رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وثائق التمويل الأجنبى السرى لمنظمات مصرية


أعادت هيئة الكتاب مؤخراً طباعة كتاب «وثائق التمويل الأجنبى السرى لمنظمات مصرية» للكاتب المعروف عبد القادر شهيب، وكانت طبعته الأولى قد صدرت فى مارس 2012...

... وبهذا الكتاب المهم للغاية يواصل عبد القادر شهيب معركة التصدى للتمويل الأجنبى للمنظمات المصرية بعد أن وجد صناع المخططات الأمريكية الإسرائيلية أن شراء عقل النخبة وموقفها من هموم أوطانها أرخص بكثير من تحريك الطائرات وتزويدها بالوقود فى عمليات الغزو والاحتلال. كتاب عبد القادر شهيب حلقة من حلقات مقاومة ذلك التمويل وأثره الخطير فى تحريك قوى عديدة كان لمعظمها صلة بتاريخ الثقافة والكفاح لتكريس كل خبراتها لجرجرة الكفاح الوطنى بعيداً عن أهدافه مقابل المال. وكانت أولى حلقات ذلك التصدى حين نشرت سناء المصرى كتابها المهم «تمويل وتطبيع» عام 1998، وأثار ضجة فى حينه لأنه اشتمل صراحة وبالتحديد على أسماء المتمولين والجهات المانحة والنشاط الذى يصب فى التطبيع مع إسرائيل والاستعمار. الكتاب الثانى فى هذا المجال هو «التمويل الأجنبى» ونشرته الرابطة الشعبية لمقاومة الإمبريالية فى 2004، أما الكتاب الثالث الأكبر أثراً ووضوحاً فهو «الحرب الباردة الثقافية «لمؤلفته البريطانية «فرانسيس سوندرز» ترجمة طلعت الشايب، وخطورة ذلك الكتاب أن مؤلفته ليست عربية، فلا يمكن اتهامها بالتحامل على المنظمات المصرية الممولة، ولهذا تكتسب شهادتها أهمية خاصة. وفى كتاب الشايب تشير المؤلفة تحديداً إلى أن وكالة المخابرات الأمريكية نظمت وأدارت جبهة ثقافية عريضة بدعوى «حرية التعبير» مع الإقرار بأن المعركة تدور» من أجل الاستيلاء على عقول البشر»، وأن تلك الجبهة قامت بتكريس ترسانة من الأسلحة الثقافية، صحف وكتب ومؤتمرات وندوات ومعارض وحفلات موسيقية وجوائز.. إلخ.. وكانت محاور النشاط الرئيسية تدور حول الشمولية والفن والحرية والثقافة الحرة فى عالم حر». ينتقل بنا عبد القادر شهيب من خريطة الأهداف العامة التى يحددها التمويل إلى تطبيق كل ذلك فى مصر، ليس فقط بالنسبة للمنظمات التى تخفى وجهها وراء قناع سياسى، بل وبالنسبة لمنظمات ودور نشر ومراكز تخفى وجهها خلف الثقافة. يلفت شهيب النظر إلى إعلان هيئة التنمية الأمريكية فى مارس 2011 عن تلقيها طلبات لتمويل الهيئات المصرية الأهلية، وتخصيص مائة وخمسين مليون دولار – مقتطعة من برنامج المساعدات الاقتصادية لمصر- لتلك المنظمات، وكيف أن الهيئة الأمريكية تلقت بعد إعلانها طلبات تمويل من نحو ستمائة منظمة مصرية تتوارى تحت شعارات حقوق الإنسان وغيرها. وفى عام 2011 حصلت نحو مائة وستين منظمة مصرية على أكثر من نصف مليار جنيه! مع الإصرار على «سرية التمويل» ليس فقط من جانب من يدفعونه بل أساساً من جانب من يتلقونه! وحسب تصريحات للسفيرة الأمريكية السابقة فى القاهرة «سكوبى» بررت السفيرة رفضها الكشف عن المنظمات الممولة بأن من تلقوا هذه الأموال يرفضون الإفصاح عن أسمائهم ومنظماتهم! تحية للكتاب والكاتب الذى ألقى المزيد من الضوء على عمالة تتوارى تحت عبارات منمقة عن الثقافة والحرية، وياقات بيضاء، وحفلات، ومؤتمرات، وعطور لا يسعها أن تكتم رائحة العفن.