رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة فى الانتخابات الرئاسية 2012 و2014 «2»


مصر كادت أن تضيع تحت حكم جماعة الإخوان الإرهابية والأهل والعشيرة، فأقسم الشعب العظيم على استردادها وخرج بالملايين فى الثلاثين من يونيو 2013 لإسقاط حكم المرشد، ويسطر الفصل الثانى من ملحمة الثورة المصرية، وليضع خارطة المستقبل. وها هو الشعب العظيم يحقق أول خطوتين بالاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس جديد للبلاد. وإذا كنا تناولنا فى المقال السابق تفصيلات انتخابات 2012 فإننا نتناول اليوم انتخابات الرئاسة 2014...

...جاءت هذه الانتخابات وسط ظروف صعبة تمر بها البلاد أمنيا واقتصاديا، ووسط محيط إقليمى مضطرب، ووسط مخاطر دولية تتربص بمصر والوطن العربى لتقسيمه وتدمير جيوشه.

جاءت هذه الانتخابات وسط جماعات المصالح ورموز الفساد والاستبداد ومحاولاتهم للعودة مرة أخرى واستعادة مصالحهم.

جاءت هذه الانتخابات وسط استمرار جماعة الإخوان والجماعات المتأسلمة وتحالف دعم الشرعية فى القيام بأعمال العنف يوميا لترويع المصريين والاعتداء على الأنفس والممتلكات لنشر الخوف من المشاركة فى الانتخابات. ورغم ذلك خرجت الملايين بإرادتها دون أن ينقلهم أحد بأتوبيسات، ودون استخدام الرشاوى الانتخابية بتوزيع السلع التموينية مجانا أو المال مثلما حدث فى 2012.

جاءت هذه الانتخابات وسط تربص الدول الاستعمارية الكبرى واستخباراتها بمصر لإعادة حكم الجماعة، أو على الأقل لإعادة حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين للحياة السياسية، حتى يتمكنوا لاحقا من تحقيق ما فشلوا فيه من حكم مصر.

جاءت هذه الانتخابات وسط استباحة حدودنا فى الغرب والجنوب والشرق لتهريب السلاح والأموال وتدريب الإرهابيين.

جاءت هذه الانتخابات وسط شعار المقاطعة من الجماعات المتأسلمة الإرهابية لأنها لا تعترف بثورة الثلاثين من يونيو، ويعتبرونها انقلابا. ورغم تأكيدات حزب النور بتأييد أحد المرشحين، نجد أن قواعد الحزب مقاطعة فى أغلبها للعملية الانتخابية إما لأنهم يريدون العودة للدعوة فقط وترك السياسة، أو لتعاطفها مع موقف الإخوان. وهكذا تجئ المواقف المعلنة لحزب «النور» السلفى سواء فى الاستفتاء على الدستور أو فى انتخابات الرئاسة لا علاقة لها بموقفه العملى.

جاءت هذه الانتخابات وسط تخوفات الكثير من الشباب ومقاطعة عدد منهم لأنهم لا يجدون من يعبر عنهم فى كلا المرشحين. تخوفات من عودة الجماعات المتأسلمة رغم حظرها، ونشاط الأحزاب الدينية رغم حظرها فى الدستور. تخوفات من عودة القمع والاستبداد من قبل النظام بدليل إلقاء القبض العشوائى على عدد من الشباب لا علاقة لهم بالتخريب والعنف واستمرار احتجازهم داخل السجون. تخوفات البعض من عودة حكم المؤسسة العسكرية وعودة رموز وسياسات النظام القديم الفاسد. ولكن تلك التخوفات تعكس من وجهة نظرى عدم الثقة بالشعب المصرى ووعيه الكبير بعد الثورة وإصراره على رفض العودة إلى الوراء سواء لنظام مبارك أو لنظام مرسى. كما تعكس هذه التخوفات عدم الثقة فى تسلح نضال الشعب المصرى ضد هؤلاء الأعداء بسلاح الدستور الواضح فى تلك القضايا، حيث ينص على الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، دولة القانون والحريات.

جاءت هذه الانتخابات وسط تأييد شعبى للمرشح عبد الفتاح السيسى من كل الفئات والطبقات باعتباره قد أنقذ الوطن وانحاز وهو على رأس الجيش الوطنى إلى ثورة الشعب، الذى يطمح بعد كل تلك السنوات إلى الأمن والاستقرار بعيدا عن حكم الإخوان.

جاءت هذه الانتخابات وسط استعلاء البعض من المثقفين والنخب على هذا الشعب واتهامه بأنه لا يعرف مصلحته رغم أن اختيار الشعب للمرشح ذى الخلفية العسكرية جاء إيمانا من الشعب بأنه الأقدر والأجدر فى هذه المرحلة فى قيادة البلاد لاحتياج البلاد للاستقرار الأمنى الذى هو مفتاح البناء والإنتاج والتنمية وعودة الاستثمارات والسياحة وتحقيق أمن المواطن الذى افتقده منذ ثورة 25 يناير حتى الآن.

ووسط كل تلك الآراء جاءت الانتخابات فى ظروف إجرائية أحسن بكثير، وتعتبر نقلة على طريق ممارسة الحياة الديمقراطية، فلقد توفرت للانتخابات متابعة ومراقبة من أكثر من منظمة دولية منها الاتحاد الأوروبى ومجموعة الساحل والصحراء الأفريقية، مع متابعة جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقى ومنظمات المجتمع المدنى المصرى. كما توفر عدد كبير من اللجان التى وصلت إلى 14000 لجنة وعدد كبير من القضاة ومعاونيهم وصل إلى خمسة عشر ألفا، غير عدد كبير من الموظفين، مما سهل العملية الانتخابية على الناخب وقلل من التجاوزات التى لا ترتقى لإفساد العملية الانتخابية.

وجاءت الانتخابات بشهادة الجميع بنزاهة وشفافية. ساعدت اللجان الانتخابية والمؤتمرات التى حثت على المشاركة إلى نزول عدد من المقاطعين للمشاركة الإيجابية وإبطال أصواتهم بنسبة تصل إلى 4% وهذا عدد لا يستهان به لأنه أعطى رسالة واضحة بأن كلا المرشحين لا يعبران عن طموح وأحلام هذا الفريق.

جاءت هذه الانتخابات مؤكدة على دور المرأة المصرية وتصدرها للمشهد منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، فهى الأم التى تهب للدفاع عن أسرتها وهى المرأة التى يحركها خوفها على أسرتها ومجتمعها ووطنها للنزول فورا وقت الخطر للتصدى للمخاطر ولتحقيق أحلام الأبناء وأحلام الوطن.

والمرأة تنتظر فى قانون مباشرة الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية التمثيل العادل والمناسب لها داخل البرلمان القادم لتشارك بجوار الرجل فى بناء مصر الجديدة، مصر المواطنة وعدم التمييز والمساواة على أساس تكافؤ الفرص، مصر دولة الحرية والعدل والقانون.