رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا مؤاخذة .. كنيسة !! «3-3»


ذكرت فى المقالين السابقين أنه فى عهد الرئيس المؤمن محمد أنور السادات الذى أطلق على مصر «دولة العلم والإيمان»، تزايدت أحداث الاعتداءات على المسيحيين ومحلاتهم وبيوتهم وكنائسهم...

... هذا فضلاً عما يحدث فى بعض الأماكن من تهجير قسرى للمسيحيين وإجبارهم على ترك بيوتهم، وقلت إن التوصيف السليم لهذه الأحداث هو «أعمال إجرامية»، أو «اعتداءات دينية» وليس فتنة طائفية، حيث إن بعض المضارين يتعرضون للاعتداءات لا لشىء إلا لأنهم مسيحيون وليس لأنهم طرف فى مشاجرة أو نزاع، وقلت إن الغالبية العظمى من مسلمى مصر يعيشون فى حب ومودة مع المسيحيين ولكن الموضوعية تحتم علينا أن نقول إن الصورة ليست كلها جميلة، فالمتطرفون والمتعصبون موجودون فى كل مكان وزمان، فالمعتدون على الكنائس مختلون فكرياً، وذكرت موقفا متطرفا للشيخ أحمد النقيب من بناء الكنائس فى مصر،وفى مقال اليوم سأسرد شكلاً آخر من أشكال الخلل الفكرى الموجود والمنتشر فى مجتمعنا المصرى، وهذا الخلل موجود فى المناهج التعليمية، فبعض المناهج مليئة بالكثير من سموم الكراهية،قال الكاتب الكبير المستنير الأستاذ أحمد عبد المعطى حجازى فى مقاله «مأساة لا تخلو من مشاهد هزلية» بجريدة الأهرام يوم الأربعاء 14 يوليو 1999 «إن من الكتب المقررة فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة كتاباً كان يدرس للدكتور أحمد طه عطية أبو الحاج عنوانه «الائتناس فى علم الميراث» وقد جاء فى هذا الكتاب فى الفصل الثانى من المبحث الثالث فى تنفيذ الوصايا ما نصه «يحرم على الشخص أن يوصى بما يفضى إلى معصية وذلك كوصيته ببناء كنيسة أو ملهى أو ناد للقمار أو لترويج صناعة الخمر وتربية الخنازير أو القطط والكلاب، أليس هذا تخريباً ؟».

هذا بعض مما يتعلمه الطالب داخل أسوار أعرق جامعاتنا المصرية أن بناء الكنيسة يفضى إلى معصية، والكنيسة تتساوى مع الملاهى ونوادى القمار!!، وهكذا كل عام تخرج لنا جامعاتنا العريقة طلبة متعصبين ورافضين للآخر الدينى المغاير ومختلين فكرياً!!

هذا فضلاً عن الشروط العشرة التى وضعها العزبى باشا ففى شهر فبراير سنة 1934 أصدر «العزبى باشا» وكيل وزارة الداخلية قراراً صيغ فى صورة عشرة أسئلة يتحتم استيفاء إجاباتها للحكم فى إمكانية بناء كنيسة من عدمه، ومن المؤسف أن الجهات الإدارية لا تزال تعمل بهذه الشروط المجحفة والظالمة حتى الآن، لذا نتمنى أن يقر مجلس النواب قانون بناء الكنائس، كما نتمنى ألا توجد فخاخ داخل اللائحة التنفيذية تعيق بناء الكنائس، وإلا فسيظل الوضع كما هو، وختاماً لا مخرج لنا من هذه الأزمة إلا بتغيير الفكر ونشر ثقافة الاستنارة بين المختلين فكرياً، وإذا لم يقم المثقفون والليبراليون والتنويريون بواجبهم الوطنى والحضارى فقولوا على مصر الحضارة السلام !!