رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إصلاح أحوال المدرسين «٣»


أستكمل حديثى عن أزمة التعليم فى مصر ومشاكله، لأن التعليم هو أولوية فى دولة مصر الجديدة لو أردنا بلوغ التقدم، فهو ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنمية الشاملة فى كل المجالات، وأثبتت التجارب الدولية أن الدول التى تقدمت كان ذلك بفضل نظام التعليم بها، فإذا ما أردنا التوجه نحو المستقبل بخطى سليمة فلابد أن نبدأ بنظام تعليمى متميز، ويمكننا أن نختار أفضل التجارب فى الدول التى تقدمت أو على الأقل نأخذ أفضل ما فيها، فان التجارب الناجحة يمكن أن تكون افضل نماذج يحتذى بها، فلنأخذ مثلاً أفضل ما فى التجربة اليابانية والإنجليزية والفرنسية والأمريكية والنمور الآسيوية والألمانية، إنها ليست بمعضلة ولا بالأمر الصعب، المهم أن نبدأ فى مصر بتغيير يسفر عن نظام تعليمى متميز وألا نترك الأمور كما هى، فكل الدول المتقدمة تضع التعليم كأساس أولى لتقدمها ولابد من إعداد خريطة إصلاح مستقبلية للارتقاء بالتعليم فى مصر، لابد من هذا دون تباطؤ ولابد من الإصلاح فى كل أضلاع العملية التعليمية، وليس فى أحد الأضلاع فقط بدءًا من تطوير المناهج والمدرسة والمدرس، ولابد أن تضع الدولة ميزانيات ومخصصات لتطوير التعليم فى مصر، فالتعليم يؤدى لمحو الأمية وزيادة مدارك الفرد وسعة أفقه، وثقة الفرد بنفسه وإبعاده عن الأفكار والتيارات المتطرفها والإنصياع للعنف والتخلف، كما أنه يؤدى إلى تحسين وضع الفرد الاجتماعى والوظيفى، وزيادة معدلات التنمية، فضلاً عن زيادة الحراك الاجتماعى فى المجتمع ومواكبة التطور التكنولوجى ومتغيرات العصر المستمرة، وهذه مسألة لابد من وضعها فى الاعتبار مع التغيير السريع والمستمر فى وسائل المعلومات والمعرفة.

وإذا كنت قد تناولت فى الجزء الثانى يوم الخميس الماضى مسألة حوادث المدرسين وهى حوادث مشينة، ينبغى النظر إليها بجدية ووضع عقاب رادع لها باعتبارها حوادث لا يصح أن تصدر من أى معلم يضع الآباء أبناءهم بين يديه أمانة ليقوم بتعليمهم وتوجيههم، ليس فقط تدريس المناهج وإنما أيضًا لابد أن يكون قدوة ونموذجًا فى رقى الأخلاق والسلوكيات السوية بلا غلطة واحدة أمام التلاميذ، ، إلا أنه لأن مشاكل المعلمين فى مصر كثيرة ومتنوعة، فانها يجب أن يوضع لها حلول جذرية، ويأتى فى مقدمتها ضعف المستوى وضعف المرتب وضعف المكانة الاجتماعية وضعف المتابعة وضعف التدريب،، واللجوء إلى الدروس الخصوصية باعتبارها أسهل طريقة لتعويض ضعف المرتب الذى لايفى بمتطلبات الاحتياجات الأساسية لحياة كريمة للمدرس.

ان المعلم كما قلت هو أحد أضلاع نظام التعليم ولابد من إصلاح أحواله والنظر فى ضعف مستواه خاصة فى المدارس الحكومية، ولكن هذا لا يعنى أننى أبرر الأخطاء أو الحوادث والجرائم التى حدثت من المدرسين فى بعض مدارس مصر وخاصة فى مدارس إخوانية أو تدار بعقول متخلفة وظلامية، ليس لديها ضمير أو وطنية وتريد تدمير عقول التلاميذ ببث أفكار متحجرة أو متخلفة، وبأعمال عنف خاصة ضد البنات مما لاشك أنه سيسفر عنها تدمير طاقة التلميذ وتكوين عقد نفسية له وتشويه قدرته على تلقى العلم، إن الأخطاء من المعلمين يسفر عنها تدمير عقلية جيل بأكمله.

وهنا أنقل القارىء إلى تجربة اليابان حيث يحظى المعلم لأهميته فى نظام التعليم بمكانة اجتماعية مرموقة فى السلم الاجتماعى، وأيضًا يحظى بمرتب مجزٍ وكبير لدوره المهم فى العملية التعليمية وبالنسبه لليابان يكون مرتبة أعلى من مرتب المهندس، ويحضرنى هنا بيت لأمير الشعراء أحمد شوقى أذكره لأنه ينم عن وضع كان ذات يوم للمعلمين قبل أن تتدهور أحوال العملية التعليمية فى مصر فقد قال عن دور المعلم الأساسى فى التعليم:

«قم للمعلم وفه التبجيلا، ،كاد المعلم أن يكون رسولاً».. وللحديث بقية