رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوصايا العشر لتعليم العصر «ب»


يعترف «جوب بوش» بأن الولايات المتحدة تُعد من القيادات الرائدة فى الإنفاق على التعليم، ومع ذلك فهى أيضاً متقدمة فى التخاذل لتحقيق المستهدف من التعليم المنتظر من الدارسين، فالطلبة الأمريكيون تراجعوا بشدة فى تحقيق التفوق فى العلوم والرياضيات، ويقدم «جوب بوش» دليله على ذلك بتدنى نسبة الملتحقين بالجامعات إلى 25% فقط من الحاصلين على شهادة إتمام التعليم الثانوى المؤهلين للالتحاق بالجامعات. ومع ارتفاع نسبة البطالة فإن هناك أكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل مهارى مازالت شاغرة فى انتظار المؤهلين لشغلها.

الدراسات التى أجرتها المؤسسات الأمريكية المتخصصة أظهرت أن الأنشطة التجارية التى كانت رائدة وفائقة تتجه إلى التناقص البين وفوارق الدخول أصبحت أكثر اتساعاً والطبقات الوسطى تميل إلى الانحسار، ومن اللافت أن المؤسسات بدأت تصحو إلى أن السبب فى هذا الانحسار هو التعليم وهذا ما يجب الالتفات إليه بجدية، كما يعترف الباحثون فى الشأن التعليمى بأنه لا توجد عقاقير سحرية تغير منظومة التعليم بين ليلة وضحاها، ولكن هناك مجموعة من المتطلبات التى تعمل معاً من أجل النهوض بالتعليم.

ولما كنا تعرضنا فى المقال السابق إلى خمس نقاط، فهنا نكمل الوصايا العشر:

6- المناهج : وهى من أهم الخطوات إذ إنه لا بديل عن تقديم تعليم قادر على المنافسة إذا علينا تقديم مناهج قادرة على المنافسة فى مرحلة التعليم الثانوى حتى نستطيع أن نقدم دارسين متفوقين مستعدين للمنافسة ومدركين أى مستوى من التعليم تنتظره الكليات الجامعية.

ومن واقع هذا الفهم والاقتناع به اتفق خبراء التعليم على وضع مناهج تعليمية جريئة لمواجهة التحدى وتحديداً فى مناهج الرياضيات وفنون اللغة التى يدرسونها حتى وإن كانوا يتحدثونها كلغة المولد. وقد أطلقوا على هذه الخطوة قلب المستوى التعليمى الذى تبذل لأجله كل الجهود لتحقيقه.

7- القناعة الكاملة بأن التعليم شأنه كشأن أى موضوع آخر يمكن أن يتعرض للانحدار فى مستواه بسبب البيروقراطية المعقدة والقوانين الكثيرة المتداخلة وإلقاء المسئوليات على أنظمة وعهود ماضية، والنتيجة بقاء الحال على حاله ليزداد سوءاً وانحداراً.

كما تشير الدراسات إلى أن الطفل وهو ينتقل من الصف الثالث إلى الرابع فإن المفترض أن ينتقل الطفل من مرحلة تعليم القراءة إلى القراءة للتعلم وبمعنى آخر فإن الفشل فى فهم ما يقرأ يؤدى إلى سلسلة من التدهور التعليمى عاماً بعد عام حتى ينتهى بالفشل التام والانسحاب من التعليم بنهاية المرحلة الثانوية.

8- الوضع فى الاعتبار تقدم الوسائل التكنولوجية وأثرها فى تقدم التعليم شأنه شأن تطور متسارع فى المجالات الحياتية، فالتعليم الرقمى «Digital» يبقى خياراً أمام التلاميذ بينه وبين السبورة والخرائط والأجهزة المعملية الأخرى، كما أن المنح التعليمية كلها تساعد على لحاق التلاميذ بتعليم متطور ومستمر.

ولقد اكتشف خبراء التعليم فى الولايات المتحدة أن السر فى تباطؤ التقدم التعليمى هو تدنى المنافسة حتى أعلنت المؤسسات والمجالات والاتحادات العمالية والتجارية أن هناك هاجس تدنى فرص العمل بسبب تدنى المستوى التعليمى.

ولما كان قانون المحاسبة هو زاوية البناء فى هرم الإصلاح فإن لم يدرك الجميع أن مبادئ التقدم والمكاشفة هى أساس التقدم التعليمى فلا فائدة لأى مجهودات أخرى.

9- من الخطورة بمكان تجاهل النظم التعليمية والسياسة المدرسية إذ من الضرورى تعليم الأطفال احترامهم المدرسة ونظمها، فمثلا تقسيم الفناء مهما صغر إلى أطفال الصفوف الأولى من الأول للثالث ليكون لهم مجال ألعابهم معاً وحتى دخول التلاميذ إلى فصولهم فهناك وسائل لعزل الصغار عن الكبار فى مواعيد الدخول أو تخصيص أكثر من باب ومدخل «يراعى ذلك فى التصميم».كذلك عند الانصراف لينصرف الصغار قبل الكبار حتى لا يتزاحموا فى الخروج فمن السهل دائماً أن يتعود الطفل احترامه نظم المدرسة واحترامه معلميه.

منذ بداية الأطفال فى التعليم يعطون تعليمات خاصة بهم وبأولياء أمورهم، فمثلاً يمنع الأطفال عن وضع ملصقات تحض على التفرقة بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو العقيدة وتعود الأطفال على عرض ما يريد أن يشارك به باقى الأطفال على معلمه أو معلمته وما لم يحصل على موافقة فيمتنع على الأطفال توزيع أو مشاركة غيره فى أمور خاصة بعقيدته أو هويته ما لم يحصل على الإذن بذلك.

10- السلوك الحضارى ومراعاة القواعد الأخلاقية.

يلاحظ أن الأطفال سريعو التعليم بالتقليد والمحاكاة حتى فى أسلوب تناول الطعام أو الشراب، ففى مدارس الغرب هناك فرصة لتناول الطعام وسواء كان الطفل مشتركاً فى الوجبات المدرسية التى عادة ما يفضل الآباء إشراك أولادهم فيها، ليس فقط من باب التظاهر أو إرضاءً لرغبة الأطفال بل لتعليم أخلاقيات ومبادئ تناول الطعام والالتزام بالسلوك الاجتماعى المقبول من المجتمع.

سجل تاريخى لكل طفل فى المدرسة يسجل فيه التغيرات والسلوكيات والتعامل مع الزملاء والمعلمين وتنتقل هذه الملفات إلى المراحل الأعلى وتستمر هذه السجلات حتى التخرج فى الجامعة، وعند التقدم للوظائف يستدل المسئول فى جهات العمل عن سلوكيات المتقدم فى مراحل تعليمه، وقد تكون معينةً له فى تقلد الوظائف، وقد تكون سبباً فى عدم قبوله أو قبولها، ولأن هذا العمل يعرفه الآباء فهو ليس أمراً سرياً يتم دون علم الآباء، فالكل يفترض أنه يعرف ذلك ويعمل له ألف حساب فى كل المراحل. وللحديث بقية

رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر