رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقول المادة الخامسة من الدستور «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته على الوجه المبين فى الدستور»...

أهذا هو دور البرلمان؟


... وعلى ذلك فهناك ثلاث سلطات يجب الفصل بينها تماما حتى يمكن أن تقوم كل سلطة بمهامها وتمارس صلاحياتها دون تدخل من سلطة فى أمور سلطة أخرى وهى السلطة التشريعية وهى السلطة الشعبية التى تقوم بمهامها الرئيسية وهى رقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية والتشريع لقوانين تمارس من خلالها السلطة القضائية مهامها وصلاحياتها، وممارسة كل سلطة لصلاحياتها دون تدخل أى سلطة أخرى فهذا يعنى التكامل والاستقلالية التى تصب أولا وأخيرا لصالح الوطن والمواطن، فهل بالفعل هناك استقلالية حقيقية لكل سلطة بعيدا عن تغول السلطات الأخرى؟

من الواضح أن التراكم التاريخى خاصة قبل معرفة مجمل السلطات كانت كل الأمور وجميع الصلاحيات تتلخص فى يد الحكومة التى عرفت فيما بعد بالسلطة التنفيذية، فمصر بالرغم من تاريخها الحضارى الممتد عبر التاريخ لم تعرف ما يسمى بالسلطة التشريعية بشكل واضح غير عام ١٨٦٦، حيث كان أول مجلس تشريعى يمتلك بعض الصلاحيات وليس كل الصلاحيات، وإن كان دستور ١٩٢٣ قد منح صلاحيات أكثر مما سبق لهذه السلطة التشريعية، ولكن كان ولا يزال للسلطة التنفيذية اليد الطولى فى مجمل الساحة السياسية بشكل عام، خاصة أن التعددية الحزبية الحقيقية التى تمارس ما يسمى بتداول السلطة لم تشاهدها مصر سواء قبل ١٩٥٢ أو بعد ١٩٥٢ وحتى الآن، ففى الغالب الأعم فإن ما يسمى بحزب الأغلبية دائما وأبدا ما يكون فى حضن السلطة ويمارس دور المبرراتى والمسلكاتى للحكومة رقابة وتشريعياً، وذلك على أرضية سياسية خاطئة تعنى أن حزب الأغلبية هذا هو الذى يشيكل الحكومة وبالتالى فهى حكومة الحزب أو حزب الحكومة لا فرق يعنى حسب المثل «زيتنا فى دقيقنا»، فى الوقت الذى لم تر فيه الحياة السياسية الحزبية المصرية فرصة لكى يشكل حزب الأغلبية حكومة بعيدا عن سطوة السلطة التنفيذية فسيبقى حل البرلمان دائم العمل طوال الوقت.

وما موافقة البرلمان الأسبوع الماضى على بيان الحكومة غير السير فى طريق تغول السلطات وليس الفصل بين السلطات، خاصة أن المناخ العام سواء كان داخل البرلمان أو خارجه تحفظ كثيرا على البيان خاصة فى إطار عمومياته وغياب الخطة الزمنية والتفصيلية للتنفيذ فهو كان أقرب لبيان إنشائى شعاراتى تقليدى لم يأت بجديد ولم يترجم ولم يقترب من أى مناخ يوحى بالتغير خاصة فيما بعد ٢٥/٣٠، بل الأهم أن جميع من وافق على البيان أعلن وأقر أن الموافقة كانت تحت شعار «مُكره أخاك لا بطل» وذلك حسب رؤيتهم أن الظروف الحالية التى يمر بها الوطن تستدعى الموافقة بلا تردد.

ناهيك عن سلوكيات رئيس البرلمان الذى جاء عن طريق موافقة ومبايعة ما يسمى بـ«ائتلاف دعم مصر» ذلك الائتلاف المصنع والمصنوع والذى لا يدرى ولا يعى لغير أن يكون حزب الحكومة الذى يبرر ويوافق ويبصم على كل ما هو مطلوب وتحت بند الاستقرار.

فرئيس البرلمان الذى يقول إنه أستاذ قانون دستورى ويردد دائما وأبدا أنه ضمن من وضعوا مشروع الدستور، يا للأسف يعلن أن الآن ليس وقت استقلال السلطات فكل السلطات واحدة ولا يجب أن يكون هناك خلاف مع الحكومة!! فهل هذا كلام دستورى يتناسب مع الدستور يا أستاذ وواضع الدستور؟ وهل ممارسة كل سلطة لصلاحياتها هو تنازع؟ وهل رقابة الحكومة وهذا هو عمل البرلمان دستورياً يعنى صراعا بين البرلمان والحكومة؟ أم أن الأمر غير ذلك وهو خوفك وأعضاء دعم مصر من عدم تمكن البرلمان من تشكيل حكومة بديلة لهذه الحكومة، ولذا يصبح دستورياً البرلمان محلولاً خاصة أنه لا يوجد بالفعل حزب أغلبية حقيقى يمتلك أجندة وبرنامجا حزبيا وسياسيا تلتف حوله تلك الأغلبية حتى يمكن أن يشكل حكومة بديلة خاصة أن أغلبية البرلمان مستقلون بلا هوية سياسية.

ولذا نرى رئيس المجلس الذى يعتمد على دعم مصر يقدم نفسه رئيساً لبرلمان دعم مصر وليس لبرلمان الشعب المصرى، كما أن ممارساته فى إدارة الجلسة قد حولت البرلمان إلى جلسة فى مدرسة، فلم نر فى أى برلمان سابق أن يأمر الرئيس بطرد أعضاء البرلمان بهذه الطريقة وبهذا الشكل المهين للشعب؟ فكيف يوافق ما يسمى بالأغلبية على هذا الطرد وكيف وأين الحصانة؟ فحق العضو أن يقول ما يريد، وإذا خرج عن السياق يطلب الرئيس الحذف من المضبطة، ولو تجاوز خارج النص يحول للجنة القيم ولكن لا يطرد، فسياسة الطرد هى عدم ثقة وعدم قدرة على إدارة الجلسة، أيضا وهو الأهم هل رئيس البرلمان يعبر عن الشعب ويمثله أم هو جزء من السلطة التنفيذية ويسعى إلى رضائها؟ بناء الوطن ومجابهة التحديات ومجابهة الإرهاب والقضاء على الفساد وحل المشكلات وإقامة العدل ودولة القانون وتطبيق الدستور لن يكون بغير ممارسة كل سلطة لصلاحيتها حتى لا تجور ولا تستبد وكفى هذا الأسلوب لأنه لن يفيد ولن يبنى، حفظ الله مصر بشعبها العظيم.