رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطبيقات العملات الرقمية.. حيلة لسرقة مدخرات المصريين وإغرائهم بالثراء السريع

العملات الرقمية
العملات الرقمية

وقع الكثيرون ضحايا شبكات توظيف الأموال، التى بدأت بظاهرة المستريح ثم امتدت إلى التطبيقات الإلكترونية، وبالرغم من اختلاف الوسيلة، إلا أن الفكرة تظل واحدة، إذ تقوم على جمع المال من مواطنين بعد إيهامهم بأنهم سيربحون أموالًا طائلة من تجارة وهمية دون أى مجهود.

ومن بين التطبيقات التى أوقعت كثيرًا من الضحايا تطبيقا «أوميجا برو» و«هوج بول»، وهما تطبيقان إلكترونيان قاما على النصب والاحتيال، ويوهمان ضحاياهما بأنهما وسيلة مضمونة للاستثمار وتحقيق الأرباح.

وقد تمكنت وزارة الداخلية من ضبط مسئولى هذين التطبيقين، الذين استولوا على أموال المواطنين.

«الدستور» التقت عددًا من الضحايا الذين رووا كيف وقعوا ضحية للنصب الإلكترونى، كما ناقشت مع الخبراء كيف نحمى أنفسنا من الوقوع فريسة للمجرمين الرقميين؟

الضحايا: أوهمونا بأنهم جهة مرخصة.. وأقنعونا بأرباح 60% بالدولار

كان محمد توفيق، ثلاثينى يعمل فى مجال المحاسبات، يرغب فى استثمار مبلغ مالى يحتفظ به منذ فترة طويلة، من أجل تحقيق ربح مالى من خلاله، إذ يرى أن الأموال تقل قيمتها دون استثمار، لكن لم يكن يعلم أن ذلك بداية ضياع أمواله.

شاهد أثناء تصفحه «فيسبوك» إعلانًا عبر صفحة عن تطبيق يسمى «أوميجا برو» الخاص بالعملات الرقمية، والذى ادعى القائمون عليه أنه وسيلة آمنة ومضمونة لتحقيق أرباح مالية كبيرة فى وقت قصير، لكن الأمر لم ينته إلى هذه الأحلام الكاذبة فضاعت أمواله، مثل غيره الذين وقعوا ضحية التطبيقات الوهمية. 

قال محمد توفيق: «حين تحدثت مع مسئولى الشركة قالوا إنهم ليسوا مجرد تطبيق، ولكنها شركة أوميجا برو للعملات الرقمية، التى يمكن من خلالها استثمار أى مبلغ مالى يبدأ من ١٠٠ جنيه، وإن الأمر لا يتطلب منى شيئًا سوى ضخ الأموال فى ذلك التطبيق والحصول على الأرباح فيما بعد».

وأضاف: «بالفعل وضعت ١٥٠ ألف جنيه فى تلك الشركة الوهمية التى لم يكن حتى لديها مقر، ولا يوجد سوى تطبيق به بعض الرسومات والعملات الرقمية، التى يدعى أصحابها أنها وسيلة مضمونة للاستثمار وتحقيق الأرباح».

بعد مرور فترة من الوقت، كان مسئولو الشركة يتهربون من الإجابة عن أسئلة «توفيق» المتكررة بخصوص الأرباح وموعد استردادها، حتى فوجئ بإغلاق التطبيق بشكل مفاجئ، ووجد نفسه محظورًا على حسابات أصحاب تلك الشركة الوهمية، واختفاء صفحتها على «فيسبوك»: «عرفت وقتها أنها مجرد عملية نصب بعد بيان صادر عن وزارة الداخلية».

وألقت وزارة الداخلية القبض على التشكيل العصابى القائم على التطبيق، الذى خصص نشاطه الإجرامى للنصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، بزعم توظيفها لهم مقابل أرباح.

وقالت الوزارة، فى بيان: «تعرض عدد من المواطنين لعمليات نصب واحتيال إلكترونى والاستيلاء على أموالهم تحت زعم استثمارها، عبر إدارة تطبيق إلكترونى تحت مسمى أوميجا برو يتم الترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعى».

من جهته، قال عبده محمد، من ضحايا التطبيق الإلكترونى «أوميجا برو»: «التطبيقات الإلكترونية أصبحت وجهة للباحثين عن الاستثمار»، وأنه انضم للتطبيق بعدما أحدث ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وانتشر فى ١٠٠ دولة، «كانوا يقنعوننا بأنهم ينظمون مؤتمرات عالمية، وأنه تطبيق رسمى معترف به».

وشرح أنه تطبيق يدعى استثمار الأموال بشكل فعال، حيث يتم إرسال المبالغ المالية عبر التطبيق، والحصول على عوائد مالية بالدولار الأمريكى.

وأضاف: «صادفت إعلانًا للتطبيق، وكان صاحبه يدعى أنه حصل على رخصة من هيئة الرقابة المالية، وأن الرخصة تم سحبها وستعود مرة أخرى، ورغم ذلك انضممت لهم، مع أننى كنت أشك فى صدقهم».

رغب «محمد» فى الانضمام لذلك التطبيق لتحقيق عائد مالى كبير، ومع وجود الكثير من الشكوك حول موثوقيته.

وقال: «كان يتيح سحب وإيداع الفلوس بكل سهولة، ويتم إصدار بطاقات ائتمانية للمشتركين تتعدى مبالغها المالية ٥٠٠ ألف فى بنك وهمى».

