رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتخابات البرلمانية والاستقطاب الطائفى


وجدنا تصريحات وطنية بحق آخرها تصريح البابا تواضروس فى أوروبا الأسبوع الماضى «وطن بلا كنائس أحسن من كنائس بلا وطن» ولكن ما هو الوضع الآن فى ظل الاستعداد لإجراء الاستحقاق الثالث من خريطة المستقبل وهى الانتخابات البرلمانية

كان هناك مناخ طائفى قد تراكم وتشكَّل عبر عقود وعقود كثيرة أدى إلى خلق حالة من حالات السلوك الطائفى إلى أن وصل إلى حالة الفرز الطائفى الذى مورس وتجسد فى فرز الأسماء والمسميات والملابس وبعض الممارسات الاجتماعية والشخصية.. كل هذا تم ويتم استغلاله من كثير من رجال الدين المتزمتين الذين لا يجدون أنفسهم ولا يجيدون غير اللعب فى هذا الملعب يضاف إليهم من تم برمجتهم باسم مفاهيم وتفسيرات دينية مغلوطة لا تتسق مع النص الدينى بقدر ما تعبر عن مواقف شخصية وتهدف إلى تحقيق مصالح ذاتية.هذا المناخ وذلك السلوك وذاك الفرز أدى إلى حالة عزلة مجتمعية جعلت الأقباط يهاجرون إلى الكنيسة لا يمارسوا الدور الدينى فقط، بل لتتحول الكنيسة إلى بديل للمجتمع وعلى كل المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، بل وهذا هو الأهم والأخطر على المستوى السياسى، حيث اعتبر الكثيرون أن القيادة الكنيسة هى بديل للقيادة السياسية وقد رأيناما حدث نتيجة لذلك بين السادات - شنودة من خلافات ومواجهات كان لها التأثير الأكبر السلبى على العلاقة الإسلامية المسيحية، وظلت العلاقة بين السلطة الكنيسة والسلطة السياسية بين شد وجذب وبين صعود وهبوط بين مبارك - شنودة حتى هبة الجماهير فى 25 يناير 2011 وبنفس الظروف وبذات النتائج كان هناك صعود لما يسمى الأصولية الإسلامية التى حَّولت القناعة الدينية والحماس الإيمانى الإسلامى إلى الانضمام والارتباط بتنظيمات ومنظمات إسلامية معتبرين أن الإخلاص لهذه المنظمات والجهاد فى سبيل تحقيق مصالحها السياسية هو إخلاص وجهاد فى سبيل الدين، لذلك وعلى ذلك كان ومازال هناك مطالب ورؤى سياسية تطالب بنزول الأقباط وعودتهم إلى الشارع السياسى والتحرك على أرضية سياسية بعيدًا عن اللعب فى ملعب الطائفية المغلقة داخل الكنيسة، لأن هذا هو الطريق الوحيد لحل كل المشاكل.الطائفية وعن طريق الدولة المدنية ولا دولة مدنية فى ظل ظروف ومناخ وممارسات تخلط الدينى بالسياسى بهدف تسخير الدينى لصالح السياسى فماذا حدث؟ جاء الإخوان إلى الحكم فأصابهم الغرور واستعجلوا الأمور وأخذوا الوطن إلى حالة سافرة للتديين والأخونة التى أفرزت وفصلت بين المسلم والمسيحى بل بين المسلم والمسلم الذى لا ينضم لهذه التنظيمات الإسلامية، هنا نزل بعض الشباب القبطى إلى الشارع السياسى ليمارسوا السياسة من خلال الانضمام إلى الأحزاب السياسية المدنية بالطبع ولكن للأسف الشديد قد وجدناهم يمارسون نشاطًا لا علاقة له بالسياسة بمفهومها الصحيح ولكنهم يمارسون نوعًا من التواجد المجتمعى بشكل طائفى وتحت مسميات طائفية للأسف الشديد مثل «شباب أى مسمى ينتهى بالأقباط أو القبطى». أى إنهم قد نقلوا ممارساتهم وانغلاقهم الطائفى من داخل الكنيسة إلى خارجها وهذا هو الأخطر والذى يعّمق ويجذر من الفصل الطائفى فوجودهم الطائفى داخل الكنيسة أهون من خارجها، ولذا فقد وجدنا جماعة الإخوان واتباعها طوال عام حكمهم وأثناء اعتصام رابعة يخلطون بين الرأى السياسى للأقباط فى رفضهم لحكم مرسى سياسيًا على أنه هو رفض لنظام ومشروع إسلامى يبتغى تحقيق الشريعة الإسلامية، ومن هنا كانت التهديدات بسحق الأقباط من على منصة رابعة الشىء الذى خلق تحريضًا طائفيًا ضدهم فحدث ما حدث يومى 14، 16/8/2013 بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وهنا لابد من التوقف عند موقف الكنيسة والأقباط بعد هذه الأحداث فلم نسمع أى استغاثة أو طلب تدخل خارجى مثلما كان يحدث من مرتزقة أقباط المهجر قبل ذلك، ولكن وجدنا تصريحات وطنية بحق آخرها تصريح البابا تواضروس فى أوروبا الأسبوع الماضى «وطن بلا كنائس أحسن من كنائس بلا وطن» ولكن ما هو الوضع الآن فى ظل الاستعداد لإجراء الاستحقاق الثالث من خريطة المستقبل وهى الانتخابات البرلمانية؟ لا شك فحالة الاستقطاب السياسى والطائفى على أشدها فالتيار الإسلامى يعمل جاهدًا وساعيًا لإيجاد منفذ للنزول فى هذه الانتخابات وقد رأينا بعض هذه الممارسات مثل انسحاب حزب الوسط من تحالف دعم الشرعية ووجدنا ذلك الخطاب الذى يحاول إيجاد مناخ من التهدئة بين الإخوان والتيار الإسلامى وبين السلطة بهدف المشاركة فى الانتخابات.. وبالطبع وطالما لا يوجد أحكام نهائية تمنع أحدًا من المشاركة الانتخابية فيصبح من حق الجميع المشاركة، وذلك يقلق الجانب الآخر، وهو تلك الأحزاب كثيرة العدد فاقدة القيمة والتى نراها الآن لا تجد مخرجًا لتمثيل قياداتها فى البرلمان غير القوائم هذه القوائم التى تمهد الأرض لقسمة طائفية مستقبلية تهدد سلامة الوطن وذلك عن طريق تحديد كوتة للأقباط ضمن كوتة لفئات أخرى وقد رأينا أن كوتة الأقباط هذه قد فتحت الباب مرة أخرى للكنيسة لتلعب دورًا سياسيًا والآن قد أصبح مغلقًا بالدستور والقانون، فقد رأينا بالفعل الأحزاب تذهب إلى الكنيسة بحجة ترشيح أسماء قبطية لاستكمال القائمة،

كاتب وبرلمانى سابق