رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وسيم السيسى: أجدادنا كانوا يصومون 30 يومًا فى السنة.. والحج كلمة مصرية تعنى «الاتجاه إلى النور»

الدكتور وسيم السيسى
الدكتور وسيم السيسى

قال الدكتور وسيم السيسى، المفكر والباحث فى المصريات، إن التوحيد فى الديانة المصرية كان موجودًا منذ عصر الأسرة الأولى وقبل بناء الأهرامات، وليس منذ عصر «أخناتون» فى الأسرة الـ١٨.

وأكد «السيسى»، فى الجزء الثانى من حديثه إلى برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على فضائية «إكسترا نيوز»، أن كلمة «الدين» نفسها مصرية، مشيرًا إلى أن الأديان الثلاثة لها جذور مصرية قديمة، حتى إن ألواح النبى موسى كانت مكتوبة بالهيروغليفية، لأن «العبرية» لم تكن قد ظهرت بعد.

وشدد على أن القضية الفلسطينية هى قضية سياسية لا دينية، لأن فلسطين نفسها موجودة قبل إسرائيل، بنص التوراة نفسها، معتبرًا أن ما يحدث فى غزة هو أول مسمار فى نعش دولة الاحتلال الإسرائيلى، لأنها المرة الأولى التى يدافع فيها الفلسطينيون عن أنفسهم وأرضهم بهذه القوة، كما أن ما فعله الإسرائيليون خلق آلاف الأعداء الجدد الذين سينتقمون من إسرائيل على المدى الطويل. 

 

■ الدين فى مصر مُكون أساسى من مكونات الشخصية وتجلياته واضحة منذ قديم الأزل فيها.. فكيف ترى هذا الموضوع؟

- العالم كله حتى عهد السيد المسيح، وحتى اليهود، كانوا يؤمنون بأن الأرواح تذهب بعد الموت إلى أرض الظلمات، ويطلقون عليها بالعبرية أرض سيول، بينما مصر القديمة قبل السيد المسيح بآلاف السنين، وتحديدًا قبل نحو ٦ آلاف سنة، كانوا يعرفون أن الأرواح تذهب بعد الموت لتحاسب وتحاكم، وبعد ذلك إما إلى الجنة أو النار أو الحيوان الذى يلتهم الميت، فمصر عرفت وعرّفت العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة. 

وأكبر دليل على ذلك هى الكلمات المتعلقة بالدين نفسها، فمثلًا أحمد كمال باشا جمع لنا ١٦ ألف كلمة نرددها ولا نعرف أنها مصرية قديمة، فكلمة «دين» على سبيل المثال مكونة من مقطعين، «دى» وتعنى «٥» بالمصرى القديم، و«ين» ومعناها شعيرة دينية، فكلمة «دين» معناها «شعيرة دينية خماسية».

والدين فى مصر قام على التوحيد ولدينا الأدلة على ذلك، ونجد فى بهو الأهرام مكتوبًا بالهيروغليفية كلمات «أجد نفسى بنفسى وليس مثلى أحد»، و«وا» وتعنى «واحد»، و«واع» وتعنى «أحد»، أى تعنى «واحدًا أحد»، و«نم» يعنى «لا» وليس «سم» أى «ثانى»، يعنى «واحدًا أحدًا ليس له ثان»، وهذا هو الأصل الفرعونى لفكرة التوحيد، وأصل العقيدة.

وأخناتون كان فى الأسرة الـ١٨، لكن الأهرامات كانت من الأسرات الأولى، لكن أخناتون أراد أن يُغلب مذهبًا على مذهب، وهو مذهب «الأتونية»، وهو أن الله يتجلى فى قرص الشمس، فالله «نور للنور»، وقوة كونية بائنة، أما القوى «الأمونية»، فكانت تؤمن بأن الله لا يمكن رؤيته أو معرفة اسمه، لأنه فوق مدارك عقول البشر.

