رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضد الذين يقاتلوننا بموتهم


على مدى سنى حُكمه ظل الرئيس الأسبق «مبارك» يُحدثنا عن أهمية عقد مؤتمر دولى للإرهاب، ولم يتحرك خطوة نحو عقده، وبدون أن يُعلن أسباب منعه من عقده رغم تفرد مصر إلى حد كبير فى بدايات عصره بتجارب هائلة فى مجال مواجهة أحداث وجماعات إرهابية بشعة تتيح لأجهزتها المخابراتية والأمنية والثقافية والإعلامية الفرص الأهم والأكثر تأثيراً لإنجاح أهداف إقامةمثل تلك الفعاليات العلمية!!! وحتى بعد ثورة 25 يناير...

.. وبعد بشاعات الأحداث العدوانية الإرهابية الجبانة عقب فض وجود معسكرات إخوان الشر والتطرف والإرهاب على أرض «رابعة العدوية» بالقاهرة و«بين السرايات» بالجيزة كان اكتفاء حكومة الببلاوى المحتاسة الخوافة المرتعشة المترددة التى أهملت التعامل الإيجابى على مدى أكثر من 40 يوماً مع تلك البؤر حتى تحولت إلى مراكز للسعى إلى تشكيل إمارات مسلحة مرعبة لأهالى «رابعة» و«النهضة»، واكتفت تلك الحكومة بعقد مؤتمرات صحفية هزيلة رغم أن النظام الموجود فى تلك الفترة كان يواجه رفضاً وعدم اعتراف بشرعية ثورة يونيو العظيمة التى جاءت به، وكان ينبغى عقد مؤتمر ضخم نحشد له كل آليات النجاح عبر استخدام كل وسائط الميديا المتقدمة عالمياً حتى لو اقتضى الأمر الاستعانة بكبرى الشركات العالمية فى مجالات الإعلام والإعلان والعلاقات العامة لعرض كوارث تلك الجماعة الشاردة الضالة وعملياتها الإرهابية وجرائمها غير الإنسانية «قتل وهدم وحرق وسلب ونهب واعتداءات على كل مؤسسات الدولة والأفراد.. الخ»..

بل وصلت الكوميديا السوداء تردد حكومة «البيبلاوى عيسى» فى إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية إلا بعد حملات هائلة متعاقبة من جانب الرأى العام المصرى تستصرخ حكومة التوهان على سرعة الإعلان!!!

وحتى تاريخه ورغم أننا نعيش حالة حرب حقيقية ضد قوى إرهابية غبية فى شمال سيناء، وبعض المواقع الصعيدية وغيرها من الأماكن التى يطل علينا منها «ونوس» الشر والغدر والخسة على حين غرة، وسقوط ضحايا بشكل شبه يومى للأسف لا نحاول حشد كل الآليات العلمية والعملية والإعلامية، وقوانا الناعمة الإبداعية والفكرية لتحقيق عدة أهداف لعل فى صدارتها على سبيل المثال دعم جهود تغيير وتطوير رسائلنا الفكرية والثقافية والإعلامية والدينية لمقاومة من يزرعون بفتاواهم فكر الانشقاق الإرهابى، وضرب حالة الاندماج الوطنى والسلام الاجتماعى، ووصولاً إلى هدف تحقيق حلم أن يعيش المواطن المصرى فى ظل دولة مدنية ديمقراطية يتمتع على أرضها بكل حقوق «المواطنة الكاملة»..

لقد أصدر المركز الثقافى العربى بالمغرب عام 2003 كتاباً بعنوان «ذهنية الإرهاب» ليرصد ويتناول بشكل جديد فى فكرته الأحداث الإرهابية عقب كارثة 11 سبتمبر 2001 وحتى صدور الطبعة الأولى بالتاريخ السابق الإشارة إليه..

تجتمع فى هذا الكتاب لكُتابه «جان بورديار» و«جاك دريدا» و«إدفوليامى» و«أمبرتو إيكو» عدة مقالات مختارة تقدم قراءات لموضوع الإرهاب وتحمل أفكاراً ووجهات نظر تكمن أهميتها فى أنها لا تنطلق من موقع العداء الأعمى، الجاهز سلفاً. ويقول الناشر « لا ندعى أننا جمعنا زهرة ما كُتب حول الإرهاب وتداعيات 11 سبتمبر، لكن مقالات الكتاب ترسم صورة «الإمبراطورية» التى فى سعيها لتوسيع دائرة مصالحها تحيط نفسها بهالة من الأفكار والشعارات والرموز والاعتقادات، ناظرة إلى نفسها كقوة مهيمنة، خاسر من يتحداها، فتصبح هى سبب العنف ومصدره، وهو عنف قاهر، يستند إلى قوة قاهرة، عنف يُمارس باسم الشرعية التى تفرضها بقوتها، وهذا ما حصل حين تجاوزت الولايات المتحدة، مجلس الأمن ومعه الغالبية الساحقة من «أمم العالم المتحدة».. فى هذا الكتاب نقاش يتصل بنا فى العالم العربى، مباشرة، ويدور على ساحة العالم.. إذا لم نستطع أن نشارك بفعالية فى هذا النقاش فعلى الأقل لنطلع عليه، فهو صورة العالم الذى ما عاد بالإمكان للحياة فيه فى جزر معزولة..

ويقول المترجم بسام حجار «لقد قيل عن القرن العشرين المنصرم إنه القرن الأكثر دموية فى تاريخ البشر، ولم يتوان كتاب صدر مؤخراًعن وصفه بالقرن الذى «انقضى» من أجل لا شيء، وكان يفترض أن يلهو أهل القرن الحادى والعشرين بالمسائل التقنية البحتة. هل سيعيش البشر فى العناية المعقمة لقدرة تفوق الخيال ليس أقصاها «الخلق» عبر الاستنساخ البشرى؟ هل انتهى التاريخ حقاً؟ وهل «تصطدم الحضاراتى حقاً، عبر المركبات الفضائية لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والرخاء العمومى للبشر كافة؟!..

وللحديث عن فحوى الكتاب، وأهمية العودة إليه، للحديث بقية..