رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة السباكين


تزايدت مشكلة صنبور المياه، فى الحوض بجوار دورة المياه، عن الحد المسموح به، وتحولت النقط المتباعدة، إلى خرير متصل من المياه، وهو أمر بلا شك مزعج ومقلق فى آن واحد ...

... المزعج أن تتعامل مع سباك من مدينتنا، فى وسط الصعيد، أما الأكثر إزعاجاً، أن تلاحظ زوجتك ذلك، وتنبهك، ثم تتدخل فى الأمر، وتطالبك بعمل شىء لإصلاح عطل الصنبور، وإنقاذ الثروة القومية التى تهدر فى بيتنا. السباك عندنا، كالطبيب، ليس بالرجل الهين، ولا بالسهل، هو يعرف ما يريد، ويتعامل مباشرة، ويعرف أن الطلبات عليه كثيرة، فهو يتعامل بشموخ اعتمدت على الله، وحصلت على رقم تليفون سباك معروف، وطلبته.

كما توقعت، لم يرد من المرة الأولى . مع أن الخط لم يكن مشغولاً. ولكنه ولحسن حظى، رد على تليفونى بعد المحاولة الرابعة، وأخبرنى أنه سيرسل أحد معاونيه، غداً بإذن الله. فى اليوم التالى، جاء رجل فى الأربعين، ومعه حقيبة جميلة، وقال إنه من طرف الحاج سمير السباك، المعلم الكبير. أدخلته غرفة الجلوس، وحكيت له عن الصنبور والماء الذى ينزل منه، ثم مشيت أمامه إلى الصنبور، نظر إليه، وأمسكه بيده، وطلب تغيير الخلاط بأكمله، وأشار الى ترسبات ملحية تترسب حول نقط التقاء صنبورى الساخن والبارد بالخلاط، وطلب تغيير الخلاط بأكمله، ولم يتكلم. حاولت أن أخبره أن الخلاط سليم، وأن الصنبور فقط هو التالف، ولكنه، اتجه ناحية الأنتريه، ثم جلس وفى يده حقيبته.

جهزت زوجتى علبتى كوكولا كانز باردتين، من الثلاجة، حيث تناول واحدة، وبسرعة البرق فتحها، وأخرج من الحقيبة ورقة وقلماً وكتب: خلاط من نوع حنفية. شريط لاصق شريط مانع للتسرب. جلد مقاسات. ثم قطع الورقة من الدفتر، وناولها لى. تماماً كطبيب متمرس.

نظرت إليه، وأخبرته أنه لا خبرة لى بشراء تلك الأصناف، فأخبرنى أنه ممكن أن يقوم بها، نيابة عنى، سألته عن المبلغ فقال: 500 جنيه. تحت الحساب .

وطلب أنه سيحضر معه، على حسابى، عاملاً ليساعده، وأخبرنى أن أجرة العامل 50 جنيهاً، خلاف أتعابه هو، ولما سألته عن أجره، ابتسم، ونظر لبلاهتى وقال، أخبرنى أنها معروفة وثابتة منذ أشهر، وهى لا تزيد على 150 جنيهاً. أخذت الورقة، وأخبرته . بأننى بعد صرف المعاش، سأكلمك، ونظرت ناحية مروحة السقف، وانتظرت أن يخرج، ولكنه لم يفعل، واستمر جالساً، وإن كان متململأ، نظرت ناحيته، قال: أجرة الكشف 50 جنيهاً!

ناولته عشرة جنيهات. قلبها بين يديه، ولما فتحت له الباب انصرف. بعد أن خرج ذهبت إلى محل بالمدينة، واشتريت مفتاح فرنساوى صغيراً، وبعض قطع الجلود المناسبة وموانع تسرب المياه، من نوع حديث، وأغلقت محبس المياه، وفتحت الصنبور وأخرجت الجلدة التالفة، ووضعت واحدة بدلاً منها، ووضعت مانع التسرب وربطت الصنبور جيداً، وفتحت المحبس فانقطع التسرب. فحمدت الله كثيرا، وقررت أن أكون سباكاً لأهلى وأصدقائى والجيران.