رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

روشتة «التحرر» من سيطرة «الأخضر»: تعميق التصنيع المحلى.. وتوحيد سعر الصرف

الدولار
الدولار

قال خبراء إن أولى خطوات علاج شح الدولار هى تعميق التصنيع المحلى لإيجاد بدائل مصرية للمنتجات المستوردة لخفض فاتورة الاستيراد، مع إمكانية التصدير وزيادة الحصيلة الدولارية، مؤكدين أن توحيد سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية والقضاء على السوق السوداء من أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية، مع أهمية تنشيط قطاعى السياحة والعقارات، لزيادة الحصيلة الدولارية.

المعركة الكبرى.. الدولة تبدأ أكبر عملية لخفض استهلاك الدولار: 13 مليار دولار «وفرًا»

قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن الحكومة لديها مهمة كبيرة خلال العام الحالى، تتمثل فى خفض وتقليل الضغط على الدولار ومنع استنزافه فى سلع استفزازية وغير ضرورية، مشددًا على أنه لا بد من تعميق التصنيع المحلى والاعتماد على مكونات محلية بهدف خفض الفاتورة الاستيرادية للدولة.

وأضاف: «هناك قطاعات يجب تنشيطها لزيادة العائد من الدولار، منها قطاع التشييد والبناء المؤهل لجذب استثمارات أجنبية وزيادة العائدات من الدولار»، مشيرًا إلى أنه يمكن تصدير العقار بهدف جذب الدولار من الخارج.

وأوضح أن القطاع السياحى وزيادة عائداته أمر مهم لمواجهة الأزمة؛ لأن مصر أمامها فرص جيدة لنمو أعداد السائحين لتصل إلى ١٨ مليون سائح خلال العام الحالى، مؤكدًا أن تطوير منظومة السياحة فى مصر سيجذب مزيدًا من الاستثمارات الأجنبية خلال الـ٦ سنوات المقبلة.

وقال الخبير الاقتصادى الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن تقليل المكون الدولارى وخفض استهلاك السلع غير الضرورية والاستفزازية واجب وطنى خلال المرحلة الحالية، مشيرًا إلى أن توطين التصنيع المحلى وخفض الفاتورة الاستيرادية عنصران أساسيان فى المعادلة الاقتصادية فى ظل شح الموارد الدولارية.

وأكد أن نجاح برنامج الطروحات والشراكة مع القطاع الخاص سيؤدى إلى توفير سيولة تتراوح بين ٥ و٨ مليارات دولار سنويًا، بعد الإعلان عن التخارج من ٣٥ شركة لصالح القطاع الخاص بحلول النصف الأول من العام الحالى، موضحًا أن الحكومة تستهدف نحو ٤٠ مليار دولار حصيلة الطروحات خلال الخمس سنوات المقبلة.

ولفت «السيد» إلى أن حل مشكلة السوق الموازية للعملة سيؤدى إلى استعادة الاستقرار للاقتصاد المصرى، لأن المستثمر يحتاج إلى سعر صرف موحد، وهذا سيؤدى إلى مضاعفة حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج ونمو قطاعات أخرى مثل الصناعة والسياحة.

وبيّن أن زيادة حجم الصادرات المصرية ستحقق زيادة فى سيولة النقد الأجنبى، لأن الصادرات جزء مهم فى خفض ميزان المدفوعات، وتحقيق التوازن فى الميزان التجارى، ما يعنى تحقيق نمو اقتصادى والحد من استنزاف الدولار.

وقالت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطى، إن البنك المركزى المصرى اتخذ قرارات جيدة للحد من نزيف العملة من خلال تحديد حد أقصى للسحب ببطاقات الائتمان فى الخارج، وهذا أدى إلى وقف هدر الدولار فى شراء سلع استهلاكية غير ضرورية وتحميل الدولة تكلفة تدبير العملة.

وأضافت أن الاعتماد على الإنتاج المحلى وزيادة المكون المحلى بتعميق الصناعة وخفض الفاتورة الاستيرادية وزيادة الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، بعد تهيئة مناخ وبيئة جيدة للمستثمرين- سيؤدى إلى حل جزء كبير من الأزمة، موضحة أن التوترات الجيوسياسية فى المنطقة وراء جزء كبير من الوضع الاقتصادى الحالى لمصر.

