رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حول حوادث المنيا الطائفية


دائماً تتجدد الحوادث الطائفية فى مدن الصعيد، وعلى الأخص محافظة المنيا، ويرجع ذلك إلى تزايد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين فى بعض مراكز المنيا، ولا يجب ألا ننسى ما حدث فى مدينتى بنى مزار والعدوة ومطاى ودير مواس، بعد إزاحة الإخوان عن الحكم فى يونيه 2013. وما وقع من حوادث جسيمة راح ضحيتها عدد من رجال الشرطة وضابطها وحدث إحراق لبعض مراكز الشرطة، واعتداءات وقتل ونهب واستيلاء على الأسلحة. يرجع هذا إلى تغلغل الجمعيات الدينية، سواء تلك التى تخص السلفيين أو غيرهم من الجماعات الدينية، وعمليات الشحن ضد الآخرين. ولا يجب أن نغفل أن بعض تلك الحوادث، تتم تغذيتها من جانب بعض فلول الإخوان فى الدول العربية وتمويلها أيضاً.

تعامل الأمن مع كل أزمات الأقباط، بتطبيق القانون، والقبض على المتهمين، وتقديمهم للنيابة العامة، وينتهى عندها دور الأمر، ولكن المشكلة تكمن، فى التعامل اليومى المباشر بين المسلمين والأقباط، حيث التلاحم والتعامل طبقا لتقاليد راسخة منذ مئات السنين، حتى فترة التسعينات، ولا أحد ينكر أنه منذ تلك الفترة وتزايدت حدة العنف تجاه الأقباط فى الحوادث الطائفية. بل وأصبحت بعد إنهيار الدولة فى يناير 2011 أكثر حدة، وأكثر دموية. ويرجع هذا إلى: تزايد الشحن الدينى وإنتشار الأفكار المتطرفة، التى جاءت إلينا عبر آلاف المعلمين والعمال والموظفين، الذين عملوا فى الخليج، وعادوا محملين بافكار البادية تجاه المخالفين لهم فى الدين، وهى أفكار استنبطوها من أفكار بن تيمية، والمغالاة فى حدة التطرف تجاه الأديان الأخرى.. الضغوط التى تمارس على الأقباط، بالتنازل لصالح المتهمين، واستغلال بعض الثغرات القانونية التى تتيح للمجنى عليه الصلح، أو تغيير الأقوال النهائية أمام قاضى المحكمة.

إن الفاعلين غالبا من الطبقات الدنيا، التى يسهل استثارتها دينيا، وقيادتهم لتنفيذ مآرب لبعض المتطرفين القابعين فى منازلهم وبيوتهم.. إن هناك عملية تحريض متبادلة، فما يقال فى المساجد والكنائس، خلف الأبواب المغلقة خلاف ما يقال فى أجهزة الإعلام. وبالتالى فهناك دائما مسكوت عنه لا يطرح أبدا فى المناقشات أو فى العلن.. هناك فتاوى لبعض الأئمة، تحض على كراهية الأديان الأخرى، فيجب الالتفات اليها، وتفنيدها، أو حتى إيقاف العمل. أن يتبنى الأزهر الشريف تعميم فكرة التسامح، كفكرة جوهرية فى الكتب والمناهج التى تدرس للأزهريين، ومناهج الدين فى كل المدارس، بدلا من تلك الكتب القديمة التى كانت تتمادى فى إظهار الاختلافات بين الأديان.

هناك بعض القنوات الدينية القبطية، تحاول تكريس فكرة الاختلاف، والردود على بعض ما جاء من كلام الفقهاء المسلمين، فيجب العمل على إيقافها أو على الأقل المطالبة بتعميم فكرة التسامح..أن تعود الدولة، بما أنفقته من تكاليف، لإصلاح ما أفسدته الحوادث الطائفية، على المتسببين فيه، وإلزامهم بجميع ما تحملته الدولة فى سبيل ذلك.. إبعاد المؤسسات الرسمية عن التدخل فى الشأن القبطى، حال وقوع حوادث، وأن يقتصر الأمر على دور الشرطة والنيابة والأجهزة القضائية فقط، فى التعامل مع الوقائع الجنائية، وعدم تدخل المحافظ أو أعضاء المجالس النيابية والمحلية ورجال الدين من الطرفين.