رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس النواب.. ما له وما عليه


رغم احترامى الكامل للعديد من أعضاء البرلمان ممن أثق فيهم وأقدر نواياهم ومجهودهم فى محاربة الفساد.. فإن ذلك لن يمنعنى من انتقاد امتيازات مجلسهم «الموقر» فيما نشر مؤخراً بوسائل الإعلام عن شراء ثلاث سيارات مصفحة لتأمين رئيس المجلس ووكيليه بـ«18» مليون جنيه.. و«4» ملايين أخرى لشراء «17» سيارة لخدمة السادة النواب.. و«17» مليوناً مكافآت عضوية.. و«80» مليوناً بدل حضور جلسات.. و«7.5» مليون مقابل زيارات ميدانية.. و«35» مليوناً تأمين وعمولة ونفقات أعياد ومواسم.. و«4» ملايين قيمة اشتراكات سكة حديد وأتوبيسات وبدلات انتقال.. قلت أكيد إحنا فى بلد «تااااانية مش فى مصر».. بلد ما فيهاش40% من المواطنين- على الأقل- تحت خط الفقر.. بلد ما فيهاش «8» ملايين أسرة تقريباً غير قادرين على تلبية أبسط احتياجاتهم الأساسية.. واللى زاد «الطين بلة» هو اعتراف رئيس لجنة الخطة والموازنة فى المجلس بأن الحكومة هى صاحبة اقتراح شراء السيارات لـ«البرلمان»!!



زمان يا «نواب البرلمان يا كرام».. وحتى مع ظهور نواب المخدرات والقروض و«حيتان» المال العام الذين دخلوا البرلمان أو «زجوا» برجالهم فيه لشرعنة فسادهم وإفسادهم وتحقيق مآربهم وخدمة مصالحهم.. كان فيه بقايا من حُمرة الخجل.. كنا نجد نواباً يشعرون بناخبيهم ويتحدثون باسمهم ويحاولون رفع المعاناة عنهم.. نواباً تخشاهم الحكومة ولا تجرؤ على رفع الدعم المخصص لـ«المعدمين» فى وزارات وهيئات ومؤسسات خدمية بعينها مثل: التموين والزراعة ف والرى و... يعنى الموظف «الكفراااان» ومن على شاكلته مثل: أصحاب المعاشات وعمال اليومية والأرزقية واليتامى والأرامل والمطلقات والمساكين.. كانوا يدفعون من جيوبهم – الخاوية أصلاً- بالشىء البسيط فى المواصلات والكهرباء والمياه.. أما الآن فحدث عزيزى ولا حرج .. والسؤال هنا: إذا كان مجلس النواب «حامى حمى» مصالح الشعب هو من «يبعثر» فى أموال الشعب على النحو الذى تابعناه.. فما بالنا بما يجرى فى الوزارات والهيئات الحكومية التى «تجرى فيها العربات بخيول».. كالآثار والصحة والإسكان والمحليات والبيئة والبترول و...؟!.

أسئلة مشروعة بحاجة إلى إجابة واضحة من أجهزتنا المعنية بمواجهة تلك المخالفات مثل «المركزى للمحاسبات».. و«المركزى للتنظيم والإدارة».. و«النيابة الإدارية».. و«مكافحة جرائم الأموال العامة» بوزارة الداخلية.. و«إدارتى الكسب غير المشروع».. و«غسل الأموال بالعدل».. و«النيابة العامة».. و«نيابة الأموال العامة» و... وحتى لو كانت تلك الأجهزة تتبع السلطة التنفيذية.. فهذا لا يعنى عدم قيامها بواجبها مقارنة بالدور الرائع الذى لمسناه من أبطال «الرقابة الإدارية» فى قضايا كبرى زلزلت أركان الفساد و«لطمت» المفسدين على وجوههم.

وبحسب المادة «217» من دستور 2013 الذى وافق عليه أغلبنا بالفرع الثانى والخاص بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية التى تنص على: «تقدم الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، فور صدورها. وعلى مجلس النواب أن ينظرها، ويتخذ الإجراء المناسب حيالها فى مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ ورودها إليه، وتنشر هذه التقارير على الرأى العام. وتبلغ الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات، أو جرائم، وعليها أن تتخذ اللازم حيال تلك التقارير خلال مدة محددة، وذلك كله وفقًا لأحكام القانون».. فهذا يعنى أن «مجلس النواب فى هذه الحالة سيلعب دور «المتهم والقاضى» فى آن!!.. وهنا نحتاج إلى توضيح لهذا الاشتباك من ذوى الاختصاص حتى لا تترك هذه الأجهزة «مغلولة» الأيدى.

وبذلك نكون قد خالفنا العمل بالمادة 218 من ذات الدستور.. والتى تنص على أن «تلتزم الدولة بمكافحة الفساد».. ليس هذا فحسب.. بل «يحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك».. كما تؤكد ذات المادة أن «تلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد».. طبعاً هذا الكلام بعيد كل البعد عن الواقع.. وتشدد على «تعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام».. كلام جميل جداً.. لكن هل تم تنفيذه بالشكل المأمول حتى الآن؟!.. وتطالب المادة بـ«وضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون».

كلمة أخيرة فى أذن «نواب البرلمان»: منذ فترة.. ساقنى حظى العثر لحل مشكلة واجهتنى فى بطاقة صرف المواد التموينية لأسرتى بأحد فروع التموين.. وجدت مئات الأرامل والثكالى وربات البيوت اللاتى يشتكين من نفس المشكلة وسوء معاملة مكاتب وجمعيات ومحال التموين.. تسمع منهن روايات «تقطع القلب الحزين» عن حرمانهن من الدعم الذى خصصته لهن الدولة.. والذى يستولى عليه يوميًا- باعتراف أحد أجهزة الدولة نفسها- فئة معينة من الـ.. فى هذه الوزارة وخارجها دون رحمة أو شفقة..!!