وطالبت «الدماطى» بضرورة السيطرة على السوق الموازية ومنع وجود سعرين للدولار، وتعظيم الاستقرار المالى والنقدى للدولة لحل مشكلة تدبير العملة للمنتجين والمصنعين، والقضاء على السوق السوداء يسهم فى الحد من الارتفاعات غير المبررة فى الأسعار.

وقال المهندس خالد إبراهيم، رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية، إن التصنيع المحلى جزء أصيل لحل أزمة عدم توافر السيولة الدولارية.

وأشار إلى أن قطاع الصناعة والاتصالات يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، وتنشيط المبادرة الرئاسية «ابدأ» لتوطين التصنيع المحلى أدى إلى خفض بلغ ٣ مليارات دولار فى الفاتورة الاستيرادية لمصر العام الماضى.

ولفت إلى أن وزارة الاتصالات اتجهت إلى توطين صناعة الإلكترونيات وكابلات الفايبر ومستلزمات مشروعات التطوير والبنية التحتية، وجرى إنشاء مصانع للهواتف الذكية والفايبر وأجهزة الاتصالات، من خلال شراكة القطاع الخاص مع الدولة.

وذكر أن مصر ستستغنى عن استيراد جزء من السلع الاستفزازية مع بدء إنتاج المصانع الوطنية، وهناك خطة للتصدير إلى المنطقة العربية وأوروبا، «وهذا سيؤدى إلى دخول عملة صعبة للدولة».

وأكد «إبراهيم» أهمية التوجه نحو زيادة برنامج تعميق التصنيع المحلى والاعتماد على المكون المحلى؛ كجزء من استراتيجية مصر لزيادة الصادرات المصرية إلى ١٤٥ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، موضحًا أن مشروع «حياة كريمة» يعتمد على تفضيل المنتج المحلى والاعتماد على منتجات «صُنع فى مصر» فى تنفيذ المشروعات.

وقال الدكتور كمال الدسوقى، عضو اتحاد الصناعات المصرية، إن التصنيع المحلى وزيادة المنتج الوطنى هو الحل لخفض الضغط على الدولار، مشيرًا إلى ضرورة زيادة حجم الإنتاج الكلى المحلى عن المستورد.

وأشار إلى أن مصر لن تتجاوز هذه الأزمة دون الاعتماد على الصناعة كمدخل أساسى لحل أزمة الدولار، والتوسع فى إنشاء المصانع، ومنح تسهيلات القروض الصناعية بفوائد ميسرة، مطالبًا بتقليل الاستيراد فى الوقت الحالى.

فى السياق ذاته، قال أسامة الشاهد، رئيس غرفة الجيزة التجارية، عضو اتحاد الصناعات المصرية، إن سبب أزمة الدولار هو انعدام الثقة بين المواطن والجهاز المصرفى، والتخوف من وضع الدولار فى البنوك، كما يأتى نتيجة قرار تحديد معدلات السحب من البنوك.

وأوضح «الشاهد» أن هناك تخوفات بسبب قرارات البنك المركزى بتقييد السحب بالجنيه المصرى والاعتمادات المستندية، مطالبًا بضرورة إعادة النظر فى تلك القرارات.

وأشار إلى وجود قيود على وضع الدولار فى البنوك، كحصيلة للاستيراد والتصدير، ما يتسبب فى لجوء المستوردين إلى أساليب أخرى دون التعامل مع البنوك، مثل البحث عن شخص يمتلك حصيله دولارية ويكون الشراء بسعر أعلى من سعر البنك، مضيفًا أن هناك تعويمًا بالفعل للدولار خارج السوق المصرفية، وبالتالى يجب إنهاء مسألة وجود سعرين فى السوق، مطالبًا بإعادة الثقة بين الجهاز المصرفى والمواطنين مرة أخرى.

وقال إن تعويم الجنيه فى الوقت الحالى يسهم فى خفض الأسعار بسبب وجود الدولار بسعر أعلى من قيمته فى السوق الموازية، مؤكدًا أن تدبير العملة وتوفيرها بسعر موحد يسهم فى ضبط الأسعار، متابعًا: «ارتفاع الأسعار حاليًا سببه عدم استقرار سعر الدولار ما يزيد نسبة التضخم فى السوق وارتفاع سعر المنتجات بشكل كبير».

