رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب.. أمين دار الإفتاء يرد على السيسى فى قضية الطلاق الشفوى


لم يكن الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو يطلب سن قانون يجعل المعوَّل فى الطلاق توثيقه أمام المأذون أو القاضى ــ يهدم ركنًا من أركان الإسلام، لم يكن يتجاوز أصلًا من أصول الدين، كان يبحث فقط عن صيغة يمكن الدين من خلالها أن يحافظ على بنية المجتمع وأسس بنائه.

 لم يوح الرئيس بكلامه إلى مجلس النواب ليشرَّع قانونًا يفرضه على الجميع، ولكنه عاد إلى أهل الاختصاص، طلب من شيخ الأزهر أن يبحث فى الأمر هو ومن يعتقد أنهم أهل اجتهاد وعمل فقهى يمكنهم من الوصول إلى قانون يوائم بين متطلبات الشرع واحتياجات المجتمع.

لكن يبدو أن هناك من يرفضون مجرد التفكير أو الاجتهاد، يضعون العراقيل فى طريق أى محاولة للتجديد أو التحديث، أو جعل الدين فى صالح المجتمع، وليس خصمًا له ومنه.

عبر فيديو قصير لا تتجاوز مدته دقيقة واحدة، تحدث الشيخ خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، عن الطلاق، ورد إليه سؤال عن الطلاق الشفوى، فقدم فتوى قاطعة لا تقبل شكًا ولا تأويلًا بأن المعول فى الطلاق هو الطلاق الشفوى، صحيح أنه طالب الأزواج بعدم التلفظ بكلمة الطلاق لأنها تحل عقدة النكاح، لكنه لم يحاول، مجرد محاولة، الاقتراب من مسألة الطلاق الشفوى ومناقشتها وتأمل تأثيرها فى المجتمع.

الفتوى ليست موقعة باسم فضيلة مفتى الديار الدكتور شوقى علام، لكن يمكننا اعتبارها فتوى رسمية لأنها تحمل اسم أمين الفتوى بالدار، وهو ما يمكن التعامل معه على أنها رأى رسمى من مؤسسة دينية رسمية فيما طالب به الرئيس، وكأنهم يقولون له: أغلق الباب يا سيادة الرئيس، فهذا هو الدين الذى نعرفه، ولن نتخلى عنه.

لا يطالب أحد السادة المشايخ الأجلاء بأن يأتوا بدين جديد، أو أن يحرفوا الكلام عن مواضعه، نطالبهم فقط بأن يجتهدوا، أن يعيدوا صياغة ما تعارف الناس عليه بأنه دين بما يتناسب مع العصر، لكن يبدو أنهم لا يقدرون على ذلك، ولأنه لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فعلى الرئيس ألا يلتفت إلى هؤلاء المتقاعسين المثبطين للهمم، الراقدين بين صفحات كتب التراث الصفراء، ويلجأ إلى التشريع مباشرة، خاصة أنه لن يخالف بما سيفعله شرع الله، بل سيخالف شرع المشايخ فقط، ونحن لا نرحب أبدًا بأن يحكمنا شرع المشايخ الذى صاغوه على هواهم.

كنت أعتقد أن مشيخة الأزهر وحدها هى التى تخشبت وتيبست وتحجرت، فإذا بدار الإفتاء هى الأخرى تضع العصا فى العجلة ليتوقف أى تجديد أو تحديث للخطاب الدينى.

يمكن أن نعتبر ما قاله خالد عمران مجرد رأى يتحمل وحده صوابه أو خطأه، لكنه للأسف الشديد يحمل صفة رسمية «أمين الفتوى بدار الإفتاء»، فهل هذا رأى دار الإفتاء النهائى؟ وهل يوافق عليه فضيلة المفتى، أم أن له رأيًا آخر؟

كل ما أتمناه أن أستمع لرأى فضيلة المفتى بشكل واضح لا يحتمل تأويلات أو مراوغات.