رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولاية جديدة.. وعهد جديد

بالآية ١٠١ من سورة يوسف، أنهى الرئيس عبدالفتاح السيسى كلمته، عقب أدائه اليمين الدستورية، للولاية الرئاسية الجديدة أمام مجلس النواب بمقره الجديد فى العاصمة الإدارية الجديدة. ومع اليمين، عاهد الرئيس الله، وعاهدنا، بأن يظل مخلصًا فى عمله، لا ترى عينه سوى مصالحنا ومصلحة هذا الوطن، متسلحًا بعزيمتنا وبأصلنا الطيب، محافظًا على العهد والوعد لنا ولمصر الحبيبة، وقبل كل شىء لله سبحانه وتعالى.

تلك هى المرة الثانية، التى يؤدى فيها الرئيس السيسى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بعد يمين ٢٠١٨، إذ كانت اليمين الأولى، يمين ٢٠١٤، أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا. لكن بمجرد انتخاب أول مجلس نواب، فى دولة ٣٠ يونيو، قال الرئيس أمامه، فى ١٣ فبراير ٢٠١٦، إن أمامنا عملًا شاقًا يحتاج منا جميعًا، شعبًا ونوابًا وحكومةً وقيادةً، إلى التكاتف نحو هدف واحد لا ينبغى أن يغيب عن عقولنا وقلوبنا، هو الدفاع عن الدولة المصرية وإنجاز مشروعها الوطنى، مؤكدًا أننا ماضون قدمًا فى تنفيذ هذا المشروع، الذى يستهدف بناء الدولة الحديثة، ولن نسمح لأحد أن يعرقل مسيرة الانطلاق نحو البناء السياسى والتقدم الاقتصادى والنهوض الاجتماعى والثقافى والمعرفى والتكنولوجى.

بالفعل، قام الرئيس، خلال السنوات العشر الماضية، بتثبيت مؤسسات الدولة وحافظ على استقرارها، وبدأ تأسيس قواعد الجمهورية الثانية، الشابة، القوية، والحديثة. والتزامًا بالمادة ١٤٣ من الدستور، والقانون، الذى ينظم انتخاب رئيس الجمهورية، جرى انتخابه لولاية رئاسية جديدة، بأغلبية مطلقة، أو كاسحة، بلغت ٣٩ مليونًا و٧٠٢ ألف و٤٥١ صوتًا، هى ٨٩.٦٪ من إجمالى عدد الأصوات الصحيحة. ما يعنى أن كل هؤلاء أصدروا تكليفهم، أو أمرهم، للرئيس، باستكمال بناء الجمهورية الثانية، وكذا باستكمال تنفيذ «رؤية مصر ٢٠٣٠» للتنمية المستدامة، بعد أن تمكّن من إعادة رسم خريطة الدولة التنموية.

ملامح ومستهدفات العمل الوطنى خلال السنوات الست المقبلة، حددّها الرئيس فى سبع نقاط، بدأت بـ«حماية وصون أمن مصر القومى فى محيط إقليمى ودولى مضطرب ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه»، وانتهت بـ«الاستمرار فى تنفيذ المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية، واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة». وبين النقطتين، تعهّد الرئيس بدعم شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وزيادة مخصصات برنامجى «تكافل وكرامة» وإنجاز كل مراحل مبادرة «حياة كريمة»، ما سيحقق تحسنًا هائلًا فى مستوى معيشة المواطنين بالقرى المستهدفة.

بين الملامح والمستهدفات، أيضًا، تبنِّى استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات، مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى قيادة التنمية والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى تدريجيًا، وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتوفير ملايين فرص العمل المستدامة، مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى، لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.

تعهد الرئيس، كذلك، بـ«تبنى إصلاح مؤسسى شامل» يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام، وكذلك تحويل مصر إلى مركز إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت، والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس، وتعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا.. وكذا مواصلة تفعيل البرامج والمبادرات الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين.. واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.

.. وأخيرًا، تلك هى الآية ١٠١ من سورة يوسف، التى أنهى بها الرئيس كلمته، عقب أدائه اليمين الدستورية، للولاية الرئاسية الجديدة: «رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث، فاطر السماوات والأرض، أنت وليِّى فى الدنيا والآخرة، توفّنى مسلمًا وألحقنى بالصالحين». صدق الله العظيم.