رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يصلّون معاً فى سويسرا.. ويقبض عليهم فى الإسكندرية


ظل سبب القبض على ثلاثة من الشباب المصرى المسيحى غامضاً، فمن قائل إنهم يوزعون كتباً مسيحية، إلى كتيبات تدعو للمسيحية، وأخيراً إلى نصوص الموعظة على الجبل، أو بعضاً منها، وإن صح الخبر الأخير فإن الموعظة لا تدعو إلى دين بعينه، بل تطرح نماذج من سلوك المتّقين، وأرجو أن أكون متذكراً لتعبير قديم لفضيلة الإمام الأكبر للأحباء المسلمين بقوله: عندما أقرأ الموعظة على الجبل لا أملك التحكم فى دموعي. وان أحد الأصدقاء من أعضاء لجنة الخمسين، ورغم أنه كفيف، فقد أسمعنى نص هذه الموعظة باللغة الانجليزية، وقد طلب منى نسخة من الكتاب المقدس - أيالتوراة والأنبياء والإنجيل - باللغة الإنجليزية، وبالفعل قد حققت له مطلبه، وأخشى أن توجه إلىّ تهمة أكبر لأننى أعطيت صديقى كل الكتاب وليس فقط الموعظة على الجبل، هذا رغم اختلافى مع ربط تقديم البلح بنصوص أسمى من كل بلح الدنيا، ولا يجوز الخلط بين فعل الخير والنصوص الدينية.

وعلى كل الأحوال، فقد ظل الأمر بيد النيابة العامة التى لم نسمع التكييف القانونى لتلك القضية بعد، وإن كان حجم الكفالة المالية يدل على كبر حجم الاتهام، كما عهدنا ذلك، وإلا كان يفرج عنهم بضمان محال إقامتهم.

أما الخبر الآخر، فهو من مدينة بوسيه بسويسرا، وتحت شعار «بناء مجتمع متعدد الديانات» والذى بدأ فى السابع والعشرين من شهر يوليو 2015 وحتى الرابع عشر من الشهر التالى أغسطس 2015، لمواجهة قضايا العنف والتطرف، أى القضايا الضاغطة حالياً، ولأجل بناء مجتمع ناضج ومسئول على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المثمر، ويحضر هذا اللقاء عدد من اليهود والمسيحيين والمسلمين «آسف للترتيب التاريخى وليس إلا».

أما الإعلان الآخر والصادر من ساحل العاج والمعبر عن رغبة أتباع الديانات الثلاثة، يدعو الجميع للصوم والصلاة معاً فى الأول من أغسطس كمشاركة عملية روحية تضامناً مع ضحايا التغير المناخي، وأن يكون اليوم الأول من الشهور الميلادية هو لقاء مشترك لأصحاب الديانات الإبراهيمية للدعاء والصوم.

أما الخبر الأخير، فهناك دعوة لممثلى الديانات الثلاثة للدعاء طلباً للسلام فى فلسطين وإسرائيل فى الفترة من ٢٠ أغسطس 2015 وحتى ٢٦ منه، فى عبادة مشتركة أيضاً فى سويسرا. هذا ويبقى السؤال هل هذه اللقاءات المشتركة والتى يتسابق إليها كثيرون من أتباع الديانات الثلاثة هى للتنزه، ومعها التسوق، وعند العودة إلى الوطن يمضى كل فريق إلى حال سبيله، لنفعل عكس ما سمعناه وقلناه؟ إنه سؤال ينتظر إجابة حتى لا نخدع أنفسنا، ونخدع الآخرين فينا.

إننى لا أدين أحد، فإدانة الآخر هى فقط للديّان الذى معه كل أمرنا، باطنه قبل ظاهره، إذ من هو الانسان حتى يدين عبداً غيره، هو لمولاه، فهو من له سلطان الإدانة أو التبرئة.

والأمر الآخر هو مناسبة الحدث، وفى توقيت نحتاج فيه للم الشمل، وتوحيد الجهود للبناء، والسهر والدفاع عن هذا البلد الذى يحارب من جهات عدة، نعلم بعضها، وربما كان الخافى أكثر سوءاً.

إننا أمام معركة بناء، وإعادة وضع مصر التى عانت كثيراً من قلة مستغِلّة، وشعب طيب لعب به الحكام، حتى هرب من ضيق ذات اليد شبابنا، وها هم فى الولايات المتحدة يحتلون مواقع الطب والهندسة، ورجال أعمال ناجحين، وكانت بلدهم أولى بهم. هل سيأتى اليوم الذى يصبح كل المصريين على قلب رجل أو امرأة واحد أو واحدة؟ أما حديثى إلى أبنائى الذين يوزعون البلح، وأمثالهم، فأقول لهم ليس من المقبول أو المعقول أن نخلط بين فعل الخير وأى هدف آخر، ومن غير اللائق أن يدس بأقوال الله بكيس من بلح، أو من ذهب، فإن أردتم فعل الخير فليكن مجرداً، وإلا فلا نلوم السياسيين وهم يقدمون أنفسهم وأهدافهم فى غذاء عمل، أو مركب سياحى وما شابه ذلك، فهذا شأن السياسيين الذين يتطلعون إلى مقعد هنا أو هناك.

أنتم تعلمون أن من أراد أن يفعل خيراً فلا يصيح، ولا يسمع أحد صوته، ولا حتى يعرف شماله ما تصنع يمينه، وإلا كنا كالذين يحبون الظهور وتكريم الناس لهم، وقد علمنا معلمنا العظيم أن مثل هؤلاء قد استوفوا أجرهم فى الدنيا، ولا شىء آخر.أيها الأبناء أطلب منكم أن تعودوا إلى قادتكم ورعاتكم، فهم يعرفون جيداً أن فعل الخير للخير وفقط، وليس للظهور أو التفاخر، راجياً أن يكون درس الإسكندرية درسا للجميع، متذكرين دائماً حكمة السيد المسيح «لا تعرف شمالك ما تفعل يمينك». دعهم يسألون عن سبب المحبة والعطاء بسخاء دون مقابل ولو كان تمراً. كفانا، فالله وحده هو من له الخفى قبل الظاهر.

حمى الله مصرنا الغالية التى حفرت تاريخها فى الصخر، وفى القلب قبل الأديان بآلاف السنين، ولكنهم كانوا حماة الأرض والعرض، وسادة عالمهم، وفخر لنا وحتى نهاية الزمان.

الرئيس الشرفى للطائفة الإنجيلية