رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوزراء.. والفساد


من الممكن أن يفسد موظف، أو مسئول كبير، ولكن أن يفسد وزير، فهذا هو الفساد الأكبر الذى يهدد منظمة التنمية فى مصر. طالعتنا الأخبار الأيام الماضية، بنبأ القبض على وزير الزراعة، ومعه آخرون من معاونيه. ومما يلفت النظر فى تلك القضية، أن الوزير يخضع فى اختياره لمعايير اختيار صارمة، ومنها أنه يجب أن يكون معروفاً مسبقاً لدى رئيس الوزراء أو رئيس البلاد أو لأحد الشخصيات النافذة فى الدولة.

وأن الاسم يطرح على كل الأجهزة الرقابية، التى تتولى فحص ملفاته فى جهات عمله، ومحل إقامته، و مسلكه، وكل شىء عنه.

أما أن يصل إلى كرسى الوزارة رجل فاسد، ويتورط بطريقة مباشرة، فى جريمة، ويطلب منه أن يستقيل، ويلقى القبض عليه. فهذا أمر يعكس نوعاً من الصراع بين الأجهزة الرقابة، على درجة اقترابها من الرئيس، وهو ما جعل هذا الصراع يفرز فسادا بدرجة وزير، سقط اثناء الخدمة، وسط صمت إعلامى بقرار من النائب العام، بقرار منع النشر فى تلك القضية، فى وقت نحتاج فيه إلى قدر من الشفافية والوضوح والثقة، بدلاً من الشائعات التى تطال الجميع. ومن الملاحظ وجود شخص من خارج منظمة العمل، ليس مسئولاً، ولكنه سمسار أو وسيط رشاوى وعمولات، وله علاقات بالفنانات، والوسط الفنى، سبق له أن دخل السجن فى قضية رشوة فى السنوات الماضية، وأمضى فى السجن عشر سنوات، وورط معه محافظاً بدرجة مستشار، وحبس الرجل معه.

هذا الرجل سمسار الرشاوى، كان يتردد على المسئولين الكبار فى مكاتبهم، وهو الذى ورطهم، ومع أن تاريخ الرجل معروف، فقد تمادى المسئولون فى استقباله والاستماع إليه، كل هذا فى غياب الأجهزة الرقابية، التى كانت من المفروض أن تحذر الوزير من هذا الرجل وأمثاله المنتشرين فى الأوساط الحكومية العليا . ومن الملاحظ على تلك القضية، وسائل الرشوة تطورت، لتصبح أشياء ترفية، مثل، تأدية فريضة الحج، عضوية نواد محترمة، سيارات، وهو ما يدل على أن الفاسدين، لا ينقصهم شىء، وأنهم لم يفسدوا بسبب جوعهم، والرغبة فى لقمة العيش، إنه فساد نخبة مدللة، دللتها حكومات فاسدة، وأنظمة حكم أشد فساداً ..

الغريب أن هناك من يقبل أن يؤدى فريضة الحج، من مال حرام، وماذا يقول وهو يطوف حول الكعبة؟ لكن تلك القضية تطرح بعضاً من اﻷسئلة الصعبة: هل هناك جهة رقابية اعترضت على وزير الزراعة قبل اختياره وزيرا؟ هل وصل الفساد إلى الوزراء. نتمنى ألا يكون اﻷمر عقاباً على موقف لم يعجب آباءنا فى الرقابة. .. أخيراً.. ندعو الله للحكومة الجديدة بالتوفيق إلى أن يتم الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق وهو انتخاب نواب مجلس الشعب.