ما أشد بلائك .. جدتي يا عقيلة بني هاشم ..
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ، و حضر إليه الإمام على رضي الله عنه وطلب منه أن يسمى هذه المولودة .. قال صلى الله عليه وسلم : ( ما كنت لأسبق ربى تعالى ) .. فهبط جبريل الأميـن عليه السلام يقرؤه السلام من الله تعالى ويقول له : ( سم هذه المولودة زينب ) ثم أخبره بما سيجرى عليها من الخطوب الجسام فبكى صلى الله عليه وسلم وقال : ( من بكى على مصاب هذه كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين ) .
صدقت يا سيدي يا رسول الله .. من بكى على مصاب هذه كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين .. فكان مصابها جلل .. عاشت مع أخيها الحسن يتقيأ دما أربعين يوما من أثر السم حتى مات .. وأمامها ذبح وقطع أخيها الحسين .. وقتل ابناها محمد وعون .. ليجودا بأرواحهم مع سبعة عشر من أبناء فاطمة دفاعا عن الحق بين يدي الحسين عليه السلام .. ثم وقعت أسيرة عليها السلام .. فكشفوا غطاء وجهها و شعرها وهي تنادي : يا محمداه .. يا محمداه .. صلى الله عليك وملائكة السماء هذا الحسين بالعراء مزمل بالدماء مقطع الأعضاء .. يا محمداه .. وبناتك سبايا ، وذريتك مقتلة ، تسفي عليها الصبا .
تنادي و تستغيث و تتمسك بثيابها وهي تنزع عن ظهرها حتى ذهب عنها وعن بناتك يا رسول الله .. ما أشد قسوة هؤلاء التابعين بفعلهم الموصوف لنا عند الطبري وابن الأثير بقولهما : ( ومال الناس على الخيل والإبل فانتهبوها ، ومالوا على نساء الحسين وثقله ومتاعه ، فإن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فيذهب به منها ) .
ثم زفوا البشري لأمير المؤمنين بقتل وتجريد رجال ونساء النبي بقولهم كما في الطبري وابن الأثير: ( أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره ... ورد علينا الحسين بن على في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شيعته ، فسرنا إليهم ، وعدونا عليهم من شروق الشمس ، فأحطنا بهم من كل ناحية ، فما كان إلا جزر جزور أو نومة قائل حتى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مجردة ، وثيابهم مرملة ، وخدودهم معفرة ، تصهرهم الشمس ، وتسفى عليه الريح .. )
فأصدر أمير المؤمنين يزيد ابن معاوية ابن أبو سفيان أوامره بتشريدهم في بقاع الأرض ثم طردهم من الجزيرة العربية والشام .. فشردوهم ونقلوهم من الكوفة إلى المدينة ثم إلى الشام .. ثم طردوهم من بلادهم وديارهم ليختاروا مصر .. فيحتضنهم أهل مصر.. وتشرف أرض مصر بهم أحياءا وأمواتا .. صدقت يا سيدي يا رسول الله في قولك الشريف الذي حفظه ابن ماجة في سننه : ( إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ) .. ما أشد بلائك .. جدتي يا عقيلة بني هاشم .
باحث إسلامي .. علاء أبو حقه
