رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل بات على مسيحيى الشرق البحث عن أوطان بديلة؟!


من منا ينسى ما تعرضت له كنيسة سيدة النجاة بتاريخ 31 أكتوبر عام 2010، حيث واجهت هجوماً مسلحاً من قبل تنظيم القاعدة أثناء قداس الأحد، وتم احتجاز 120 مواطناً من المصلين والكهنة، كرهائن، وطالبوا بالإفراج عن سجناء من القاعدة فى العراق ومصر...

... وعلى مدار ساعتين، وسط ضجة طائرات الهليكوبتر الأمريكية والعراقية ودوى الرصاص، حررت قوات الجيش والشرطة إلى جانب قوة يطلق عليها «الفرقة الذهبية» الرهائن، بعد إغلاق تام لمنطقة الكرادة حيث الكنيسة. وكان المسلحون قد قتلوا أحد القساوسة، وهددوا بقتل الرهائن مالم تلبى مطالبهم، وانتهت العملية بتفجير الانتحاريين أنفسهم داخل الكنيسة متسببين بقتل العشرات ولم يبق منهم سوى صور جمعت فى لوحة كبيرة أمام الكنيسة توقد لهم الشموع بين الحين والآخر وفى الأعياد وأيام الأحاد..

ورغم تحذير «القاعدة» بأن الهجوم القادم سيكون فى مصر، لم تتحرك داخلية «العادلى» التحرك الجيد تحسباً لصدق التهديد، وأثناء احتفال أقباط كنيسة القديسين بالإسكندرية بقدوم عام ميلادى جديد مساء 31 ديسمبر من العام نفسه، كانت العملية الإرهابية البشعة الشهيرة وسالت الدماء على جدران الكنيسة، وكان ضحيتها 21 شهيداً و97 مصاباً.. وتوالت الأحداث الإرهابية والاعتداءات على الكنائس .. حرق وتدمير وهدم وصولاً لحادث الوراق، وكوارث التهجير القسرى وفرض الإتاوات على المواطنين المسيحيين، وصولاً لكوارث زمن حكم الإخوان، وما حدث بعد فض اعتصامات رابعة الإرهابية.

وعربياً، كانت التوجيهات التى يُجمع أهل التحليل السياسى لوضع المسيحيين فى الشرق أنها تأتى فى سياق مؤامرة غربية أمريكية، ليكون الذهاب هذه المرة إلى مدينة «معلولا» وشرق سوريا، والمعروف أنها المنطقة التى يتحدث أهلها اللغة الأرامية التى كان يتحدث بها السيد المسيح، فكان الهجوم على الكنائس والمواقع التراثية التاريخية الرائعة، وكأنه المطلوب القضاء على ذلك التراث الحضارى النادر «وهو ما يذكرنا بما حدث لمتحف ملوى من تدمير وسرقة وتبديد لمحتوياته»، وتم سرقة الأيقونات المسيحية والاتجار فيها فى الأسواق التركية، ولعله توجه أمريكى للنيل من وجه الحضارة فى المشرق، بالإضافة لتحقيق هدف إخلاء سوريا من المسيحيين حيث يرونهم أصحاب بأس، ففى «معلولا» أكثر من مليون مسيحى يرفضون سياسات الولايات المتحدة الأمريكية و ينتمون للعرب فكان دعم احتجاز الراهبات، ومن قبلهم كان اختطاف كهنة!!

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد قطعت علاقتها بدولة الفاتيكان غضباً من إعلان تعاطف قداسة بابا الفاتيكان مع ضحايا العنف الطائفى فى «معلولا» وغيرها، وهو ما يدعم فكرة المخطط الأمريكى المحفز لجماعات التطرف فى المنطقة لتحقيق الفوضى والتقسيم وإضعاف الجيوش العربية، وتحقق لهم ما أرادوا فى العراق، تشكيل الجيش الحر فى سوريا من ميليشيات التطرف أتت من دول حاضنة وراعية للإرهاب.

وهذا اليقين من صحة التوجه الأمريكى يتأكد لنا من الموقف السلبى من جانب الإدارة الأمريكية إزاء أحداث حرق وهدم وتدمير العشرات من الكنائس المصرية، بينما هاجت وماجت وأعلنت عن عظيم غضبها من إصدار الحكومة المصرية لقانون التظاهر، وأعربت عن قلقها البالغ من قمع المعارضة على أبواب مجلس الشورى، أما حوادث التهجير القسرى للمسيحيين واستهداف أمنهم، فيبدو أنه من مصادر سعادتهم!!