فالتوحيد إذن لم يبدأ بأخناتون، الذى شتت العالم، حتى إن هناك من لم يضعه فى مراتب الملوك ويعتبرونه الفرعون المارق، لأنه لخبط الدنيا ووضع البلد فى خلافات طائفية، ولكن التوحيد بدأ من الأسرة الأولى ومن عهد الأهرامات، وكانوا ينادون على «الله الواحد الأحد»، ويقولون «يا مرشد الأبدية»، و«يا من يجعل الجنين يكبر فى بطن أمه»، ويقولون «لم ألحق ضررًا بإنسان أو أتسبب فى شقاء حيوان»، وكتاب «فجر الضمير» لـ«بريستد» ذكر الحكم القديمة لـ«امنموبى»، «أمين نوبى»، وسفر الأمثال فى التوراة والعهد القديم نقله بالنص.

ومصر القديمة كانت تصلى وقبل الصلاة هناك الوضوء ونية الوضوء وبيت الوضوء، وعندما تذهب للحج وتقابل باكستانى مثلًا ويسألك عن مكان الوضوء فهو يقول لك «البردو فيل؟»، وهذه كلمة فرعونية قديمة.

■ ما الأصول والجذور المصرية للأديان السماوية الثلاثة؟

- الجذور المصرية فى الأديان السماوية الثلاثة، فمثلًا كان المصريون القدماء يحتفلون بعيد ميلاد أوزوريس فى ١٥ كيهك، يعنى ٢٤ ديسمبر، لأن هذا التاريخ هو أقصر نهار فى العام، وبعد ذلك يطول النهار، والمسيحية تحتفل أيضًا بـ«عيد الميلاد» فى نفس التاريخ.

والاحتفال بأوزوريس، وهو إدريس، وذكر فى القرآن الكريم أنه كان صِديقًا نبيًا، وهذا النطق اليونانى لاسمه، وكانوا فى عيد ميلاده يحضرون شجرة، لأن أوزوريس بعد ما قتله أخوه قطع جسمه ووزعه على الأقاليم، لذا كانوا يأتون بشجرة على شبكة طبقات لتمثل السموات المختلفة.

ولدينا صور «مار جرجس» وهى نفسها صورة «حورس» وهو يركب الحصان ويضرب التمساح بالرمح لأنه رمز الشر، وكانوا أيضًا يحتفلون بقيامة أوزوريس بين الأموات، وهو «عيد القيامة».

ولذلك، قبلت مصر المسيحية، والتسليم موجود بأن لها أصولًا قديمة، والقديس مرقس عندما جاء إلى مصر ليبشر بالمسيحية انقطع حذاؤه وقابل إسكافيًا ليصلحه له، وعندما دخل المخراز فى إصبعه نطق «يا الله الواحد»، فبشره بالمسيحية والمسيح والعذراء مريم، فرد عليه المصرى وقال له إن لدينا العذراء إيزيس وحورس، فاعتبر القديس مرقس أو «سان مارك» أنه وجد المسيحية فى مصر، وكان هذا سببًا من أسباب قبول المصريين لدخول المسيحية، لأنها قريبة جدًا من المعتقدات المصرية القديمة.

والقرآن الكريم يقول «يخرون للأذقان سجدًا»، ولا أحد كان يسجد بذقنه إلا أجدادنا، المصريون القدماء، فالإسلام والتوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله والوضوء والحج والصلاة بالذقن للأرض وكل هذا كان موجودًا منذ عصر الأسرة الأولى.

والمصريون القدماء كانوا يصومون ٣٠ يومًا، ويستقبلون شهر الصيام كما نستقبله نحن الآن بأغنية «وحوى يا وحوى» أى «أهلًا أهلًا»، وهى أغنية من أصول فرعونية، وكانوا يصومون من الفجر لغروب الشمس، وينتهى الصوم بعيد كبير يسمى «عيد السلام الكبير».

و«الحج» أيضًا كلمة مصرية قديمة وتعنى «النور» أو «الضياء»، و«الحجاز» أيضًا كلمة مصرية قديمة وتعنى «المتجه إلى النور»، و«الكعبة» كلمة مصرية قديمة وكانت تنطق «كابا»، ودخلت الإنجليزية كما دخلت العربية قبلها وأصبحت «كعبة»، وكان المصريون يحجون لقبر أوزوريس فى أبيدوس فى جنوب سوهاج.

