رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيه حكاية كاتب قبطى دى؟!


تلاحظ فى الفترة الأخيرة ظهور نخبة من أصحاب مصطلحات تتجدد كل يوم ليختلفوا عليها فيما بينهم أمام كاميرات الفضائيات وعلى صفحات الإثارة وزوايا الرأى بشكل يستحق التأمل بعد التوقف عندها.. فى غضب وبضيق شديد ـ وله كل الحق ــ قال المتحدث لمقدم البرنامج أرجوك أنا كاتب مصرى إيه حكاية كاتب قبطى اللى ماشية فى البلد اليومين دول، هوه ده تصنيف مقصود بيه إيه؟!!...

... وبشكل قاطع جازم رفض آخر فى حديث صحفى مصطلح «فتنة طائفية» لأنه يصور مصر وكأنها تحولت إلى مجتمع طائفى، والحكاية يمكن وصفها فقط بالتوتر الدينى، وعندما باغته السائل وماذا عن «فيروس تفكيك الأمة» ؟.. قال محدثنا إن انتشار هذا الميكروب فى جسد الأمة يعود بكل طائفة إلى انتماءاتها الأولية «القبلية العشائرية، المذهبية» بدلاً من أن تقول أنا مصرى تجد نفسك تقول أنا «سنى» أو «شيعى» أو «بدوى» وعندئذ يتفكك المجتمع.

وكاتب آخر يحدثنا عن ضرورة التجادل على «أرضية المواطنة» فقط، وصاحب عمود يرى ضرورة التفرغ لإطلاق حكم نهائى وباتر لكل ما هو مع المواطنة وما هو ضد المواطنة باعتبار أن تصنيف المؤسسات والناس على هذا النحو حل المشاكل!! وعلى العكس يرفض مفكر آخر الإسهاب فى حكاية الكلام عن المواطنة معرفاً المواطنة بأنها حركة المواطن على أرض الواقع، وهى ليست شعاراً قائلاً «الواحد منا بينام ويصحى مش محتاج حد يقول له إنت مواطن، والمهم» «حركة المواطن».. ويضيف هذا يعنى أنه بمقدار تحرك المواطن يحصل على حقوقه، والحقوق لا تُمنح وإنما تُكتسب.. ومن النخبة مسئول كبير بالمجلس الملى يرد على سائله حول عزلة الأقباط أنهم لن يقحموا أنفسهم فى مكان لن يقبلهم أصلاً وعندما سأله الصحفى لماذا لا تتبنون تقرير العطيفى وإعادة تقديم بنوده الإيجابية قال المسئول أسألوا اللجنة!!.. وبسؤاله عن عدم شلح الكنيسة للكاهن المتشدد قال الكاهن لم يهرطق «الهرطقة هى الكفر بالإيمان المسيحى عبر إطلاق بدع مغايرة للثوابت».. وما لم يسأله الصحفى للمسئول هل الإيمان المسيحى يوافق على إهانة معتقدات الآخر حتى لو قام الآخر بإهانة معتقدات المسيحى؟!

أيضاً وزير سابق وأكاديمى شهير يؤكد بشفافية أن المناهج التعليمية بها تمييز وتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وأضاف هناك صفحات كاملة مأخوذة من كتب سيد قطب، أما ما لم يسأله الصحفى: لماذا الآن فقط تتحدثون عن مناهج التعليم وأنتم فى ذروة الهرم التنفيذى والسياسى منذ أمد كبير ولم يكن ذلك من بين ما تقولون أو تطرحون على اللجنة أو الحزب أو المجتمع والرأى العام؟! ما قصدت من استعراض بعض ما يقوله أهل الحكمة وأصحاب الكلمة النيل من مصداقيتها أو أهميتها وضرورتها أو تجاوزها أحياناً فى توصيف الواقع، أو عدم تماسها مع معاناة الناس وآلامهم وهم يعيشون حالة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد والتمييز على أساس الجنس أو الدين أو الحسب والنسب.. إننى فقط أعلن عن حالة الملل والغيظ من توقف أهل الكلمة والرأى عند مصطلحات وتعريفات يتصورون أن تعديلها فقط من شأنه إحداث الإصلاح المجتمعى والسلام الإنسانى.. أى فضل يمكن أن يضاف إذا كانت الفتنة غيرنا اسمها بالتوتر أو الاحتقان؟!.. ماذا يمكن أن يحدث من تحول على أرض الواقع إذا قلنا وحدة وطنية أو استبدلناها بنسيج وطنى واحد؟!.. وماذا يمكن أن يضير البشر فى مصر إذا أطلقنا على شكل العلاقة بين المسيحى والمسلم بأنهم شركاء الوطنأو عنصرا الأمة.. ما الإفادة الفعلية من وصف أقباط مصر بالأقلية من عدمه على أرض الواقع.

وماذا يفيد الحديث عن ضرورة حذف الديانة من بطاقة الهوية إذا كنا قد قررنا أن نطلق أسماء مينا ومارينا وأرميا، وعلى الجانب الآخر حذيفة وجهاد وكعب فى افتخار وزهو وتدين حتى لو كان مظهرياً.. والأمثلة كثيرة لتعاريف نتوقف عندها ونتشاجر أحياناً لتغييرها أو تصويبها فى حالة توهان غير مطلوبة فى زمن الأزمة.. ينسحب كلامى أيضاً على تعريفات «الدولة المدنية» و«الحداثة» و«المواطنة»... إلخ، شىء طيب أن نتابع حرص واهتمام العديد من الوسائط الإعلامية المعنية بموضوعية بأمر إصلاح العلاقة بين أبناء الوطن عبر الدعوة إلى تبادل الرأى وطرح الرؤى لتوصيف ومعالجة حالة الاحتقان الطائفى التى لم يعد ينكر وجودها أحد.