رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المفكر يوسف زيدان: الجماعات الدينية نشرت الخرافة ووعدت الشباب العاجز عن الزواج بـ«الحور العين» حتى يذهب لتفجير نفسه بكل بساطة2

يوسف زيدان
يوسف زيدان

- قال إن «ابن تيمية» من العقليات الممتازة والحروب الصليبية سبب أحكامه المتشددة 

- مجمع اللغة العربية ليس له أى دور فى المجتمع لأن تطوير اللغة لن يحدث من وراء المكاتب والشاشات بل بالنزول إلى الشارع

- رفضت فكرة «أكشاك الفتوى» فى محطات المترو.. وأكثر سؤال وُجه إليها «مجدى يعقوب هيدخل الجنة أم النار؟»

- مصطفى محمود ارتبك بعدما انتقل من اليسار إلى الصوفية وإسرائيل اعترضت على أطروحاته فاعتزل وعاش حياة الزهد فى أواخر أيامه

 

رأى الكاتب والمفكر الكبير الدكتور يوسف زيدان أن الفقيه «ابن تيمية» كان أحد العقول الممتازة فى التاريخ، مرجعًا ما صدر عنه من أحكام متشددة إلى طبيعة العصر الذى كان يعيش فيه، الذى تضمن حروبًا صليبية، ومحاولات للتجرؤ على شخصية النبى محمد.

وخلال حواره مع الإعلامى محمد الباز، عبر برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، رفض «زيدان» مقولة إن مصر ليس بها فلاسفة، قائلًا: «لدينا زكى نجيب محمود وطه حسين وعبدالرحمن بدوى، كما أن نجيب محفوظ قدم أطروحات فلسفية فى أعماله».

وكشف عن أن الدكتور مصطفى محمود تعرض للارتباك بعد انتقاله من اليسار إلى دراسة التصوف، واعترضت إسرائيل على بعض ما كان يطرحه فى مقالاته فى «الأهرام»، فاعتزل وعاش حياة الزهد فى آخر أيامه.

■ برأيك.. هل تغيرت طبيعة العقل المصرى فى هذا الزمن؟

- فى البداية، العقل المصرى يقاوم الاختلال فى وقتنا الحالى، لأن الفكر لا يمكن أن يستقيم إلا من خلال اللغة والمنطق، ونحن لدينا مشكلة كبيرة فى اللغة العربية.

وأرى أن مشكلة اللغة فى الفكر المصرى لها جوانب متعددة، منها عدم وجود الدلالات، وهذا يتضح عندما نقرأ تعريف «ابن جنى» للغة فى كتابه «الخصائص»، إذ يصفها بأنها «أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم»، فالكثيرون يفسرون اللغة ومفرداتها حسب الأهواء، وهذا خطأ ولا يسهم فى تطوير اللغة.

وفى الحقيقة، تداول اللغة التى تحمل معنيين هو دليل كاف على عدم وجود تواصل بين الأفراد وبعضهم بعضًا فى المجتمع، حيث يتسبب هذا فى خلق الكثير من الآراء المغلوطة، مثل دس السم فى العسل.

وأنا أتذكر أننى أصدرت، منذ سنوات، كتابًا بعنوان «كلمات»، ووقفت فيه عند المفردات، فقد غاب عن البعض مشاهد بعينها فى المجتمع، يتمحور كلها حول دلالة المفردات، فنحن فى مجتمع إذا أراد أن يمدح يهجو، والعكس. 

ونحن فى مجتمع غابت عنه الدلالة المعجمية أو العامة، فكيف نحقق الاستنارة لأفراد المجتمع، وفى الحقيقة أجد أن مجمع اللغة العربية ليس له أى دور فى المجتمع.

■ هل تطورت اللغة؟ وإذا لم تتطور فما السبب فى ذلك؟

- لم تتطور اللغة العربية على أيدى أعضاء مجمع اللغة، فاللغة لا يمكن أن تتطور من على المكاتب ومن وراء الشاشات، فمن الضرورى النزول للشارع لمعرفة الكلمات والتطورات الجديدة فى المجتمع، فاللغة تتطور مع فكر الشارع وعبر ما هو مكتوب ومتداول.

