رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والصين.. وفلسطين

باتفاق الجانبين على استمرار التواصل والتنسيق لإيجاد حل دائم وشامل وعادل، وفقًا للمُحددات الدولية، انتهى البيان المصرى الصينى المشترك بشأن القضية الفلسطينية، الصادر أمس الأحد، عقب مباحثات بين سامح شكرى، وزير الخارجية، ووانج يى، وزير خارجية الصين، عضو المكتب السياسى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، الذى اختار مصر لتكون أولى محطات جولته الإفريقية، فى مطلع السنة الجديدة، الممتدة إلى الخميس المقبل، وتشمل تونس، توجو، وكوت ديفوار.

تلك هى السنة الرابعة والثلاثين، على التوالى، التى تكون فيها القارة السمراء هى وجهة الزيارة السنوية الأولى لوزراء خارجية الصين. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، كيف أن التنين الصينى يواصل صعوده السريع إلى قمة النظام الدولى، اقتصاديًا، وسياسيًا واستراتيجيًا، مستفيدًا من التطورات الدراماتيكية المتلاحقة، التى تشهدها الساحة الدولية، ومن الرعونة الزائدة التى تدير بها الولايات المتحدة سياساتها الخارجية، خاصة فى أمريكا اللاتينية وقارة إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.

المهم، هو أن وزير الخارجية الصينى زار القاهرة، أمس، وخلال جلسة المباحثات الموسعة بين وفدى البلدين جرى تبادل وجهات النظر بشأن القضية الفلسطينية، والصراع الفلسطينى الإسرائيلى، والأزمة الراهنة فى قطاع غزة، وتوافق الجانبان على ضرورة الوقف الفورى والكامل لإطلاق النار، ووقف كل أعمال العُنف والقتل واستهداف المدنيين والمنشآت المدنية، مع رفض وإدانة كافة انتهاكات القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، والنقل الجبرى، الفردى والجماعى، والتهجير القسرى للفلسطينيين. كما ناشد الجانبان المجتمع الدولى والمانحين الدوليين لتقديم كافة سبل الدعم لـ«السلطة الوطنية الفلسطينية»، وتسهيل قيامها بممارسة المهام المنوطة بها على أكمل وجه فى كافة الأرض الفلسطينية المحتلة. 

أيضًا، خلال لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، جرى تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع على المستويين الدولى والإقليمى، واتفق وزير الخارجية الصينى مع الموقف المصرى، مثمنًا دور مصر المشهود له دوليًا، على المسارين السياسى والإنسانى، وما تحملته الدولة المصرية من مسئولية تاريخية فى التصدى لحشد واستقبال وتجميع المساعدات من جميع دول العالم، ثم بذل الجهود اللازمة للتغلب على العقبات والتعقيدات أمام إيصال تلك المساعدات، بالتنسيق مع الأمم المتحدة. مع تأكيد ضرورة تحمل المجتمع الدولى مسئولياته بشأن إنفاذ المساعدات، اتساقًا مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

الرئيس الصينى شى جين بينج، كان قد دعا إلى عقد «مؤتمر سلام دولى» لحل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى، وأعلن عن استعداد بلاده للتنسيق مع روسيا بهذا الشأن. وتأسيسًا على ذلك، شدّد البيان المصرى الصينى على ضرورة تحمل المجتمع الدولى مسئولياته لخلق أُفق سياسى للسلام، من خلال البدء فى تنفيذ رؤية حل الدولتين، وعقد مؤتمر دولى، لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، يُنهى الاحتلال، ويجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة، متواصلة الأراضى، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى دعم حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.

تناول البيان المصرى الصينى المشترك، أيضًا، تطورات الأوضاع فى البحر الأحمر، إذ أعرب الجانبان عن متابعتهما الحثيثة لهذه التطورات، مشيرين إلى أهمية قراءتها ارتباطًا بالأوضاع فى غزة باعتبارها مسببًا رئيسيًا لها، كما عبّرا عن القلق إزاء اتساع رقعة الصراع، مع التشديد على أهمية تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل الوقف الفورى للاعتداءات الإسرائيلية، والعمل على خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة، وأكدا، كذلك، أولوية تأمين سلامة وأمن الملاحة فى البحر الأحمر. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية الصينى قال خلال المؤتمر الصحفى، الذى عقده مع وزير خارجيتنا، إنّ مصر حققت إنجازات عظيمة خلال السنوات الماضية. ووجّه، باسم الصين، التهنئة للرئيس السيسى عن فوزه فى الانتخابات الرئاسية بأغلبية كبيرة، معربًا عن ثقة بلاده فى أنه سيواصل قيادة مصر إلى تحقيق المزيد من الإنجازات. وبمناسبة الذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، التى تحلّ هذا العام، أشار وزير الخارجية الصينى إلى أن مصر والصين فتحتا عهدًا ذهبيًا لتطوير العلاقات، مؤكدًا ثقته فى أن الشراكة الاستراتيجية الشاملة مقبلة على عهد أكثر إشراقًا.