رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البتر التناسلى للإناث.. جزارة لا طهارة «2-2»


فى المقال السابق تناولت ما طالب د. أحمد الطحاوى، نائب البرلمان المحترم والأستاذ فى كلية الطب وعضو لجنة الصحة طالب سيادته بختان البنات، وقال إن ترك البنات بلا ختان أمر لا يصح لأن عدم الختان يسبب تلوثاً وإثارة جنسية للبنت غير مرغوب فيها!! قائلاً بمنتهى الفصاحة والوضوح: «إحنا ناخد رأى الشرع فى مسألة ختان الإناث وليس رأى وزير الصحة ولا غيره، ويا ريت ماناخدش قضية ختان الإناث إنها مُسلّم بها من الغرب!! 

وذكرت أن الختان هو عملية همجية تحدث باسم الدين، وإنها عملية بربرية استحقت أن تحمل اسم «البتر التناسلى للإناث» وهو الاسم العلمى الجديد كما تسميها بعض الموسوعات، وأن هذه العملية تعد من أعمال العنف ضد المرأة، وفى مقال اليوم نستكمل ونقول إنه من المؤسف أن تكون مصر من كبرى الدول التى تشهد ارتفاعاً فى زيادة معدلات البتر التناسلى للإناث فنسبة ختان الإناث فى مصر تتعدى 90% بمصر وفقاً لآخر إحصائيات اليونيسيف، أغلبهن من الفئة العمرية 5 و15 عاماً، ومن المخجل أن نجد كثيرين من أساتذة أمراض النساء والولادة هم من أكثر المدافعين عن هذه الجريمة النكراء وهذا يؤكد أن الخرافة كثيراً ما تتفوق على العلم حتى ولوكان العلم مسلحاً بالدكتوراه!!

ويقول الدكتور خالد منتصر فى كتابه القيم «الختان والعنف ضد المرأة» إن هذه العادة الذميمة هى عملية جزارة لا طهارة، كما أنها عملية بتر نفسى قبل أن تكون بتراً جسدياً، ومحاولة بتر المرأة نفسياً واجتماعياً هى محاولة تأخذ صوراً عدة فى عالمنا العربى كأن يطالب البعض بأن تظل المرأة حبيسة البيت ولا تخرج للعمل، أو أن يتحول الشارع إلى معتقل تتحرك فيه المرأة بحساب وريبة وأغطية وحواجز وأكفان !!، ومن مظاهر الانفصام والشيزوفرينيا التى نغرق فيها إننا نعيش فى مجتمع يصرف رجاله نصف مرتباتهم على الفياجرا لإشعال طاقاتهم الجنسية، ولكنه فى الوقت ذاته يختن نصف بناته لإخماد طاقتهن الجنسية!!.

إن عملية البتر والتشويه التناسلى للإناث هى بكل المقاييس جريمة نكراء، وهى انتهاك واضح وفاضح لحق المرأة فى حياة آمنة مستقرة، ومن حق المرأة ألا تتعرض لأى نوع من العنف، وأن تُعامل على قدم المواساة مثلها مثل الرجل باعتبار أن ذلك من حقوق الإنسان الأساسية، لذلك فإن العنف بشتى أنواعه سواء الجسدى والمعنوى والنفسى الذى يمارس على المرأة يعتبر مناقضاً لمفاهيم الحضارة والقيم الإنسانية ومتعارضاً مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ومع اتفاقيات التمييز ضد المرأة، ومن ثم يجب علينا جميعاً رجالاً ونساء أن نحارب جميع أشكال العنف والعدوان التى تنتقص من إنسانيتنا، كما أن الخطاب الدينى سواء كان خطاباً مسيحياً أو إسلامياً لابد أن يكون له دور فعال ومؤثر فى مقاومة هذة العادة الذميمة.كما أن العقوبة لابد وأن تغلظ، حيث إن المادة رقم 242 مكرر بقانون العقوبات والتى تنص على عقوبة الحبس مابين 3 أشهر إلى سنتين وغرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه لكل من يشارك فى جريمة ختان الإناث، مادة ضعيفة والغرض منها هو مغازلة المجتمع الدولى والمدنى فقط، ومن ناحية أخرى، فإن القانون بشكله الحالى، الذى يحاسب الأهالى بوصفهم شركاء فى الجريمة نتج عنه أن أصبح عمليًّا من المستحيل قيام الأهالى بالإبلاغ عن الحادثة فى حالات المضاعفات الصحية الخطرة أو الحالات التى تتوفى فيها الطفلة خوفًا من العقوبة، ما يدفعهم إلى التستر على الوضع بالشكل الذى يعرض حياة وسلامة الطفلة للخطر فى بعض الحالات، فلابد من تشريعات رادعة لوقف هذه المجزرة البشرية!!

■ راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف - شبرا