وأذكر قديمًا أن الدكتور حسن حنفى، كتب فى مجلة «إبداع» مقالًا بعنوان «تجديد اللغة شرط الإبداع»، وفى هذا الوقت، وضمن جرأتى المبكرة، كتبت فى العدد التالى مقالًا بعنوان «الإبداع شرط تجديد اللغة»، حيث كنت أرى أن تجديد اللغة لا يمكن تنفيذه من على المكاتب.

وإبداع الفكرة يجعل للكلمة دورًا، وتتطور فى المجتمع، فالكثير من العلماء والمفكرين قديمًا استخدموا كلمات كانت جديدة على المجتمع، وهذا كان جديدًا بالفعل، ومع الوقت أصبحت هذه الكلمات دارجة.

وأضرب مثالًا على تطور اللغة، بجملة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فهى من الجمل التى نستخدمها كثيرًا فى حياتنا اليومية، وهى فى الأصل من أشعار «المتنبى»، فاللغة تتطور مع تطور العقل، فالعملية الإبداعية هى التى تحرك اللغة، فاللغة لا تنمو منفصلة عن المتحدثين بها، ويجب علينا أن نعرف ذلك.

■ هل تطور المنطق فى المجتمع؟ وهل العلماء والمفكرون يستخدمونه؟

- فى البداية، خشى بعض أصحاب المصالح من تطور الحلقة الذهنية فى المجتمع، أخرجوا جملة «من تمنطق فقد تزندق»، فى إشارة منهم إلى الجماعات التى كانت تحارب من أجل الحصول على السلطة، فعبارة «من تمنطق فقد تزندق» من أسخف العبارات التى تم الترويج لها عن المنطق.

باختصار، المنطق عبارة عن نظام التفكير، فكان «ابن سينا» لديه إصرار على استخدام المنطق فى كتاباته، حيث كان يرى أن المنطق، هو إحكام قوانين الفكر، وهو السبيل للخروج من حالة العشوائية التى كانت تسيطر على فترته فى ذلك الوقت.

المنطق يبدأ بقوانين الفكر الأساسية، مثال على ذلك جملة «الشىء هو ذاته»، ولا بد من ترويج المنطق بشكله الصحيح للأطفال وعبر قنوات التليفزيون، متمثلًا فى سياقه.

إننا نفتقد اللغة المتطورة، والمنطق بكل أنواعه، ولا أخفى عليك، فالإمام الغزالى، قال إن من لا يعرف المنطق لا يوثق علمه، حيث يجب على الطبيب والمهندس وكل الفئات، أن يتحلوا بالمنطق من أجل الوصول بحركة الفكر إلى الدرجة المطلوبة.

■ ما رأيك فى منطق «ابن تيمية»؟ ولماذا اتسم بالتشدد فى أحكامه؟

- «ابن تيمية» من العقليات الممتازة، وهو ليس مفترى عليه، بل هو «مكذوب به»، فهو متشدد بحكم عصره، حيث إنه نشأ فى وقت الحروب الصليبية، وكان هناك من يتجرأ على شخصية النبى، و«ابن تيمية» كان يتشدد فى حكمه على هؤلاء الأشخاص، وهذا لا يقلل من قدره، فهو مفكر من الطراز الرفيع.

كما أن كلام «ابن تيمية» عن ارتباط منطق أرسطو باللغة اليونانية، من الأحاديث المتطورة، فهو محكوم بالمنطوق والعبارة، و«ابن تيمية» قدمها بشكل بسيط ولطيف للعقل الجمعى والثقافة العامة، فهذا تطوير للغة فى حد ذاته.

والعمل بالمنطق من الأمور الأساسية، التى لا يجب أن يختلف عليها أحد، حيث يعتبر دعوة للفكر والتنوير بشكل أفضل، وتطويرًا للغة فى زمن يعانى من أزمة فى الدلالات والمفردات.

