"الجندي المجهول" في إنجاز قناة السويس الجديدة

نادى الوطن.. فلبى النداء.. آمن بالهدف وتحدى من أجله الظروف الاقتصادية العصيبة.. ولم يتوان في أن يسهم في إنجازه.. ليستحق بجدارة أن يطلق عليه "الجندي المجهول".

إنه الشعب المصري الذي سطر باتحاده وإصرار على تمويل مشروع قناة السويس الجديدة، "ملحمة تاريخية"، لا تقل عن تلك التي صنعها أجداده، حينما تكاتفوا لبناء السد العالي بعد أن رفض البنك الدولي تمويله، فلقد أراد القدر أن نبني السد بأيدينا.. وأراد الشعب أن تكون القناة الجديدة مصرية خالصة.

البداية كانت في 5 أغسطس من العام الماضي، حينما أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي، إشارة بدء مشروع حفر قناة موازية لقناة السويس، يبلغ طولها 72 كيلو مترًا، بكلفة أربع مليارات دولار، خلال احتفال في نادي هيئة قناة السويس بمناسبة الذكرى السنوية الـ58 لتأميم القناة.

وقال الرئيس: "باسم شعب مصر العظيم، ووفاء بالعهد والوعد، متوكلاً على الله، واستكمالاً لمسيرة أجدادنا العظماء، نأذن نحن عبد الفتاح السيسي ببدء حفر قناة السويس الجديدة، لتكون شرياناً لخير مصر ولشعبنا العظيم وللعالم أجمع حفظ الله مصر وشعبنا العظيم وتحيا مصر".

وأوضح أن تمويل حفر القناة الجديدة، ضمن ما يعرف بمشروع تنمية محور قناة السويس، سيكون من عائدات أسهم تطرح على المصريين وحدهم.

ليتلقى المصريون هذا النبأ بقلوب فرحة، آملين أن يكون بداية لسلسلة مشروعات قومية عملاقة، تضع وطنهم في مصاف الدول المتقدمة، وانتظروا بلورة الآلية التي سيساهمون من خلالها في تمويل المشروع،حتى أشرقت شمس يوم الأربعاء الثالث من سبتمبر لعام 2014، حيث كشف هشام رامز، محافظ البنك المركزي المصري، عن توقيع بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة لقناة السويس ووزارة المالية وبنوك "الأهلي، ومصر، والقاهرة، وقناة السويس"، لإصدار شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، مدتها 5 سنوات بفائدة 12 بالمائة سنويا.

وأعلن البدء في بيع الشهادات الخميس 4 سبتمبر، في كافة فروع البنوك الأربعة المنتشرة في أرجاء الجمهورية.

وفي اليوم الأول لطرح الشهادات، توافد الآلاف من أبناء مصر من مختلف الأعمار على البنوك، واصطفوا في طوابير طويلة ممتدة داخل البنوك وخارجها، واستعانت البنوك بالمولدات لتعويض انقطاع الكهرباء أثناء عملية البيع، ولجأ البعض الآخر إلى مد ساعات العمل إلى السادسة مساء من أجل تلبية الطلب على هذا الطرح، لتبلغ حصيلة اليوم الأول 6 مليارات جنيه، وهو رقم غير مسبوق في الجهاز المصرفي المصري، كما أكد محافظ البنك المركزي.

وبلغت حصيلة اليوم الثاني 8.5 مليار، واليوم الثالث 5.5 مليار، والرابع 6 مليار، والخامس 8 مليار، واليوم السادس 6 مليار، واليوم السابع 9 مليار، واليوم الثامن والأخير 12 مليار، لتبلغ الحصيلة الإجمالية 61 مليار جنيه.

ووجّه الرئيس، الشكر للشعب المصري بعد إقباله على شراء الشهادات، قائلا: "المصريون أنجزوا في 8 أيام ما قدّر خبراء الاقتصاد حدوثه في شهرين على الأقل، وكل مرة أراهن على المصريين أكسب جدًا".

وفي 29 يوليو 2015، أعلن الفريق مهاب مميش، الانتهاء من أعمال حفر قناة السويس الجديدة، مؤكدا أن المشروع مؤمن تماما ومستعد لاستقبال الملاحة العالمية في 6 أغسطس الجاري.