رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان في عيون الشعراء العرب

جريدة الدستور

"وإن هل بالنور شهر الصيـام.. يجـود به الله في كل عـام.. وصمنا له طاعة في النهــار.. وقمنا له خشّعا في الظـلام".. لم يكن شهر رمضان بكل ما يتضمنه من معان دينية وروحية بالمناسبة التي يغفلها الأدب والشعر العربي؛ لذلك كان الأدباء والشعراء يحتفلون بهذا الشهر الكريم، ويقيمون له الأمسيات الشعرية بالمقاهي والأماكن العامة.

ولشهر رمضان في ديوان الشعر العربي، أثار أدبية حافلة تشتمل على منظومة من الشعر والنثر، وهجاء الشعراء من يرتكب المعاصي في رمضان، رغم أن بعضهم كان يثقل عليهم الصوم، وكان رمضان ملهمًا للأدباء المسلمين والعرب.

وكان الشعراء يرحبون باستقبال شهر الصوم، ويتفننون في وصفه ويعدونه أمارة خير وبشارة يمن وبركة، فيقول الشاعر ابن حمديس الصقلي: "قلت والناس يرقبون هلالاً.. يشبه الصب من نحافة جسمه.. من يكن صائمًا فذًا رمضان.. خط بالنور للورى أول اسـمـه".

ويقول الشاعر الجزائري محمد الأخضر:"امـلأ الدنيـــا شعاعًـا..أيهــا النـور الحبيب..قـد طـغـا الناس عليهـا.. وهـو كالليـل رهيب.. فترامــت فـي الدياجـي.. ومـضت لا تستجي.. ذكـّر النــاس عهــودًا..هي من خير العهــود..يوم كان الصـوم مــعنى..للتسامي والصعـود ينشر الرحمـة في الأرض..على هذا الوجود".

وفي الأدب العربي القديم والحديث تغنى الكثير من الشعراء بفرحة شهر رمضان، ومنهم البحتري، الذي قال في مديح الخليفة المعتصم: "بالبر صمت وأنت أفضل صائم..وبسـنة الله الرضية تفطر".

وفى الحث على الالتزام بآداب الصيام ووجوب إحيائه بالطاعة والترفع عن النقائص والإكثار فى الجود والكرم، يقول الشاعر أبو بكر عطية: "إذا لم يكن في السمع منى تصامم.. وفي بصري غض وفي منطقي صمت..فحظي إذن من صومى الجوع والظما.. وإن قلت إنى صمت يومًا فما صمت".

وفي رمضان نرى كثيرًا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام، وقد يأكلون في شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره، وأمثال هؤلاء لا يستفيدون من الصوم الفائدة المرجوة.

وفي ذلك يقول الشاعر معروف الرصافي، وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب: "وأغبى العالمين فتى أكــول..لفطنته ببطنته انــــهزام..ولو أني استطعت صيام دهري..لصمت فكان ديـدني الصيام..ولكن لا أصوم صيام قــوم..تكاثر في فطورهم الطعــام..فإن وضح النهار طووا جياعا..وقد هموا إذا اختلط الظـلام..وقالوا يا نهار لئن تــجعنا..فإن الليل منك لنا انتـقـام..وناموا متخمين على امتـلاء..وقد يتجشئون وهم نــيام.زفقل للصائمين أداء فــرض..ألا ما هكذا فرض الصـيام".

والمعروف أن شهر رمضان يدور على فصول السنة كلها مرة كل 33 عامًا، فيأتي في الصيف والشتاء والخريف والربيع، وبالطبع يكون أشد ما يكون في الصيف حين ترتفع درجة الحرارة، ويزيد شعور الصائمين بالظمأ، كما يصف ذلك ابن الرومي مبالغًا: "شهر الصيام مبارك.. ما لم يكن في شهر آب.. خِفت العذاب فصمته.. فوقعت في نفس العذاب".