■ هل للجماعات الإسلامية تأثير على توجيه العقل للتفكير بطريقة معينة؟

- أثرت بالخرافة، ومن خلال رؤية أحلام الناس والمتاجرة فيها، فتعِد الإنسان بالحور العين وتلهم خيال الشاب الذى لا يقدر على الزواج، فيذهب لتفجير نفسه ببساطة، وهو يوعد بما لا يملك، ويستجيب لما يملى عليه بسبب الضغط، لأن الضغط عندما يطغى عليك ولا تجد أى دعم ذهنى أو فكرى أو إنسانى أو مادى أو معنوى، تستجيب، والعشوائيات كانت مرتعًا للجماعات الدينية فى ظل غياب النظام الاجتماعى، فالشاب يترك ذقنه ليكون تقيًا، ويلبس جلبابًا بدعوى السنة، ولكن كان عنده قدر ما من النظام، والناس محتاجة لهذا النظام، وعلم الاجتماع يزخر بالنظم الاجتماعية الضابطة لحياة الجماعة، فى أيام «مبارك» عندما انفجرت العشوائيات كان هناك عشرات الآلاف من الناس يعيشون على أطراف المدن، وهنا يأتى دور شيخ المسجد الذى يضع الميكروفون على مكان عال ويعظ الناس، ولكن فى النهاية هناك نمط ونظام، لأن الحكومة الرسمية أو أدوات الضبط الاجتماعى الرسمية فاعلة، فساكن العشوائيات يلجأ للضبط العرفى عند شيخ المسجد، وهو طول الوقت يحتاج فى تفاصيل حياته لفتوى الشيخ، وحتى وقت قريب كان هناك مصطلح «اسأل الفقيه وهو من سيجيبك»، ومنذ عدة أعوام كانت هناك «أكشاك الفتوى» فى محطات المترو، ولم أكن مع هذه الفكرة، وكان أكثر سؤال يوجه إليها «مجدى يعقوب هيدخل الجنة أم النار؟».

■ ما سبب طرح مثل هذه الأسئلة غير المقبولة؟

- السبب هو التفاهة أولًا، ثم الاحتياج، وكذلك الإعلاء الوهمى للذات، والتفاهة نستدل عليها من العقلية السطحية التى تم النفخ فيها، فبالتالى يريد صاحبها أن يستعلى بها، فهو يقرر ويسأل ويتلقى الإجابة عن مجدى يعقوب، وهل سيدخل الجنة أم النار؟، وهو لا يعرف سبب إعطاء مجدى يعقوب لقب «سير»، أو ما الذى يفعله فى أسوان، وما دلالته. وفى مرة كنت فى استراحة المطار، وكان هناك شخص يجلس على الكرسى الخلفى لى وينظر فى الكمبيوتر، وصدمت عندما عرفت أنه مجدى يعقوب ولم أعرفه، فهو يعيش حالته هو، وغير مشغول بالحكم على الآخرين، أما التافهون فهم يريدون أن يحكموا ويعلوا من ذواتهم مع خلفيتهم السطحية، خرجت علينا أغانى المهرجانات بفضل التعليم السطحى وعدم البناء الصحى للتفكير، والميول الفطرية لإعلاء الذات.

■ يتساءل البعض: لماذا لا يوجد لدينا فيلسوف أو مفكر أو مشروعات فكرية كبيرة.. عندما تسمع هذا الكلام كيف ترصده؟ وهل نفتقد حقًا الأفكار الكبيرة؟

- لا، بالطبع يوجد لدينا.. هل زكى نجيب محمود ليس فيلسوفًا وعبدالرحمن بدوى ليس فيلسوفًا وكذلك طه حسين؟ والقائمة طويلة بالفلاسفة المصريين.

ومعنى الفلسفة هو محبة الحكمة، وبعيدًا عن التعريف العام، الفلسفة هى الرؤية الكلية لثلاثة موضوعات أساسية: الله والعالم والإنسان، ونجيب محفوظ قدم هذه الرؤية، وتوفيق الحكيم كذلك، وبالمعنى التخصصى جدًا يجب أن ننظر إلى تعريف زكى نجيب محمود، وكان لديه اتجاه فلسفى رصين جدًا، وأنا لست من المعجبين بـ«الوضعية المنطقية».

