى الفقرة السابقة تكوين لجنة نقابية لا يقل عدد أعضائها عن مائة عامل، وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين المشتغلين فى مجموعات مهنية أو حرفية أو صناعات متماثلة أو مرتبطة ببعضها أو مشتركة فى إنتاج واحد».

والمادة 16: «يكون إنشاء النقابة العامة من عدد لا يقل عن 20 لجنة نقابية تضم فى عضويتها 30000 عامل على الأقل، ويكون إنشاء الاتحاد النقابى العمالى من عدد لا يقل عن عشر نقابات عامة تضم فى عضويتها 300000 عامل على الأقل».. فى هذا مخالفة للمعايير والمعاهدات الدولية التى تنص على «حق تشكيل المنظمة النقابية بأى عدد من العمال حتى عشرين عاملًا». وأيضا هذا يعتبر تقييدًا يصل إلى حد منع إنشاء النقابات إذا عرفنا أن إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر توضح لنا أن عدد المنشآت فى مصر مليونان وأربعمائة ألف منشأة، 96% منها، أى مليونين وثلاثمائة ألف منشأة تقل عن عشرة عمال. ويتوزع عدد العمال بالمنشآت الباقية كالتالى: تسعة آلاف وسبعمائة منشأة، عدد العمال بها أكثر من خمسين عاملًا، عشرة آلاف منشأة عدد العمال بها من خمسة وعشرين إلى خمسين عاملًا، ثلاثة وخمسون ألفًا وسبعمائة منشأة عدد العمال من عشرة إلى خمسة وعشرين عاملًا. بالله عليكم ألا تعتبر هذه المواد حرمانًا للأغلبية الساحقة من العمال من حق التنظيم؟!