رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر .. وإيران


علاقة مصر بإيران ليست عقائدية، كما يحاول البعض تصويرها، ولكنها علاقة نشأت عام 1928 عندما وقعت الدولة العثمانية التى كانت تحتل مصر اتفاقية مع الدولة القاجارية الإيرانية تمكنت فيها الدولة الإيرانية من تأسيس قنصليات لها فى الولايات العثمانية، وكان أول قنصل إيرانى لمصر هو «حاجى محمد صادق خان».

أما فى العصر الحديث، فإن العلاقات المصرية الإيرانية بما فيها من تمدد وانكماش كانت من صنع ملوك مصر ورؤسائها، ولا يجب ألا ننسى أن «محمد رضا بهلوى» شاه إيران،كان قد تزوج من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، قبل ثورة يوليو 1952، وكان جمال عبد الناصر يكره شاه إيران لأنه كان يصانع الأمريكان، ولكن شاه إيران أيضا قدم لمصر باصات إيرانية، وكان ممن ساعدوا السادات للاقتراب من أمريكا، وعندما قام الخمينى بالثورة على الشاه لم يجد الشاه مأوى، فطلبه السادات، وعالجه ودفنه عندما مات، لأجل هذا قام الإيرانيون الجدد بإطلاق اسم قاتل السادات على أهم شوارع طهران. ومن هنا بدأت العلاقات تتوتر بين إيران ومصر عندما وقفت مصر مع صدام حسين ضد إيران، وقام الإيرانيون بإنتاج وإخراج فيلم وثائقى أنتجته لجنة تكريم شهداء الحركة الإسلامية العالمية، عرض فى العام 2008، وأثر سلبا فى العلاقات المصرية الإيرانية. يتناول الفيلم، واقعة اغتيال الرئيس محمد أنور السادات رئيس مصر الأسبق، الذى استقبل شاه إيران بعد قيام الثورة الإسلامية هناك. خطورةالفيلم أنه يصف الرئيس محمد أنور السادات بـ«الخائن»، ويصف قاتليه بالشهداء، وكانت قصة تدور حول السبب الذى من أجله قتل الإرهابيون الرئيس السادات ويقولون إن سبب القتل هو قيام الرئيس بتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد» مع العدو الصهيونى. وفى عام 2010 قامت إيران بإزالة اسم قاتل السادات من على الشارع فى محاولة للتقارب مع مصر .

حتى قامت ثورة يناير 2011، وبدأ التقارب الإيرانى، بعد سقوط حسنى مبارك، وتولى الرئيس محمد مرسى الحكم، حيث زار إيران فى نهاية أغسطس 2012 لحضور قمة عدم الانحياز فى طهران واستقبلوه بحفاوة كبيرة من الرئيس أحمدى نجاد، وفى أبريل 2013 قام الرئيس الإيرانى «نجاد» بزيارة لمصر لحضور القمة الإسلامية فى القاهرة، وقام باستقباله الرئيس «مرسى»بحفاوة، وزار نجاد جامع الأزهر ومقام السيدة زينب .غير أن ما حدث بعد ذلك أسهم فى انكماش العلاقات، حيث حدثت مذبحة الشيعة الكبرى فى قرية أبو مسلم التابعة للجيزة، فى يونيه 2013، أيام حكم الإخوان، وهاجم العشرات من أهالى القرية منزلاً مملوكا لأحد السكان المعروفين بانتمائهم للمذهب الشيعى أثناء اجتماع دينى حضره الداعية الشيعى حسن شحاته ومجموعة من أتباعه. وحاصروه لفترة وسط تحريض من دعاة سلفيين وألقوه بالحجارة وقذائف المولوتوف, ثم حاولوا اقتحامه وقاموا بهدم أجزاء من السقف قبل أن ينجحوا فى إخراج الشيخ «حسن شحاتة» وشقيقيه وواحد من أتباعه، وقاموا بضربهم بعصى وآلات حادة وسحلهم فى الشارع قبل أن تتسلمهم الشرطة ، التى تواجدت منذ بداية الحصار ولم تتدخل، وذلك وفق إفادات لشهود عيان من المنتمين للمذهب الشيعى فى زاوية أبو مسلم وآخرين من سكان القرية. وأعلنت الصحة عن وفاة الأربعة: الشيخ حسن محمد شحاتة وشقيقيه: شحاتة محمد شحاتة وإبراهيم محمد شحاتة، وأحد تلاميذه عماد ربيع على. وكانت من تدبير غلاة المتطرفين السنة ومع ذلك فإن حب الشعب المصرى لآل البيت لم يمنعه من كراهية التطرف، أيا كان سنيا أو شيعيا ..الآن تتحرك تلك العلاقات قليلا بسبب القضايا الدولية ومحاولات التدخل فى سوريا.