وتابع: «عدد كبير خسروا فلوسهم وكنا مصدومين إننا اتخدعنا فى التطبيق ده ويا ريت يكون هناك تحرك سريع بعد المحاضر التى قدمناها لوزارة الداخلية، عشان فلوسنا ترجع، خصوصًا أن التطبيقات دى أصبحت منتشرة».

وقال إسلام عاطف، ضحية: «تمكن مسئولو تطبيق أوميجا برو من خداع الكثير من المواطنين من الساعين وراء حلم تحقيق أرباح استثنائية، ولم يكن لدينا أى شك فى أننا نتعرض للخداع».

وتابع: «التطبيقات الإلكترونية أصبحت ستارًا وهميًا للنصب على المواطنين وابتزازهم ماديًا، فبدأ الانتشار الواسع لتطبيقات تقديم القروض للمواطنين مستغلين حاجة البعض للأموال لاستكمال مشروعات أو دفع ديون». 

وأضاف: «كانوا كل فترة بيعملوا اجتماعات عشان يقنعونا إنهم شغالين بشكل رسمى، وحفلات، ويقعدوا يفهموا الناس إنهم بيضيعوا وقت بدون استثمار الأموال، وشوفت ناس بتكسب فعلًا، وأنا كسبت فى الأول».

وأوضح أنه اشترك فى باقة ٣٠٠ دولار، وكان يرغب فى الاشتراك فى أكثر من باقة لتحقيق عائد مالى كبير، معلقًا: «اتنصب علىّ فى الـ٣٠٠ دولار، ومبلغ ٢٥ ألف جنيه مصرى، لأن أوميجا برو تقدم مجموعة من الباقات والخطط الاستثمارية خلال عدة أشهر».

واستطرد: «أقل قيمة للإيداع للاشتراك فى أحد الخطط الاستثمارية بالتطبيق ١٠٠ دولار أمريكى، لكن للحصول على المزايا الكثيرة للاستثمار مع الشركة يجب الاشتراك بمبلغ أكثر من ١٠٠ دولار أمريكى».

وتابع: «كما يمنح هذا الموقع عمولة بنسبة ٣٠٪ للمستثمر إذا تم الربح والحصول على عائد من الاستثمار من خلال حساب الاستثمار الذى تقدمه الشركة، وممكن أن يصل إلى ٦٠٪ بعد مرور ١٢ شهرًا للاشتراك بموقعهم، ولكن اكتشفت أن كل ذلك كان وهمًا».

خبراء: قانونى: الحبس جزاء كل مشارك فى عمليات نصب أو احتيال

أوضح على الدندراوى، الخبير القانونى، أن التطبيقات الإلكترونية للاستثمار أصبحت ظاهرة سائدة بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية، ولاقت إقبالًا كبيرًا من المواطنين طمعًا فى الربح السريع.

ومن الناحية القانونية، قال إنها تعد جريمة نصب واعتداء على ملكية الآخر، لأن النصاب يستهدف استخدام طرق وأساليب احتيالية للاستيلاء على مال الغير، معرفًا جريمة الاستيلاء بأنها استيلاء على مال الغير بطرق غير مشروعة، ووسائل تدليس بنية النصب.

وأشار الخبير القانونى إلى أن المادة ٣٣٦ عقوبات تنص على أنه: «يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب، أو واقعة مزورة، أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى، أو تسديد المبلغ الذى أُخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له، ولا له حق التصرف فيه، وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة».

أمن معلومات: عصابات من داخل وخارج مصر تتربص بالمواطنين

المهندس شاكر محمد الجمل، خبير أمن المعلومات، شرح فكرة تلك التطبيقات، إنها أشبه بفكرة المستريح أو غسل الأموال التى ظهرت منذ سنوات طويلة، حيث تقوم فكرتها على جمع مبالغ مالية من مواطنين عبر وهمهم بأن هناك ربحًا قريبًا سيجنونه من تلك التجارة بدون أى مجهود يتم بذله، وهو أمر يُشبه البورصة ولكن عبر النصب. 

وكشف عن أن العصابات لا يكونون داخل مصر فقط ولكن فى الداخل والخارج، ليتم إرسال الأموال فى الخارج بشكل سريع، مبينًا أن وزارة الداخلية تكثف من جهودها من أجل ضبط هؤلاء.

وأكد ضرورة وجود وعى بالتطور التكنولوجى، لأن أوميجا برو مثل هوج بول، الفرق فى المسميات فقط، ولكن عملية النصب تمت بنفس الطريقة، عن طريق الوهم بفكرة تداول العملات المشفرة والاستثمار.

وأعطى الجمل بعض النصائح من أجل تجنب الوقوع فى براثن تلك التطبيقات الإلكترونية التى تنصب على المواطنين، وأولاها عدم تصديق وجود أى تطبيق إلكترونى يجنى ربحًا ماليًا على صاحبه، وتجنب التعامل مع أى عملات رقمية مشفرة، سواء كان تداولًا أو ترويجًا، لأنها ليس لها بنك.

وتابع: «التأكد من ترخيص التطبيقات أو ورق رسمى يوضح ماهيته، وتحميله من مكان معروف مثل play store أو app store ويكون عليه تقييمات واضحة، والبعد عن أى شركة تستخدم نظام التسويق الشبكى أو الهرمى، بمعنى دفع أموال مقابل الحصول على أموال أكبر، كل ذلك يعد نصبًا».