وهناك «فكر تعادلى» لدى توفيق الحكيم، وهناك «الجوانية» عند عثمان أمين، وقد كتب هذا الكلام فى قلب القاهرة، وهو طرح فلسفى يقول إن التجربة الإنسانية تصبح أكثر ثراءً إذا اهتمت بالجانب الجُوّانى، وهى كلمة فصيحة، والناس الذين يكتبون الأدب، مثل يوسف إدريس كانوا يطرحون رؤية فلسفية للذات والغرب وعلاقة الأنا والآخر وأشياء كثيرة، لماذا لا ندرس هذه التجارب فى الجامعة؛ لنرى المسار الكلى الإجمالى الذى يجمع بين الله والعالم والإنسان أو حسب التقسيم الأكاديمى بين مبحث الوجود ومبحث المعرفة؟ وطول الوقت يجب أن نعمل فى ذلك، مع ضرورة ضبط الدلالة اللغوية وإعادة بناء المفاهيم والنظرة للتراث، وأفلاطون وهيجل هما تاريخ الفلسفة وتتم دراستهما بالجامعة.

■ أصحاب الخفة هم مَن يتصدرون المشهد.. ومصطفى محمود كان يحتل مساحة فى ذهنية المجتمع المصرى.. كيف ترى حضوره؟

- أنا رأيته كشخص وأنت تراه من زاوية أستاذ اقتصاد وعلوم سياسية، وبالنسبة لى أنا أعرفه، والحكم هنا حكم ذاتى جدًا، وهو حسب ما حكى لى كان يعيش فى غرفة فوق جامع، وكان يعيش عيشة متقشفة جدًا، وكان يعزمنى على الغداء دائمًا؛ لنأكل سمكًا اسمه «شخورة» يأتى من روسيا، عندما كنت أذهب لجامعة القاهرة، وكانت علاقته غير سوية مع اليسار، ولكنه كان يجرى «طبطبة» على قلوب الناس، فهو كان يساريًا سابقًا ووالده كان متصوفًا ومر بتجربة حياتية أو أزمات شخصية، فدخل إلى أفق الروح، وهذا مدخل صعب، وهذا ما قدمه فى كتاب «رأيت الله»، ولم يكن هو الأنسب له، وكان المفترض أن يكون مدخله عبر منهج الفيلسوف عبدالقادر الجيلانى، لأنه هادئ ويخرج بك من الشكل الظاهرى للشريعة وينطلق بعد ذلك، وكان خروج مصطفى محمود من اليسار إلى «النفرى» مربكًا، فارتبك مصطفى محمود حينًا من الوقت ثم استراح لحياة الزهد، ومصطفى محمود وجد نفسه فى حياة الزهد، والعلم والإيمان كان مطلوبًا جماهيريًا.

ومقاله فى «الأهرام» كان يُحدث صدمات، وكانت إسرائيل تعترض على بعض أطروحاته فى مقالاته عبر بيانات رسمية، فقرر أن ينزوى ويغلق على نفسه، وفى السنوات الأخيرة من حياته «مكنش مُبتهج».

■ كيف أسهم الدكتور حسن حنفى فى إعادة إحياء الجمعية الفلسفية المصرية؟ ولماذا عاد ثم اختفى فجأة؟

- الدكتور حسن حنفى، هو أحد المفكرين العرب المعاصرين من أصحاب المشروعات الفكرية العربية، ونجح فى إعادة إحياء الجمعية الفلسفية المصرية فى الثمانينيات، واحتفى بنا كجيل أصغر، وكان يعاملنا باحترام، ولكن سرعان ما عاد واختفى نتيجة قلة الدعم.

دعنى أقول لك إن كُتب مصطفى محمود الصغيرة أحدثت نوعًا من المواساة والعزاء، وذلك كان مطلبًا فى هذا الوقت، ولكن كان ينبغى مثلما احتفت السلطة السياسية بالدكتور مصطفى محمود، أن تحتفى أيضًا بـالدكتور حسن حنفى، ولكنها شبه طردته، حتى إنه خرج من الجامعة وعمل فى جمعية زراعية، بعدها سافر إلى اليابان، وضاع أكثر من ١٥ سنة من حياته، وكل ذلك بسبب أنه كان معترضًا داخل مجلس جامعة القاهرة على رسالة الماجستير الخاصة بالسيدة جيهان السادات فى ذلك الوقت.