وهناك أيضًا «ماعو» وهى كلمة مصرية قديمة معناها «الزكاة»، وذكرت فى القرآن الكريم فى قوله «ويمنعون الماعون» أى «يمنعون الزكاة»، وفسرها اليونانيون بذلك. 

وهذه الأركان الخمسة الموجودة فى الإسلام، والقرآن الكريم يؤكد هذا كله فى قوله تعالى «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم»، وجاء فى بعض الأحاديث أنهم كانوا يصومون شهر رمضان بالاسم، وهذا ما كتبه نديم عبدالشافى فى كتابه «المصريون القدماء أول الحنفاء»، لأن كلمة «حنفة» كلمة مصرية قديمة، وتعنى «الخاضع للإلة الواحد»، ولذا فإن أقرب لغة لفهم المصرية القديمة هى اللغة العربية، لأنها من اللغات السامية وتشترك فى الجذر الثلاثى والتأنيث والمثنى وغير ذلك.

واللغات السامية مثل المصرية القديمة والعربية والفينيقية والفارسية، كلها لغات تشترك فى أشياء كثيرة، والله خاطب «موسى» باللغة المصرية القديمة لأن العبرية لم تظهر إلا بعد وفاة «موسى» بـ٣٠٠ سنة، حسبما كتبه لنا الدكتور فؤاد زكريا على، أستاذ اليونانية فى جامعة القاهرة، فى كتاب «التوراة الهيروغليفية»، وكيف أن الله كتب الألواح لسيدنا موسى بالهيروغليفية لأن العبرية لم تظهر بعد.

■ فى منتصف التسعينيات كانت هناك دراسات ظهرت وتم الرد عليها تقول إن المصريين القدماء هم من قاموا ببناء الكعبة.. فماذا ترى فى هذا الموضوع؟

- بالطبع، لأن «إدريس» ارتحل وكانت المنطقة التى رحل إليها هى منطقة الحجاز، وكلها كانت تحت حكم مصر من الأول للآخر، وفلسطين أيضًا، وفى عهد الأسرة الـ١٨ كانت المناطق كلها، من بلاد ما بين النهرين شمالًا وحتى إثيوبيا جنوبًا وبرقة غربًا تحت حكم مصر، والجزيرة العربية كانت تخضع لحكم مصر، والدليل على ذلك أنه منذ ٢٠ عامًا استخرج وزير الآثار فى السعودية تمثال رمسيس الثالث من وسط السعودية، وهو من أعلن عن ذلك.

وكانت الأسماء فى الجزيرة العربية حتى القرن الثانى الميلادى هى أسماء مصرية قديمة، فمثلًا «يثرب» تعنى «أتريب»، وهى مدينة «بنها» فى مصر حاليًا، وهى مدينة مصرية، و«مكة» كان اسمها «باكا»، وتعنى «الروح» أو «النفس الأمينة»، وجاءت فى القرآن كلمة «بكة»، وهما كلمتان مصريتان.

وصدق صلاح جاهين عندما قال «من أرضنا هل الإيمان»، والبشرية لم تعرف أن هناك عالمًا بعد هذا العالم وأن هناك ثوابًا وعقابًا وحسابًا إلا من مصر، ولو أردت البحث عن أى شىء فى موضوع الدين والجنة والنار والتوحيد والعقيدة والاحتفالات ستجده فى مصر، فمثلًا «عاشوراء» هو عيد من المصريين القدماء، لأنهم كانوا يحتفلون فى اليوم العاشر من شهر ديسمبر برمى بذور القمح، وكانوا يتناولون «البليلة»، وقد أخذه اليهود من المصريين القدماء، وبعدها قال الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام: «نحن أولى بعاشوراء منهم».

