رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وتاهت منا «شكراً»


كلنا يعرف معنى وقيمة الشكر، سواء وجه إلى الخالق والمعبود إلهنا الواحد كلى الوجود الذى لاحدود لوجوده، فهو أزلى أبدى يشرق بنوره على القلوب فتتغير من البربرية والعنف إلى قلوب رحيمة وأيد سخية وعلاقة متبادلة بين الخالق والمخلوق، تغير الطبائع الوحشية إلى مشاعر رقيقة فياضة تعبر عنها لغة الكلام وتوجه إلى فعل الخير وأعمال الرحمة وسخاء معطاء بلاحدود...

... ومن ملامح هذا التغير فى الاتجاه والفعل لغة الشكر، فالإنسان بطبعه ناسٍ للخير، ولا ينسى الإيذاء والضرر حتى إنه كثير الشكوى سريع البكاء ويحتاج لمن يذكره بحسنات الله ونعمه الكثيرة وبعد هذه المقدمة الواجبة، أذكر القارئ أنه منذنحو أربعة أشهر كتبت فى هذا الموقع عن التدنى الذى وصلت إليه بعض الأحياء والطرق، التى كنا نفتخر بها وبجمالها باعتبارها من الأحياء الجديدة نسبيا، بمقارنتها باحياء الألفية الماضية والتى لم يعمل لها حسابا إن مصر سيتضاعف أعداد سكانها و بهذا المعدل السريع جدا وله بالطبع أسبابه وان كانت غير مبررة كليا شكوت فى مقالى من الحالة المزرية التى وصل اليها شارع مكرم عبيد بمدينة نصر رغم ازدحامه بالشركات العظمى والمرتفعة المبانى إلا أن أمامها حالة الشارع تحزن بل وتبكى، و حتى الحديقة التى أراد مؤسسوها أن تكون ملاذا لأطفالنا لم تعد إلا مأوى للكلاب الضالة ومن أصحاب المحلات العشوائية التى احتلت الارصفة طولا وعرضا. ولم تمر إلا أشهر قليلة وعدت بعدها لأجد يد الإصلاح قد امتدت إلى الشارع المشار إلية، ثم إلى عدد كبير من شوارع العاصمة . ولست أدرى هل ساهم أصحاب المشاريع الكبيرة فى الشارع لإصلاح ما أفسده المفسدون ؟ أما أن ذلك كان مخططا له من قبل ونحن من لا يعرف وكان الأجدر أن توضع لافتة تقول المحافظة تقوم بإصلاح شامل لشارع له تاريخ وذلك بمساهمات كريمة من الآتى أسماءهم هذا إن وجدوا.

أما وقد بدأ العمل وأزيلت التراكمات الطينية وإن لم تكن قد رفعت من الشارع فهذا دليل على صدق النوايا وحسن التخطيط وإنقاذ الشوارع من معاناتها ردحا من الزمن.

ثم تجولت فى بعض الشوارع الأخرى لأجد أن هناك عزيمة جادة فى إصلاح أحوال العاصمة. أما ما آلمنى فهو أن أجد تراكمات ما أزيل على شكل أكوام من الأتربة الناتجة عن إزالتها حتى تكاد تطمس الرمال النظيفة وقد يكون للأتربة فائدة فى الزراعة إلا أنها احتلت جانبى الطرق وأصبحت عائقا لمن يسير على قدميه. وما رأيته فى الشارع المشار إليه لاحظت تكراره فى العديد من الشوارع الأخرى مع توقف الأعمال فى كل ما رأته عيناى

وحتى لا ننسى كلمة الشكر الواجب لمن استجاب لأنين المارة فإنى أردت الشكر للجهود المبذولة ولمن بادر بمد اليد لإنقاذ جمال المدينة التى كانت مثالا لأجمل المدن فى سالف العصر غير البعيد

أما ما أردت أيضا الإشارة إليه، فهو دور القائمين على التنفيذ الذى أراه بطىء الإيقاع شديد الخطر على المارة وعلى المشروع وربما على ما أنفق من أموال ليست بقليلة.

أما الخطر الأكبر فهو فى حالة سقوط أمطار حتى تتحول الأتربة الناتجة عن المشروع إلى برك من الأوحال التى لا يحمد عقباها.

فهل هناك خطة وخطوات للمشروع هى فى فكرمنفذيه لا يعلمها إلا أصحابها ؟ وقد تزرع هذه الجزر بالأشجار ذات الورود والجمال ولكن إلى حين ميسرة وعند تدبير الموازنة والموارد وعندهاستكون الحالة إلى أردأ ؟

إننى لا أنسى كلمة شكر لإنقاذ حالة شوارعنا الجميلة، ولكن أيضا أذكر بالإسراع فى العمل وإنجازه منتظرا من أصحاب الأعمال الذين يتمتعوا بهذه المواقع أن يبادروا بالمشاركة الفعلية لتحقيق هذا العمل الواجب وهم سيكونو أول المستفيدين منه.

وليتبارى رجال الأعمال فى تجميل وخضرة الشوارع التى يوجد بها مقراتهم ومن جانب الأحياء التى تقع تلك الجهات المتعاونة معا فى تجميل شوارعهم أن توضع لافتات جميلة تعبر عن شكر مسئولى الأحياء والشعب القاطن بها تقديرالكل من تعاون فى تجميل شوارع المنطقة. كل هذايتم من خلال منظومة شعبية حتى تتناسق الاعمال، وإلا لظهرت بنتيجة عكسية.

إننى على ثقة أن رجال الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والكبيرة كل فى دائرته لقادرون على تجميل مدننا وحتى قرانا دون تحميل على موازنة الدولة حتى توجه الأموال الرسمية إلى التعليم والصحة والأمن العام مع مشروعات التنمية وإصلاح الطرق العامة التى تعود على المواطنين بالأمن وسلامة الأنفس من كروب ومخاطر الطرق التى ارتفعت كثيرا حتى أصبح معدلها من أعلى النسب العالمية.

وعودة إلى لغة الشكر الواجب، فالشكر نعمة أقرتها كل الدنيا ثقافة وحياة ودينا وتعليما، ومن لا يشكر فهو جاحد ومذنب، ومسئولية الآباء والمعلمين كل فى مجاله أن يعلموا أطفالهم لغة الشكر وممارسته وقد تعلمنا فى طفولتنا أن الخالق سبحانه أرسل ملاكين إلى الأرض كلّف أحدهما بجمع مطالب العباد فى كل البلاد وكلف الآخر أن يجمع رسائل الشكر بعد تحقيق تلك المطالَب، وتجول الملاكان فى كل الأرض وبعد فترة قصيرةجدا عاد ملاك المطالَب وقد امتلأت حقائبه بمطالب الشعب التى استجيبت فى الحال وطال تجوال ملاك التشكرات وعاد وحقيبته كادت أن تكون خالية إلا من القليل من رسائل الشكر.

ومع أن الرواية هى من تصورات البشر، إلا أنها تعبر تعبيرا صادقا عن أحوالنا حيث تكثر الشكوى حتى البكوى، وقليل جدا أن نشكر مع علمنا وتعليمنا عن الشكر الذى هو نافع للشاكرين أنفسهم نفسيا وخلقيا وتعليميا.

شكرًا لكل مسئول فكر، ولكل من ساهم، وليتكافل المتنافسون فى تجميل عاصمتنا حتى تنتقل العدوى الجميلة إلى كل مدينة وقرية، وإنى لعلى ثقة أننا قادرون، فلنبدأ العمل.