من جهته، قال أحمد جابر، عضو اتحاد الصناعات المصرية، إن حل الأزمة الدولارية يعتمد على الدولة بشكل أساسى، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات قاسية إلى حد ما، منها وقف استيراد بعض السلع مثل الأجهزة المنزلية التى تُصنع محليًا.

وذكر أن هناك كثيرًا من السلع لها بديل محلى، ومن ثم يمكن الاستغناء عن استيرادها، مشددًا على ضرورة تشديد العقوبات على المخالفين، والتركيز على قطاع الصناعة ودعم المنتج المحلى، مثلما حدث فى فترة أزمة كورونا والاستغناء عن السلع الغذائية الاستفزازية، بجانب التوسع فى التصدير وحل جميع المعوقات فى هذا الشأن.

وقال متى بشاى، عضو الغرف التجارية، إن تخفيف العبء عن الدولار يعتمد على التصنيع والصادرات، داعيًا إلى التقليل من استيراد السلع غير الأساسية، ومؤكدًا ضرورة حماية الصناعة الوطنية ودعم التصنيع المحلى ومنع استيراد المنتجات التى لها بدائل محلية بنسبة ١٠٠٪، لتقليل الضغط على الدولار.

من جهته، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، إن دخول مصر فى شراكات دولية وتحالفات اقتصادية سيدعم خفض الاعتماد على الدولار، موضحًا أن انضمام مصر لتجمع «بريكس» سيؤدى إلى فتح أسواق بديلة، مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل، وسيتم الاعتماد عليها فى التبادل التجارى، والاعتماد على العملات المحلية بين دول الأعضاء.

وأشار إلى أن زيادة حجم الصادرات تزيد الموارد الدولارية، كما أن تحرير سعر الصرف وتوحيد سعر العملة يؤديان إلى الاستقرار المالى، ويقللان من استهلاك الدولار بطرق غير سليمة، خاصة فى السوق الموازية.

فى السياق ذاته، قال المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذى العضو المنتدب للشركة المصرية للاتصالات، إن توجه القطاع الخاص للاعتماد على المكون المحلى، بديلًا عن المستورد، أصبح ضروريًا فى هذه المرحلة.

وأضاف أن «المصرية للاتصالات» تعاقدت مع الهيئة العربية للتصنيع لإقامة مصنع «الفايبر» تشجيعًا للتصنيع المحلى، مشيرًا إلى أن الشركة استثمرت نحو ١٠٠ مليار جنيه فى مشروعات البنية التحتية للاتصالات خلال العامين الماضيين.

وأوضح أن الشركة بدأت فى الاعتماد على المكونات المحلية الصنع لتقليل الاعتماد على الدولار، إذ إن التصنيع المحلى خطوة مهمة للحد من استنزاف العملة الدولارية، مؤكدًا أن الشركة تتعاون مع الدولة فى هذه السياسة.

وقال المهندس سطوحى مصطفى، رئيس جمعية مستثمرى أسوان، إنه يجب خفض المكون الدولارى فى الصناعات عبر إنشاء مصانع لمستلزمات الإنتاج، مع إطلاق برامج تحفيزية جديدة للصناعة للتوسع فى حجم الاستثمارات المحلية.

وأشار «مصطفى» إلى ضرورة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية عبر تحفيز المستثمرين لزيادة ضخ رءوس الأموال، مضيفًا: «تنمية الاستثمارات تساعد فى خفض المكون الدولارى للمشروعات، وتسهم فى جلب العملة الصعبة، وبالتالى تقليل احتياج مصر من التمويلات الخارجية التى تكون عبارة عن قروض وديون خارجية».

من جهته، طالب المهندس إبراهيم المناسترلى، رئيس هيئة الرقابة الصناعية السابق مستشار الهيئة العربية للتصنيع، بإطلاق محفزات جديدة للصناعة المحلية لمساعدة المستثمرين فى زيادة أموالهم، مثل تقديم أراضٍ صناعية بسعر مخفض، مع العمل على دعم الطاقة، وخفض الضرائب للمشروعات الصغيرة، وأيضًا الصناعات الاستراتيجية المهمة التى تحتاج إلى زيادة طاقات صناعية ضخمة ويتم استيرادها من الخارج.