ويجب أن يكون هناك تنوع فى التجربة الإنسانية، فمثلما تذاع مقولات الشيخ «الشعراوى» يجب أيضًا أن تكون مقولات «زكى نجيب محمود» موجودة ومتاحة ومُروجًا لها، ثم نفتح مجالًا للنقاش بعد ذلك.

■ حدثنا عن ذكرياتك مع الدكتور حسن حنفى.

- أتذكر يوم دعانى الدكتور حسن حنفى على المستوى الشخصى، لتقديم محاضرة فى الجمعية الفلسفية، ولم أكن حينها قد حصلت على الدكتوراه، وكنت «فخور أوى بنفسى» وكان لدىّ ٢٦ سنة، وكنت سأتحدث أمام أساتذة الفلسفة، ومنهم حلمى مطر، ورمضان بسطاويسى، وغيرهما، وكان يشجعنى على الحديث والنقاش مع كبار الفلاسفة والمفكرين خلال المحاضرة.

■ من وجهة نظرك.. هل التنوع فى التجربة الإنسانية الواحدة يمكن أن يسقطها فى فخ التناقض؟

- إلى حد ما.. ومثال على ذلك الفيلسوف عبدالرحمن بدوى فى كتاب «هموم الشباب»، الذى يحكى أنه دخل البارات وأحب راقصة، وكان هو نفسه الفيلسوف الكبير، فهنا نجد أن المُتفلسف والباحث هو نفس الولد «اللى بيجرى وراء الراقصة»، ولكن «إحنا منقدرش نحصر التجربة الإنسانية فى جانب واحد ونقول هى كذا ولا كذا، لا، هو ممكن يكون الاتنين».

■ ما رأيك فى الشاعر الكبير أمل دنقل؟ وهل أثرت تجربته الشخصية على مُنتجه؟

- الشاعر أمل دنقل عاش بائسًا وفى معاناة، لكنه لم ينقطع عن التأليف، ونجح فى طرح الروائع الشعرية المهمة، ومنها «أقوال جديدة على حرب البسوس» وديوانه «أوراق الغرفة ٨»، بالرغم من حياته المنعزلة.

والتجرية الشخصية مؤثرة بشكل كبير فى صياغة مُنتج المفكر، ولكن «لما المواطنين بيقربوا من الشخصية بيقولوا إن دا مش مهم إحنا لينا أفكاره»، ولكن هناك دائرة اتصال بين الكاتب أو المُفكر أو الفنان، والجمهور.

وأرى أن دائرة الاتصال هى اللوحة، القصائد والرواية، والكتاب والمقالة، وهى أهم، ومنها يمكن أن نغرق فى التفاصيل الشخصية، ولكن لن ننتهى إلى شىء، فعلى سبيل المثال الشاعر الفرنسى آرثر رامبو، ترك الشعر وهو فى سن ١٧ عامًا، ولديه ديوان تحت عنوان «فصل من الجحيم» يقدم صورة شعرية مبهرة، منها على سبيل المثال، قوله «وشعاع ذهبى يتغضب فى هدوء على أطراف الأوراق المتباعدة وأشجار صغيرة من دون قمم، يغرد عليها عصفور ضعيف»، هذه صورة شعرية بديعة.

ماذا لو عرفنا أن «رامبو» انتهى به المطاف لتاجر رقيق يشترى العبيد ويبيعهم، ويتاجر فى التوابل فى الحبشة، ويُقال إنه كان شاذًا جنسيًا، فأنا كقارئ «إيه علاقتى بحياته»، لى فقط كتابه «فصل فى الجحيم»، وبالتالى «إحنا لينا دعوة بإنتاجه الشعرى ورؤيته الفنية فقط لاغير».

■ ما الذى يتمناه الدكتور يوسف زيدان للأجيال القادمة؟

- أتمنى أن تبقى كتاباتى للأجيال القادمة، فى التسعينيات عندما كتبت رواية «عزازيل» أهديتها لابنتى «آية»، وكان هناك احتمال كبير أن الرواية «محدش هيقرأها»، لأنها تتحدث عن التاريخ القديم، ولكن فوجئت بردود الأفعال بمجرد صدورها وقبل حصولى أيضًا على جائزة البوكر عن الرواية، وتمت ترجمتها إلى ٣٠ لغة، وأيضًا تم عمل طرح ٥٠ رسالة ماجستير عليها.