رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احذروا عدم التصويت.. هو ثورة صامتة


لم يفاجأ البعض بتلك النسب التصويتية المتدنية والتى فاجأت الجميع فى المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان والتى جرت ١٨ و١٩ أكتوبر الجارى فى أربع عشرة محافظة، حيث إنه كانت هناك بوادر ومؤشرات سابقة كانت تنبئ بهذه النسبة بالرغم من البيان الذى أدلى به السيسى قبل الانتخابات لحس الجماهير على النزول للمشاركة فى هذه الانتخابات. وذلك لأسباب كثيرة يجب التعامل معها بصراحة ووضوح وشفافية دون تغطية على الحقيقة أو بلا لف ودوران حولها. وذلك لأهمية وخطورة هذا الموقف الذى لا يجب أن نختصره فى العملية الانتخابية وحسب بالرغم من أهمية نسبة التصويت للبرلمان لما يعطيه من مصداقية جماهيرية أكثر وأعمق باعتبار أن البرلمان هو السلطة التشريعية المعبرة عن الأمة بكاملها ولكن فاق تلك النسبة غير المسبوقة فى أى انتخابات تشريعية للبرلمان، حيث إن انتخابات البرلمان غير الاستفتاءات فهى انتخابات تشمل المئات من المرشحين الذين يترشحون على أرضية عائلية وقبلية تدفع الأتباع وتستنفرهم على النزول.

ومع ذلك وجدنا عدم المشاركة هذه بما يجعلنا لا نبالغ فى القول لو قلنا إن هذا الموقف الذى تم وفى إطار ملابساته والواقع السياسى والاقتصادى المعيشى يعنى أنه أشبه بالثورة الصامتة. فإذا كانت ٢٥ يناير ثورة هادرة بخروجهم إلى الميادين فإن ١٨ و١٩ أكتوبر الجارى كانت ثورة الشعب الصامتة الشىء الذى يجعلنا والجميع وكل من يهمه أمر هذا الوطن ويعنيه سلامته وعدم استغلال الكثيرين لهذه الظروف الاستغلال السلبى أن ننزعج وندق الأجراس ونضىء الأنوار الحمراء لرصد وتحليل الأسباب الحقيقية لهذا الموقف حتى يمكن تداركه وإصلاحه فوراً قبل أن تتحول هذه الثورة الصامتة إلى شىء آخر لا نريده ولا نحبه لأنه سيكون فى غير صالح الجميع بلا استثناء.

فهناك الكثير والكثير من الأسباب والمسببات التى أنتجت ذلك الموقف منها أسباب تخص الشباب ومنها ما يثير النسبة التى تمتلك درجة من الوعى السياسى ولها موقف سياسى بذاته، وهناك الأسباب الكثيرة والمهمة التى تخص المواطن المصرى الذى يمثل الأغلبية الغالبة من هذا الشعب الصامت فى الغالب والهادر أحياناً. أولاً فإن تأجيل الانتخابات التى تم الترشح لها فى مارس الماضى أصابت الزخم الانتخابى فى مقتل وأحدثت شرخاً لدى المرشحين، حيث إن نسبة الترشح قد انخفضت عن الترشح فى مارس، كما أن الناخبين قد تأثروا من ترويج أفكار بعض النخبة وكثير من وسائل الإعلام حول عدم مصداقية النظام فى أن يكون هناك برلمان أو فى أحسن الأحوال يمكن حله فى أى وقت خاصة بعد إلغاء القانون الذى كان يلزم المحكمة الدستورية بالبت فى الدعاوى خلال ثلاثين يوماً. ثانياً: لاشك فإن ما تم من ممارسات لا تتسق مع ما بعد ٢٥/٣٠ من بعض الدوائر خاصة الأمنية كذلك من أصحاب قائمة «فى حب مصر» وما صاحب ذلك من انحيازات ظاهرة وعلنية ومن الادعاء بأنها هى قائمة النظام والسيسى.

خاصة بعدما اختلف تابعوها وعلى رأسهم مصطفى بكرى وسيف اليزل ما يسمى بمعركة تعديل الدستور الذى لم يتم التعامل معه عملياً حتى الآن، بل الإعلان على أن برنامج هذه القائمة هو تعديل الدستور لزيادة صلاحيات الرئيس تملقاً ونفاقاً له على حساب البرلمان الشىء الذى أوحى بديكتاتوريته قبل أن يولد. ثالثاً قد جاءت الترشيحات جميعها سواء على مستوى الفردى أو القوائم مستعيدة نفس الوجوه وذات الأشخاص الذين كانوا قبل ٢٥ يناير وتحت مسميات تصب جميعها فى انحسار العملية بين الوطنى القديم وممثل التيار الدينى والمخالف للمادة ٧٤ من الدستور وهو حزب النور السلفى. والجميع يتسابق ويعلن ولاءه التام للنظام والرئيس بما يعنى أن البرلمان سيكون فاقداً لأى نوع من المعارضة خاصة بعد هذه الحملة الإعلامية من منافقى النظام الرافضةللمعارضة.

الشىء الذى أصاب الجميع باليأس فى أن يكون هناك دور سياسى ينحاز للفقراء لهذا البرلمان خاصة بعدما استحال على الأغلبية مزاولة حق الترشح لعدم القدرة المالية لغير أصحاب المال والساعين للسلطة أيضاً خاصة أن القانون قد قرر نصف مليون جنيه كسقف للدعاية ناهيك عن الملايين التى أنفقت وستنفق. رابعاً: لم يجد الشباب الصدر الحانى عليهم خاصة بعد الأحاديث التى لا تنتهى عن دور الشباب ومشاركتهم فى كل المجالات بل وجد البعض أن حالة التعبير عن الرأى قد ضاقت وهناك شباب خلف الأسوار بقانون التظاهر فى الوقت الذى خرج فيه رموز مبارك بل هم المتسيدون للمشهد الانتخابى. خامساً: على كل الأحوال وجد المواطن أن الأحلام بدأت تتبخر فى أن يجد ما يسد قوته ويفى باحتياجاته الأساسية فى مواجهة الأزمة الاقتصادية الكاسحة بدخولها المتدنية وأسعارها الجهنمية. الشىء الذى جعل الأمل فى هذا البرلمان مفقوداً فكان هذا الموقف الذى يمثل خطورة يجب عدم الاستهتار بها حتى لا ندخل فيما لا نريد وحتى نحقق حقاً أن تكون مصر لكل المصريين.