رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من هو نائب البرلمان؟


البرلمان هو السلطة التشريعية الشعبية المنتخبة من الشعب انتخاباً مباشراً، ولذلك وباعتبارها سلطة الشعب. فالبرلمان هو الذى يشرع القوانين للسلطة القضائية، أيضاً هو الذى يمارس دور الرقابة بكل أدواتها من سؤال وطلب إحاطة واستجواب وطلبات مناقشة وتشكيل لجان تقصى حقائق على السلطة التنفيذية، ولذلك وعلى ذلك وإضافة إلى أن البرلمان القادم هو الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق التى أعلنت كمحددات لمسار الهبة الجماهيرية فى ٣٠ يونيه بعد إسقاط نظام الإخوان يكون هذا البرلمان مرحلة منفصلة قادمة فى تحقيق الثورة التى أعلنت مبادئها فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وأكدها المصريون مع قواتهم المسلحة الوطنية فى ٣٠ يونيه ٢٠١٣ ولكن مازالت هذه الثورة لم تتحقق حتى الآن على أرض الواقع. ولذا فمن الطبيعى أن تكون الآمال المعقودة على هذا البرلمان آمالاً كبيرة. وإذا كان البرلمان هو مجموع نوابه الذين سيمارسون عملهم النيابى نيابة عن الأمة رقابة وتشريعاً فهل نوعية الترشيحات التى تمت سواء أكانت قوائم وما تم فيها من صراعات لا تعتمد على أى رؤية سياسية أو حزبية بقدر ما كانت هذه الصراعات تسعى إلى الحصول على المقاعد.

وقد أكد ذلك الصراع والتسابق من الجميع على ما يسمى بقائمة فى حب مصر بعدما قيل عنها إنها قائمة النظام وأن هناك تدخلات أمنية ظهرت بصماتها فى تشكيل هذه القائمة سعياً أنها تناصر النظام والرئيس وكأنهم يريدون استنساخ ممارسة ولت وراحت ولا يجب عودتها مرة أخرى خاصة بعد ٢٥/٣٠. ناهيك عن نوعية ترشيحات الفردى التى أعادت أشخاصاً وتكتلات وممارسات الانتخابات قبل ٢٥ يناير. فوجدنا نفس الأشخاص وتلك النوعيات التى اعتادت واستمرأت وراثة الموقع النيابى من عام ١٨٦٦ فهؤلاء الورثة هم مع كل الأنظمة ملكية وجمهورية اشتراكية ورأسمالية فالمهم هو مقعد النيابة المتوارث والذى يعتمد على القبلية والعصبية والطائفية والجمهورية وبالطبع القدرة المالية خاصة بعد التغييرات التى تمت بناء على بعض مواد دستور ٢٠١٤ والتى الغت نسبة الـ ٥٠٪ للعمال والفلاحين إضافة إلى ذلك القانون الذى أقر بأحقية وأفضلية من يملك ولا عزاء لكل طبقات الشعب أياً كانت مسمياتها وذلك بعد تحديد سقف الدعاية بنصف مليون جنيه للفردى فى الوقت الذى سيصرف فيه الملايين جهاراً نهاراً من السماسرة وتجار الأراضى ورواد السوق السوداء ولا عزاء لأى لجنة أو أى رقابة لما يسمى بسقف الدعاية.

وكل هذا وغيره كثير يعود بلاشك للمفاهيم الخاطئة والمتوارثة عن ماهية النائب فقد استقر فى الوجدان الشعبى للأسف أن النائب هو ما يسمى بنائب الخدمات. ولذا فقد تحول النائب الدى يكون مهمته الأساسية تشريع القوانين ومحاسبة الحكومة ومراقبتها إلى نائب يخرج الحرامية والبلطجية من المراكز والأقسام ويقوم بواجب النقوط فى الأفراح والليالى الملاح وحفلات الحنة والطهور وواجب العزاء فى المنتقلين إلى رحمة الله. ومن يفعل ذلك هو النائب النشط الناجح. فهل ما نحتاجه وما يجب أن يكون عليه النائب دستورياً ذلك النموذج؟ فبالدستور والقانون وبالرؤية السياسية الصحيحة ولممارسة ديمقراطية حقيقية ولبناء مصر الحديثة الديمقراطية المدنية يجب والآن وفوراً أن نعى من هو النائب الحقيقى الذى يجب أن يختاره الشعب لامكانية القيام بواجباته ولمواجهة التحديات الخطيرة والتى يواجهها الوطن داخلياً وخارجياً فعلاقة النائب بالخدمات تتمثل فى تشريع قانون يحل مشكلة عامة وقومية تتمثل فى مراقبة ومحاسبة الحكومة للتقصير فى تقديم الخدمات الواجب تقديمها للشعب.

النائب هو ذلك الذى يمتلك رؤية سياسية وقدرة فكرية وانتماء حزبياً يمارس من خلاله دوره البرلمانى الذى يعتمد على تلك الرؤية الواضحة المعالم. النائب هو ذلك السياسى الذى يؤمن بالجماهير فيبذل نفسه من أجلها ومن أجل التعبير عنها ولا يطلب ما لنفسه على الإطلاق. يدافع عن قضاياه الخاصة من خلال الدفاع عن قضايا الناس كفرد منهم مهموم بهمومهم يدرك دوره البرلمانى ويتمكن من أدواته البرلمانية فى المناقشة والطرح. يعلم دستورياً أن البرلمان هو الذى يحاسب الحكومة وليس العكس ويمكن للبرلمان أن يسحب الثقة منها عند اللزوم، ولذا يجب أن يضع النائب نفسه فى الموضع الصحيح باعتباره لا يمثل نفسه بل يمثل الأمة كلها.

ولذا يجب أن نفرق بين السياسى الذى يعلم ويدرك قيمة وأهمية البرلمان كأسلوب لممارسة دوره السياسى العظيم وبين تاجر الانتخابات ووارث المقعد للأبهة والمنظرة والمتاجرة بالحصانة لاسترداد ما تم صرفه فى الانتخابات فهل يمكن أن ندرك خطورة المرحلة وأهمية البرلمان القادم؟ هل يمكن أن نعيد صياغة المفاهيم المغلوطة ونعلم أن النائب لا علاقة له بالخدمات فهذه هى مهمة المحليات؟ هل ندقق فى الاختيار ونختار الأصلح بعيداً عن العائلية والعصبية والطائفية نتمنى هذا خاصة بعد أن جرب الشعب تجارب ما بعد ٢٥ يناير نريد أن نعى أنه لا حل غير أن تكون مصر لكل المصريين قولاً وفعلاً وحقاً.