رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفدان من الكونجرس

فى إطار جولة إقليمية بالمنطقة، زار القاهرة، خلال يومين متتاليين، وفدان من الكونجرس الأمريكى، ترأست أولهما جونى إرنست، وضم أعضاء بالحزبين الديمقراطى والجمهورى، من مختلف اللجان. والثانى ضمّ كريستوفر فان هولين وجيفرى ميركلى، عضوى لجنتى الاعتمادات والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عن الحزب الديمقراطى. وفى إطار التشاور المستمر بين مصر والولايات المتحدة، على مختلف المستويات، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى الوفدين بحضور سامح شكرى، وزير الخارجية، وأجرى معهما حوارين مفتوحين بشأن تطورات المشهد الإقليمى، خاصة فى قطاع غزة.

زيارات وفود الكونجرس، المتتالية، تعكس خصوصية العلاقات بين البلدين، وعُمق شراكتهما الاستراتيجية، وما يجمعهما من روابط وعلاقات تعاون وثيقة ومتشعبة. وهو ما عكسه، مثلًا، تضمين مصر فى أول جولة للمنطقة يقوم بها كيفن مكارثى، Kevin McCarthy، رئيس مجلس النواب، فى مايو الماضى. وكذا الزيارة التى قام بها، خلال الشهر نفسه، وفد من أعضاء اللجنة الدائمة لشئون المخابرات بالمجلس، المعروفة اختصارًا باسم «HPSCI»، التى تشرف على أنشطة وكالات المخابرات، الخارجية والداخلية. وأيضًا، تلك الزيارة التى جرت أواخر أغسطس الماضى، وضمت عددًا من ممثلى الحزبين الديمقراطى والجمهورى، مسئولى وأعضاء لجان مختلفة بمجلسى الشيوخ والنواب.

خصوصية العلاقات بين البلدين عكستها، أيضًا، إشارة الرئيس السيسى، خلال استقباله تلك الوفود، إلى الأهمية التى توليها مصر للتواصل مع قيادات الكونجرس الأمريكى فى إطار التنسيق والتشاور بين البلدين، على مختلف المستويات، خاصة فى ظل الواقع الإقليمى والدولى المضطرب، وما يفرزه من تحديات متصاعدة، وأزمات متلاحقة، فى الغذاء والطاقة والتمويل، طال تأثيرها غالبية دول العالم. وفى هذا السياق، شهد لقاءا الرئيس، الأربعاء والخميس، أعضاء وفدى الكونجرس، تأكيد أهمية ومحورية الشراكة الاستراتيجية والعلاقات الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة. 

تطورات المشهد الإقليمى، خاصة فى قطاع غزة، كما أشرنا، كانت أبرز الملفات التى تناولها اللقاءان، اللذان استعرض الرئيس السيسى خلالهما السياق العام للأوضاع الحالية، مشددًا على ضرورة العمل بجدية على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقًا للمرجعيات الدولية المعتمدة. كما أكد الرئيس أن الأولوية الراهنة تتمثل فى التوصل إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وإغاثة المدنيين الذين تعرضوا للنزوح، وإنفاذ المساعدات بالكميات الكافية لمواجهة المأساة الإنسانية التى يواجهها أهالى القطاع، مع بدء مسار جاد، بإجماع دولى، للتسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، اتساقًا وتنفيذًا للقرارات الأممية ذات الصلة. كما شدد الرئيس، أو جدّد تشديده، على رفض مصر التام محاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

بعد إشادتهم بالدور التاريخى الذى تقوم به مصر، على المسارين السياسى والإنسانى، وبمساعيها الدءوبة كقوة تعمل من أجل السلام والاستقرار والتنمية، استعرض أعضاء الوفدين الجهود التى يبذلونها داخل الكونجرس الأمريكى من أجل احتواء الأزمة المتفاقمة وتداعياتها الإنسانية الخطيرة. ثم طرحوا استفسارات عن الرؤية المستقبلية للرئيس، الذى ردّ عليها بالتشديد، مجددًا، على أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار المستدامين فى المنطقة هو التسوية القائمة على العدل، بما يحقق الأمن الحقيقى لجميع شعوب المنطقة، وينزع فتيل الأزمات والحروب على هذا الصعيد. كما أكد الرئيس أهمية العمل المكثف والمسئول لتجنب اتساع نطاق الصراع، لما لذلك من تبعات خطيرة على السلم والأمن الإقليميين، خاصة مع تزايد حدة وكثافة المناوشات على الساحة اللبنانية وفى العراق وسوريا، مشددًا على أن أمن الملاحة فى البحر الأحمر ضرورة لانسياب وأمن حركة التجارة العالمية. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن أعضاء الوفدين أكدوا حرص الولايات المتحدة، والكونجرس بصفة خاصة، على تطوير مجالات التعاون المشترك بين البلدين، إدراكًا لمكانة ودور مصر الإقليمى وجهودها الدءوبة لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة. وشددوا على رفضهم القاطع أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وأكدوا ضرورة العمل على تهدئة الأوضاع فى المنطقة عمومًا، بما يرسخ دعائم الأمن والاستقرار، على المستويين الإقليمى والدولى.