■ من الخطأ الذى وقعنا فيه هو أننا نعالج القضية الفلسطينية من زاوية دينية رغم أنها سياسية وهناك نوع من التدليس التاريخى الخاص بها.. فما رأيك فى ذلك؟

- فى العهد القديم لدى الإسرائيليين قال الله سبحانه وتعالى لـ«إبراهيم»: «أعطيك أرض غربتك»، أى أنه غريب عن هذا البلد، وهناك حادثة أخرى هى أن «إبراهيم» قدم على مصر وكانت زوجته «سارة» فى عمر السبعين عامًا وهى راعية غنم.

ولى رؤية ناقدة لهذا الكلام، لأن المصريين كان يعتبرون رعاة الأغنام رجسًا، فهل «سارة» راعية الغنم يشتهيها الملك كما يقول الإسرائيليون وعمرها ٧٠ عامًا؟!، ولهذا يرون أن الله أنزل اللعنات على رأس الملك، كما أن «إبراهيم» قال للملك إنها شقيقته وليست زوجته، فالملك، وفقًا لقصة التوراة، كان نبيلًا ومنح «إبراهيم» بغالًا وحميرًا واثنين لحراسته حتى يخرج من أرض مصر.

و«إبراهيم» عندما خرج من مصر قال لزوجته: «لأنى نلت خيرًا بسببك فى مصر سنذهب لفلسطين، قولى لأبى مالك ضرار بفلسطين إنك شقيقتى»، والمهم فى الرواية أن فلسطين كانت موجودة طبقًا للرواية التوراتية.

والدراسات الحديثة تشير إلى أن الإسرائيليين هم ناس خارجون عن الدولة الفلسطينية وعانوا كثيرًا الظلم وشكلوا مجموعات وأصبحوا مناوئين لهم، وأخذوا أسماء مثل «يهودا» وبدأوا يحاربون القبائل الأخرى، ومن الواضح أن فلسطين نفسها كانت موجودة قبل «إبراهيم»، وإسرائيل لم تكن موجودة، فإذن هم ليسوا أصحاب الأرض.

ولدينا كتاب «التوراة اليهودية» وقد ألفه اثنان من علماء الآثار اليهود، أحدهما أستاذ فى جامعة تل أبيب، والآخر أستاذ بأمريكا الجنوبية، أتى بكل تلك الحقائق، وتمت ترجمته عربيًا.

■ ما تعليقك على من ينظر للقضية الفلسطينية على أنها دينية وليست سياسية؟

- بعض الناس يعتبرون أن القضية الفلسطينية قضية دينية وهذه خطيئة سياسية، ويجب الابتعاد فى تناول القضية عن الدين لأن الفلسطينيين هم ناس يدافعون عن أرضهم وليس دينهم، لأن إسرائيل انتزعت منهم أرضهم.

وما يحدث فى غزة عندما ننظر إليه على المدى البعيد سنرى أنه أول مسمار فى نعش الدولة التى تسمى نفسها إسرائيل، لأنه ولأول مرة يدافع الفلسطينيون عن أرضهم بأنفسهم بهذه القوة، فمصر مثلًا قدمت ١٠٠ ألف شهيد فى فلسطين فى عام ١٩٦٧.

وإسرائيل حاليًا سعيدة لأنها أسقطت أكثر من ٢٠ ألف شهيد و٦٠ ألفًا من الجرحى، ولكنها خلقت أيضًا آلاف الأعداء على المدى البعيد، فأى انتقام ستكنه لها عائلات الضحايا فيما بعد.

وفى العصر الحديث حدث نوع من التشوه الدينى، وأصبحنا نسمع كثيرًا عن الفتن الطائفية والتمييز الدينى، وهنا لا بد أن نفهم الدوافع الشريرة لدول الاحتلال، ومبدؤها فى «فرِّق تسُد»، فالاحتلال هو من قسّم الهند، وحاول ذلك مع مصر، واللورد كرومر، المستعمر البريطانى، قال: «أقباط مصر أعداء لنا، وتم طردهم من وظائفهم واستبدالهم بالمسيحيين السوريين، لأنهم رفضوا مخططه، وهذا مبدؤه».

