رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التهجير


هى ظاهرة، وإن كانت عربية قديمة، ولكنها أطلت برأسها فى أعقاب ثورات الربيع العربى، وبدأت تمارسها العناصر الإرهابية، التى تعاونت مع تركيا وبعض دول الخليج، وأوروبا، وعلى الأخص تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش، والذى ظهر فجأة، بطريقة غامضة وخبيثة . ضد الشعب السورى الشقيق. إنها حرب عالمية قادتها تركيا، من أجل أطماعها فى الخلافة الإسلامية، التى كانت فى الماضى وانهارت، لتتمكن من مواجهة دول أوروبا، وأن تكون دولة فاعلة مثل روسيا وأمريكا، وأيضاً فى مواجهة إيران عدوها المحتمل.. وكان أن أدار حزب «العدالة والتنمية» التركى تلك الحرب القذرة، بقيادة رئيسه رجب طيب أرودوغان الذى كان رئيسا للوزراء، ثم رئيساً للجمهورية التركية. إنها حرب التهجير القذرة التى لم يتنبه لها العرب، والتى طالت الشعب الفلسطينى من قبل، وسط صمت وتخاذل العرب. وها هم يرضخون عملية التهجير. يهاجر السوريون من بلادهم المأهولة، ومدنهم الراقية، بها حدائق ومنتزهات وصرف صحى، وبيوت عامرة، وحضارة وجامعات ومدارس راقية. تركوا كل هذا بعد أن هاجمتهم التنظيمات المتطرفة، وعاثت فى بلادهم الآمنة فساداً وتخريباً، وفى نسائهم اغتصاباً، وشبابهم قتلاً وتنكيلاً، وأصبحت مدنهم الراقية ومنشآتها أطلالاً. ومع بداية تنفيذ هذا المخطط فى 2011، بدأ النزوح السورى الجماعى، طوال أربعة أعوام داخل سوريا نفسها، ثم خرجوا إلى تركيا ولبنان والأردن ومصر. فى البداية، كان النزوح هرباً من القصف والحرب، ومن القتل والاعتقال إلى المناطق المتاخمة، أو الدول المجاورة، بانتظار استقرار الأوضاع، لكى تعود إلى ديارها. ولأن السوريين شعب عريق، فلم تناسبهم المخيمات، وملوا من الانتظار فى مخيمات التسول، بعد أن شعروا أن مشكلتهم لن تحل فى القريب العاجل.

هم الآن، يهاجرون إلى دولٍ يمكن فيها الحديث عن استقرار طويل الأمد. وتعليم الآباء، حيث يعاملون بنوع من الرق الإنسانى بعيداً عن تجهم العرب وفظاظتهم. كما أن معظم المهاجرين من أبناء الطبقات الوسطى ومهنييها. إلى ألمانيا، فشأنهم مختلف. قد يعود يوماً كبار السن من المهجّرين، أما الأبناء الذين سيدخلون مدرسة ألمانية هذا العام، فهدف اللجوء هذا هو البحث لهم عن مستقبل آخر، بعيداً عن هذه المنطقة، إنه هجرة بالنسبة لهم. أما أخطر الهجرات أو التهجير القسرى، هو ما حدث تحت سمع وبصر وصمت، كل الطوائف الدينية، ورجال الدين، والساسة، والرأى العام الأجنبى والمنظمات الحقوقية، هى عملية تهجير الأيزيديين، وما صاحبها من مساوئ يندى لها الجبين. ليسوا مسلمين، ولكنهم منذ الأزل وسط المسلمين، فى سهل نينوى شمال الموصل..هم الآن مهجرون ومشتتون فى كردستان على الحدود التركية، وتمزقت أوصال الشعب المسالم انقرض، بعد أن هجًروه، وضاعت مدنه وخربت ونهبت. سبعة آلاف فتاة سبيت، وبيعت كالعبيد، وآلاف الشباب والرجال ذبحوا, وسط تجهم وصمت إنسانى موحش، من العرب والعالم.

أما الأخطر، فهو قيام «داعش» بخطف آلاف الأطفال، ويدربونهم على القتال بالطريقة الجهنمية الداعشية، ليكونوا مقاتلين ضد العرب، وضد مواطنيهم الأيزيديين. كما هدمت معابدهم بالكامل إلا معبد شرف الدين فى سنجار، كما هدمت المعابد الأثرية فى سوريا والعراق .