رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كبسولة فلسفية| محمد جاد الله يكتب: «الفلسفة» المفهوم والدلالة

محمد سيد جاد الله
محمد سيد جاد الله

تأتي هذه الكبسولة تشريحًا لمفهوم «الفلسفة»، وهو ما أنهينا به كبسولتنا السابقة التي حملت عنوان «الفلسفة.. والحياة» أداتك لتنظيم حياتك، أنه قبل استخدام هذه الأداة «الفلسفة» لا بد لنا من معرفتها، وفهمها، وبكملة واحدة معرفة كاتالوجها إن جاز لنا استخدام هذه التعبير – بالضبط بالمعنى الذي نستخدمه في لغتنا الدارجة – ولذلك علينا أولًا وقبل كل شيء معرفة المقصود بكلمة «فلسفة». وهو ما سنتبينه هنا من بيان الدلالة الكامنة وراء هذا المفهوم الخصب.

عزيزي القارئ، يتساءل الكثير من القراء والدارسين سواء المختصين بالحقل الفلسفي أو خارجه، عن مفهوم محدد لكلمة «فلسفة»، وذلك بسبب كثرة المؤلفات التي تحاكي وترصد بعض هذه التعريفات. مما يصيب القارئ أو الدارس المتمرس ببعض التخبط بسبب هذه الفروق المتباينة في التعريف على خلاف محتوى هذه المؤلفات. إلا أننا خصصنا هذه الكبسولة لتكون خير دواء للشفاء من هذا التخبط، أملًا منا لمحو هذا الخلط الفكري، وذلك للوقوف على فهم صحيح وجامع مانع للفلسفة. 

ولنا أن نقول في كلمة أولى لنا، إن «الفلسفة» – باليونانية φιλοσοφία‏ وتعنى حرفيًا «حب الحكمة» – هي الهدف من شرح مبادئ الأشياء وأسسها، أي أنها تستخدم العقل والمعرفة والملاحظة، من أجل تنظيم التفكير في نسق متماسك. كما أن الفلسفة، لون من ألوان معرفة الإنسان للعالم. إنها مجمل الآراء والتصورات عن القضايا العامة لتطور الوجود والوعي، ولا سيما قضية علاقة الفكر بالوجود (الطبيعة من حولنا)، التي تشكل المسألة الأساسية في الفلسفة.

وهكذا تكون الفلسفة بحثًا منظمًا عن المعرفة، نقوم به عن طريق التفكير المنظم في كشوف العالم، ونتائج المؤرخ، ورؤية الفنان والشاعر والمتصوف، مع الجمع بين هذه كلها وبين تجربتنا اليومية الشخصية. وتقتضي هذه الأفكار المنظمة من جانبها تحليلًا دقيقًا لقدرة الذهن على اكتساب المعرفة، بحيث إن جزءًا أساسيًا من النشاط الفلسفي يتألف من دراسة مصادر المعرفة البشرية ومناهجها وحدودها. ولما كانت المعرفة يتم توصيلها إلى الغير وتُسجل عادةً، فإن هذا بدوره قد يؤدي إلى تحليل لوسائل الإنسان في الاتصال بغيره، ولا سيما اللغة.

أضف إلى ذلك أيها القارئ الكريم، يمكننا أن نصف ممارسة الفلسفة بالعبادة العقلية، فهي توصل إلى الفردوس الإنساني بتهذيب الأخلاق، وصون النفس عن الدنيا وشرورها. إن الفلسفة، وهي الفضيلة الإنسانية، تقوم على التشبه بالله. فهي بحث دائم عن الحق والجمال والخير، في إهابها المطلق، عبر الظواهر الحسية. وفي عبارة واحدة «شكل من أشكال الوعي الاجتماعي».  

وخير ما نختم به كبسولتنا هذه تعريف الفيلسوف الإنجليزي المعاصر برتراند رسل Bertrand Russell (18 مايو 1872م – 2 فبراير 1970م) وهو أشهر رجالات الفلسفة العظام بالقرن العشرين، فيقول:

«أحب أن أفهم الفلسفة على أنها وسط بين اللاهوت (الدين) والعلم، فهي تشبه اللاهوت في كونها مؤلفة من تأملات في موضوعات لم نبلغ فيها بعد علم اليقين، لكنها كذلك تشبه العلم في أنها تخاطب العقل البشري أكثر مما تستند إلى الإرغام، سواء كان ذلك الإرغام صادرًا عن قوة التقاليد أو قوة الوحي؛ والعلم فيما أري – هو الذي يختص بالعلم اليقين، أما اللاهوت فاعتماده على صلابة الإيمان، ومجاله هو الجوانب التي تجاوز حدود المعرفة اليقينية».

اقرأ ايضًا..

وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات "المنتدى العالمى الثالث لثقافة السلام العادل"