رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مئوية "التلمسانى".. نجلته تكشف كيف كانت الحروب عائقا فى حياته

عبد القادر التلمساني
عبد القادر التلمساني في محبة الفن والحياة

يكرم مهرجان الإسماعيلية في دورته 25، اسم " عبد القادر التلمساني " والتي يشارك بها 121 فيلمًا من 62 دولة، إلى جانب ذلك يتم تكريم عدد من الأسماء البارزة في المشهد السينمائي المصر والعالمي، ومنهم: تكريم المخرج الأمريكي ستيف جيمس، ومن فلسطين المخرج مهدي فليفل، بالإضافة إلى الفنانة المصرية سلوى محمد علي. 

"عبد القادر التلمساني.. في محبة الفن والحياة"

 وجهت الروائية والناقدة الأكاديمية الدكتور مي التلمساني، عبر صفحة التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" الشكر لرئيس مهرجان الإسماعيلية الكاتب الصحفي والناقد الفني عصام زكريا.

وضمنت فقرة من مقدمة كتاب التكريم والذي جاء بعنوان "عبد القادر التلمساني.. في محبة الفن والحياة" بمناسبة مئوية ميلاد أبي عبد القادر التلمساني، مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية، 2024، وهي كالتالي:

وقد غاب أبي عن عالمنا في 11 سبتمبر 2003 بعد معاناة طويلة مع المرض دامت نحو تسع سنوات، قضى الأربع الأخيرة منها على مقعد متحرك وقد تمكن السرطان من حركة أطرافه ومن قدرته على الحديث، وإن ظل عقله يقظًا وفطنته ثاقبة حتى النهاية، كنت في كندا حين رن الهاتف، رأيته بعد وفاته بنحو عام، في إيطاليا، في غرفة ضيافة بقصر قديم، يجلس على حافة فراشي وأنا أكتب من وحيه فصلًا في رواية لم تكتمل، التفتت نحوه ورأيته متجسدًا أمامي، مبتسمًا، ثم رأيته طيفًا في حلم، استيقظت ونمت مرة أخرى لأكمل الحلم ثم صحوت وكان معي في النوم وفي الصحو، يبتسم الآن أيضًا وأنا أكتب عنه، يبتسم للحياة كعادته، دون أن تظهر أسنانه، على استحياء.

مي التلمساني 


في نهاية السنة الثانية بقسم الفلسفة، جامعة القاهرة، قرر عبد القادر السفر إلى فرنسا لتعلم فنون السينما، كان ذلك عام 1948، انتهت الحرب العالمية، والده توفي منذ زمن، وكامل الأخ الأكبر، يعمل بالإخراج السينمائي حتى وإن لم يكن بعد مخرجًا ملء السمع والبصر، فقد جاء إلى السينما من عالم الفن التشكيلي والرسم وأثار آنذاك (ولم يزل) ضجة كبيرة حول ماهية الفن ودور الطليعة في الترويج لروح ثورية مستقلة جديدة مناهضة لكافة أشكال السلطة الفاشية. 

تعلم كامل في مدرسة الحياة، بالممارسة، أما عبد القادر فيريد أن يتعلم الفن على أصوله، باع الأرض التي ورثها عن أبيه في عزبة التلمساني، قرية نوى، القليوبية، ورحل، لديه منحة للدراسة مجانًا بمعهد الدراسات السينمائية (إيديك) الذي كان يستقبل الطلاب من كل صوب وحدب بدون مصروفات، وبدون امتحان قبول، شريطة أن تكون لديهم خبرة في مجال السينما قبل الالتحاق بالمعهد، وكان مساعدًا لأخيه الأكبر في أفلامه الأولى، فالتحق بالمعهد دون امتحان، قضى خمس سنوات في باريس للدراسة. بعد أن انتهى من سنوات الإيديك الثلاث، التحق بجامعة السوربون العريقة، حيث أنشئ قسم جديد لتدريس علوم الفيلم (فيلمولوجيا)، بعد عامين، نال شهادة السوربون في الإخراج والإنتاج السينمائي عام 1953، وعاد إلى مصر، متزوجًا من سيدة فرنسية ذات أصول روسية، أولجا بارفينوف.

صوره النادرة في باريس تشي بضيق الحال، نحيل وضامر، يقول على ظهر إحداها إن الطعام شحيح، والنقود تكفي بالكاد لإيجار غرفة الطلبة بالحي اللاتيني، لكنه يقع في الحب، وحين يعود، يقدم أولجا لأمه التركية، أمينة هانم زكريا، ولأخويه الحبيبين، كامل وحسن، ولأختيه حياة النفوس وأسماء، عائلة تقليدية من أصول ريفية شبه إقطاعية تستقبل الوافدة بأذرع مفتوحة، في شقة على تخوم الصحراء بمصر الجديدة، تطل على أطراف الواحة أمام المدرسة الإنجليزية ومضمار السبق الشهير بها.

 يقيم عبد القادر وأولجا في القاهرة حتى قيام حرب السويس، 1956، ثم تعود أولجا مجبرة إلى فرنسا بعد مضايقات من الشرطة يتدخل فيها المحامي الشهير عادل أمين؛ بسبب كونها فرنسية من ناحية ومناضلة يسارية من ناحية أخرى، بعد عامين، يلحق بها عبد القادر في باريس، في زيارة قصيرة يقضيها مجبرًا، فيما يبدو، حيث تستجوبه الشرطة هناك أيضًا بسبب موقفه الداعم لحرب التحرير في الجزائر، تقف الحروب عائقًا أمام استقرار أولجا في مصر كفرنسية، وعبد القادر في باريس كعربي، ثم ينفصلان في 1960.