وبعض القادة الإسرائيليين قالوا بوضوح: «لا يمكن لإسرائيل أن تكون لها اليد العليا إلا إذا دمرنا مصر والعراق وسوريا وحولناها لدويلات، ونجاح ذلك يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل الطرف الآخر».

ولهذا أصبح يوجد شيعة وسنة فى العراق، ودروز وعلويون وأكراد فى سوريا، وإسرائيل لعبت لفترة لإحداث الوقيعة بين الأقباط والمسلمين بمصر، لكنهم وجدوا أن مصر هى كتلة صعبة من الأقباط والمسلمين يصعب تفكيكها.

وخلال اجتماع لى فى عام ٢٠١٥ بإنجلترا، التى أقمت فيها لسنوات طويلة، قلت لهم إن آخر مقال لى بجريدة «الديلى ميل» أوضحت فيه أنى أعتبر إنجلترا بيتى الثانى، لكن الحكومة الإنجليزية لها مواقف معنا، فهى التى منحت حسن البنا مبلغ ٥٠٠ جنيه إسترلينى، أى ما يعادل ٥ ملايين جنيه مصرى لتقسيم مصر، ولكن لم يستطع أحد أن يفرقنا.

وقلت لهم إن «النقراشى» عندما ذهب لمجلس الأمن وقال للإنجليز «اخرجوا من أرضنا» أعطيتم أمرًا لحسن البنا والإخوان لتصفيته، لذا فهم مجرمون وعلينا أن نفهم ذلك، لكننا ساعدنا الدول الاستعمارية بجهلنا، لأننا لم نأخذ من الدين جوهره.

■ عندما وصل الإخوان للحكم ماذا كان شعورك؟

- عندما وصل الإخوان للحكم فى مصر كنت أعلق وأقول إننى سعيد لأنهم جاءوا للحكم، لأن الناس كانت تتمنى ذلك، وكنت أقول لهم إن الله إذا أراد أن يعاقب قومًا حقق لهم أحلامهم، وفى النهاية الإخوان باعوا البلد لتصبح شمال سيناء إمارة إسلامية.

وكونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، كانت تقول إن «مصر الجائزة الكبرى»، والإخوان كانوا يقولون: «ملايين ملايين.. على القدس رايحين»، وبعد الحكم قالوا «صديقى العزيز بيريز»، وقالوا إن اليهود لهم حق فى ممتلكاتهم بمصر. 

وهناك فارق بين الانتماء والولاء، الانتماء هو أن الكل ولد فى مصر ولكن ولاء الناس يختلف، فنجد شخصًا يقول إن الوطن ما هو إلا حفنة من تراب، وآخر يضحى بنفسه من أجل الوطن، ولكن حتى يحب الشخص بلده فإن بلده يجب أن تحبه.

وهناك قصة لولد يدعى «توماس»، وهو بريطانى الجنسية قبض عليه خلال تهريب المخدرات بتركيا وحكم عليه بالسجن ٣ سنوات، وسفير بريطانيا زاره بالسجن، وأيضًا رئيس وزراء بريطانيا وقتها، وطلبوا أن يؤدى الفتى العقوبة فى إنجلترا ولكن تركيا رفضت.

ووقتها، وصفتها «الديلى ميل» الأمر بالعنجهية، لكن هناك مدرسة جمعت لهذا المسجون مبلغ ٣٠٠ جنيه لدفع الغرامة، ووصله ما بين ٢٠٠ و٣٠٠ خطاب، ولأنه لم يستطع الرد عليها جميعًا أرسل هذا الشاب المسجون خطابًا للصحيفة وقال فيه: «أعزائى.. جميع الشعب البريطانى الذى ليس هناك مثله.. إننى على استعداد لأن أسفك دمى من أجلكم»، فالدولة انتمت له فبادلها نفس الشعور.

وخلال محاضراتى بأكاديمية ناصر وأكاديمية الشرطة دائمًا أؤكد هذه النقطة وأقول: «اجعل المواطن يخرج من عندك وهو يحب بلده، لأنه عندما يدخل لديك وتجرح كرامته فإنه سينقم على البلد وعليك».