رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأقباط.. ونخب الإصلاح


بينما كان الدكتور رفيق حبيب -المفكر المسيحى ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة- يؤكد أن الانتخابات البرلمانية المصرية فى عهد «مرسى» هى أول انتخابات برلمانية نزيهة فى التاريخ المصرى الحديث، ومعها شكل الشعب أول برلمان يعبر عنه بعد الثورة، التزمت النخبة من رجال الكنيسة ومن هم على يمينها الصمت والاقتراب من القبول، أما النخبة غير المرضى عنها من الكنيسة ومن يرابضون على يسارها من أهل الرأى والخبرة والاجتهاد فقد رصدوا بغضب حالة الاصطفاف على أساس الهوية الدينية فى طوابير الانتخابات، ومن قبلها طوابير موقعة الصناديق أمام لجان الاستفتاء بنشر قناعة إيمانية بين البسطاء بـــ «نعم» المؤمنة و «لا» الكافرة، ووصولاً من وجهة نظرهم إلى برلمان يرونه غيرممثل لقوى الثورة الحقيقية، فكيف يمكن فى برلمان ثورة تعنيف نائب لقوله إن هناك شرعية لميادين التحرير، باعتبار أنه لا شرعية الآن إلا للبرلمان، مع أن شرعية أى برلمانى وجلوسه على كرسى تمثيل الشعب ما كان يتحقق لولا قيام ثورة كان لها فضل تصعيد أهل المعارضة وأعضاء المحظورة وأصحاب المرجعية السلفية لعضويته .

من تلك الفترة باتت هناك تقسيمات نوعية للنخب المسيحية التى تمتلك فرص البوح والقول، بين من تحل له بركة الطاعة وهباتها التى تتيح له الحديث باسم الكاتدرائية «ثم تنفى الكنيسة فيما بعد حقهم هذا على الطريقة الإخوانية كل مرة» ليحتلوا موقعهم يمين الكنيسة الحميم باعتبارهم الجليس الطيب المهاود، وعلى مقربة منهم بحذرمن يمثل نخبة أخرى قريبة من اليمين دون إعلان مباشر، ينتسب لعضويتها من يقول ويكتب ويُنظَّر عبر منابر الخطابة بميزان حساس بما لايُغضب أهل اليمين للحفاظ على موقعه مرضى عليه من الكنيسة مهما تصاعدت الأحداث التى ينبغى أن يتفاعل معها «ضد/ مع» فيذهب بسرعة إلى مناطق رمادية وبذكاء بهلوانى وامتلاك ناصية التعبيرات الفوقية التى تستغلق متاريسها على البسطاء فيبقوا هؤلاء فى مناطق الدهشة فقط يفغروا الأفواه ويرفعوا حواجب إدعاء الفهم، يُمنحون صك الاعتماد الجماهيرى وحق الوجود فى الوسط الفكرى المسيحى مع ميزة التمتع بالرضا الحكومى، وهى النخبة التى ترشح منها الكنيسة لعضوية البرلمان أو المناصب الحكومية عندما يُطلب منها ذلك «يحدث ذلك عند رضا السلطان عن الكنيسة ورجالها، أما عند الغضب يعينون نائباً فى البرلمان من بين النخبة المعارضة القابعة على يسارها لمعاقبتها» .. وحدث ذلك حتى بعد الثورة فتم تعيين أحدهم فى منصب حكومى مرموق دون سابق خبرة فى ميدان ذلك المنصب !!

والفصيل الثالث للنخب المسيحية هم من جمعوا بين رضا الكنيسة المباشر، وأيضاً دعم النظام والسلطات الحاكمة المباشر، وقد عانى أصحاب الرؤى الإصلاحية من وجودهم الأخطبوطى، فكانوا فى الزمن المباركى هم أعضاء فى لجنة السياسات التى تمثل رأس الحزب الوطنى الحاكم المنحل، وكانوا على رأس كل موائد الحوار جاهزين لقمع كل صاحب فكر إصلاحى.. أما النوع الرابع فى التقسيمة النخبوية لأقباط بلدنا، فيأتى فى صدارتها مجموعة التيار العلمانى «العلمانيون فى الكنيسة المصرية هم غير أصحاب الرتب الكهنوتية» وهم امتداد لأجداد وآباء نبهوا وحذروا وشخصوا وأشاروا للعلاج الناجع لمشاكل تعثر العيش المشترك والسلام الاجتماعى والتعامل القابل للتطبيق مع مشاكل شيوع طائفية الفكر والسلوك والمخاطر الناشئة عن اتساع دوائرها أفقياً، وتصاعد التجدد النوعى فى الأحداث رأسياً، فواصلوا الجهود التى تقترب أكثر من إصلاح نظم وتدابير الإدارة الكنسية وإعلامها وأمورعلاقاتها مع مؤسسات الدولة وأجهزتها المعنية بالتشريع والقضاء، والتوصية عبر مؤتمرات يوالون تنظيمها والإعلان عن توصياتها وإرسالها إلى كل الجهات المعنية وفى مقدمتها الكنيسة والمسجد. وللحديث بقية.